أكد علماء الدين أن إلغاء ساعات التدريب العملي علي الخطابة وضعف رواتب الأئمة وانصرافهم عن القراءة وتنمية المهارة الخطابية لانشغالهم بمهن أخري لزيادة دخولهم, أدي إلي ضعف الآداء الخطابي. وعدم إدراك الخطيب لواقع الأمة, فأصبحت خطبة الجمعة في واد والناس في واد آخر, وقال الدكتور يسري محمد هاني, أستاذ الدعوة بجامعة الأزهر, إن إمام المسجد خطيب الجمعة يعد ركنا مهما من أركان تبليغ الدين وتبصير الناس وهدايتهم إلي خيري الدنيا والآخرة, وهو أحسن الناس قولا بدليل قول الله تعالي: ومن أحسن قولا ممن دعا إلي الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين, لذا قرأ الحسن البصري هذه الآية ثم قال: هذا حبيب الله, هذا ولي الله, هذا صفوة الله, هذا خيرة الله, هذا أحب أهل الأرض إلي الله, أجاب الله في دعوته, ودعا الناس إلي ما أجاب الله فيه من دعوته, وعمل صالحا في إجابته, وقال إنني من المسلمين, وقد كانت خطبة الجمعة في أعظم أدوارها وأعلي عطائها علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم ومن تبعه بإحسان فأثرت في المجتمع تأثيرا ناجحا أعطي ثقافة راشدة وعملا منتجا. ويضيف أن هناك عوامل في عصرنا هذا أدت إلي ضعف خطبة الجمعة وقلة تأثيرها في الناس منها, ضعف الإعداد العلمي والعملي للخطيب بسبب ضعف المناهج وخلوها من التدريب العملي حيث ألغيت مادة الخطابة العملية من المقرر الدراسي في كليات أصول الدين والدعوة وأصبح الطالب يتلقي الخطابة النظرية دون أن يحصل علي ساعة واحدة من التدريب العملي, وأضاف قائلا: سبق أن طالبنا في مجالس الأقسام المتخصصة عبر سنوات طويلة بعودة ساعات التدريب العملي علي الخطابة ولم يسمع لنا أحد حتي اليوم فهل يعقل أن يتخرج الطالب من الكلية ليصعد المنبر فجأة, أيضا فإن ضعف راتب الإمام أصبح عاملا من عوامل انصرافه عن القراءة وتنمية المهارة الخطابية لانشغاله بمهنة أخري ليستطيع إعالة أولاده, وأدي ذلك وغيره إلي ظهور الضعف في الأداء الخطابي ومن مظاهره, ضعف إعداد الخطبة في الغالب, وعدم إدراك الخطيب لواقع الأمة فتكون الخطبة في واد والناس في واد آخر, التطويل الممل الذي جعل خطبة الجمعة كابوسا مزعجا للجمهور, تعدد المضوعات في الخطبة الواحدة كأن الخطيب يريد أن يشرح الإسلام كله. وأضاف أن تجديد الخطاب الديني أصبح ضرورة ملحة حتي تؤدي الخطبة والموعظة ثمارها, وأن هذا التجديد لا يعني تغيير الأصول الثابتة في الدين, ولكن يعني إدراك واقع الأمة وملامح مستقبلها لتقديم الصورة المثلي التي يتحقق بها ذلك, وهذا يتطلب عودة التدريب العملي في مادة الخطابة لتقوم أقسام الدعوة بما تقوم به كليات التربية في التدريب العملي لطلابها, وأن تقوم وزارة الأوقاف بالتعاون مع الأقسام المتخصصة في كليات جامعة الأزهر برعاية الطلاب في هذا التدريب المبكر, وإخراج كادر الأئمة براتب يكفي لحياة كريمة ويعطي الخطيب فرصة الوقت الكافي للقراءة والتحضير وزيادة جرعة التدريب والتركيز علي دورات التنمية البشرية وتفعيل المواهب ودراسة الواقع المحلي والدولي, فإذا حدث ذلك فإن مظاهر التجديد تتمثل في, حسن اختيار موضوع الخطبة والموعظة ليتناسق مع الواقع حتي يحس الجمهور أنه يعالج الأمور التي يعيشها والتي ينتظر رأي الإسلام فيها, وألا يرتدي المنبر عباءة حزبية بل يكون الإمام شارحا للإسلام ناصحا لأهله ولجميع المسلمين فيقول كلمة الحق ويهدي إليها بصرف النظر عمن يوافقه أو يخالفه, وأن تكون الخطبة وجيزة, وهذه سنة النبي صلي الله عليه وسلم علي منبره حتي يخرج الجمهور مشتاقا إلي الخطبة القادمة.