أسامة فرج في العربية يرفع الفاعل وهذا من حقه, فهو يستحق الرفعة والرفع والتكريم لأنه يتعب ويشقي ويجتهد ويقوم بفعل من شأنه أن يغير به ما حوله.. يضيف به إلي الدنيا ما لم يكن فيها.. الفاعل يستحق الرفع والرفعة والتكريم لأنه يعبر بفعله عن إرادة وقدرة علي تحمل ما يترتب علي ذلك الفعل من نتائج.. الفاعل يستحق الرفع والرفعة والتكريم لأنه يمارس بفعله معني الحرية حين يختار ويفاضل بين الأفعال. وأفعال الفاعل إما( ماضية) قام بها في وقت سابق, فهي تستحق الذكر والتذكير بها.. أو هي أفعال( يضارع) بها أقرانه ويريهم ما يفعل في الحاضر وما سيفعل في( المستقبل) فيستحثهم علي المنافسة ويلفت انتباههم إليه وينتزع منهم الإعجاب والثناء.. ولم لا وقد اعجبت به اللغة نفسها فرفعته, ووضعت علي رأس الحرف الأخير منه( ضمة) فيها مهابة العمامة وقد تدلت منها عدبة جميلة هفهافة.. ولو تأملنا( الضمة) ستسري في أرواحنا أطعم الحنان والألفة والونس والأمان.. وفي معناها ما يشير إلي النزوع إلي الاكتمال بضم الأطراف في كيان واحد قوي ومتصالح.. والضمة شكلا هي حرف( الواو).. وفي حرف( الواو) ما يوحي بالتوالي والعطف والزيادة والسعي الدائم المتتابع نحو الاكتمال.. وربما لأنها توحي بذلك كله كانت هي دون غيرها علامة رفع الفاعل إذا كان جمعا.. فالجماعات والشعوب والأمم الفاعلة ترفع ويعلو شأنها ونضم شفاهنا ونحن ننطق أسماءها مع نطقنا لحرف( الواو) الموحي البديع. هذا حال( الرفع) لمن أراد أن يرتفع ويعلو شأنه بالعمل والفعل وممارسة الحرية.. أما من ارتضي لنفسه الذل وانحطاط الشأن فلا لوم علي اللغة إذا نصبته وتركته نهبا لمن يريد أن( ينصب) عليه ويستعبده.. فهو بلا حول ولا قوة.. هو( مفعول به).. ينتظر الفعل عليه.. يأكل ويشرب ويلبس من صنع غيره.. لا يقوم بفعل يفتخر به.. هو محسور, كظيم, بائس, علي وجهه عبوس, وفوق الحرف الأخير منه( فتحة) هي علامة النصب.. شرطة كأنها الجرح.. وإذا كان هذا حال( المفعول به) المفرد فحال الجمع أشد نكالا وعلامته أكثر إيحاء بحالة الاستهجان.. علامته حرف الياء التي تذكرنا بقولنا يييه إذا أردنا أن نعبر عن الخيبة الثقيلة. وحالة( السكون) هي الثالثة.. فيها صمت يناسب الانصياع لفعل( الأمر)... علامتها دائرة مقفلة علي الحرف الأخير.. سكون مطبق.. كامل.. مسيطر.. ولا كلمة.. هس. أما حالة( الجر) فتصعب علي الكافر.. المجرور منصاع, تابع لمن يجره ولو إلي حتفه.. مسلوب الإرادة.. قعيد عن الفعل.. مكسور النفس والأرجل والأطراف.. راقد علي كسرة عبارة عن شرطة تشبه الزحافة.. تجره علي الأرض ليسف التراب.