حالة ارتباك شديدة أصابت كل بيت مصري عقب الإعلان عن قانون زيادة ضرائب جديدة تراكم أعباء المواطن الكادح الذي أصبح غير قادر علي العيش في ظل نار الأسعار التي باتت تحاصره أينما ذهب. وبالرغم من تجميد القانون, إلا أن حالة الارتباك لا تزال موجودة لاسيما أن هناك تأكيدات بأن زيادة الضرائب قادمة لا محال, وكل ما تم هو إرجاء تنفيذ هذا القرار لتهدئة الرأي العام وتهيئته لاستقبال هذه الزيادات, مما جعل منه لغزا غير مفهوم للشارع. والسؤال الآن: كيف يتم التعامل مع هذا القانون لو تم تفعيله؟ وهل هناك مخارج لإنقاذ المواطن من حصار الضرائب؟ مصدر مسئول بمصلحة الضرائب المصرية رفض ذكر اسمه قال إن تسريب بعض بنود التشريعات الضريبية الجديدة كان له أثر سلبي علي المجتمع, حيث انتهز التجار وأصحاب المحلات الفرصة وبدأوا في تخزين السلع الغذائية والسجائر وغيرها. ولذلك حدث نوع من الارتباك الشديد مما أدي إلي إرجاء القرار لحين الجلوس مع ممثلي المجتمع المدني والمختصين للوصول إلي حلول مرضية لجميع الأطراف, وقريبا سوف يعلن عن فتح باب الحوار ومناقشة البنود. وبحسبة قام بها الدكتور حمدي عبدالعظيم أستاذ الاقتصاد ورئيس أكاديمية السادات سابقا لتقدير حجم الزيادة في الضرائب علي الأسرة المصرية البسيطة التي تحصل علي دخل شهري قيمته1000 جنيه, فإن هذه الأسرة تحتاج في حالة تطبيق القرار إلي زيادة تقدر بنحو15% في المتوسط, أي ما يعادل150 جنيها إضافة شهرية, وبالتالي فإما أن يقوم رب الأسرة بالاقتراض من الأصدقاء والجيران وإما أن يقلل نفقاته وهذا بالطبع مستحيل خاصة أن الأسرة المكونة من أربعة أفراد علي الأقل تستطيع بالكاد ترشيد نفقاتها علي قدر المستطاع, ولا تستطيع تحمل أي زيادة في أسعار السلع الأساسية علي أقل تقدير. بينما يري الدكتور محسن الخضيري الخبير الاقتصادي انه سوف يحدث شرخا كبيرا في حالة تطبيق القرار, وإنه يجب استخدام الوسائل التمويلية غير النقدية من خلال الاعتماد السريع علي توظيف العمالة العاطلة وبالتالي الخروج من ازمات متلاحقة, واعادة بناء الدولة المصرية واعتماد مشروع تعيين ملايين المصريين الذين انتخبوا الرئيس املا في الخروج من أزماتهم وأولها الفقر, والدخول في برنامج المشروعات المتكاملة في كافة فروع الانتاج سواء الانتاج المعدني أو الزراعي أو الصناعة التحويلية أو الخدمات الانتاجية وبوظائف منتجة ومثمرة. وأيضا ايجاد صيغة للقرار الاقتصادي للتوافق مع احتياجات ورغبات المواطن أولا والابتعاد عن مسببات التوتر والقلق. ويطرح الدكتور حمدي عبدالعظيم بدائل أخري, حيث انه يري أن فرض الضرائب حل سهل, ولكن هناك حلولا أكثر أهمية مثل تحصيل المتأخرات الضريبية المتنازع عليها أمام المحاكم, والتي تقدر بحوالي60 مليار جنيه, وكذلك مكافحة التهرب الضريبي, وكذلك فرض ضرائب علي الاقتصاد الخفي أو الموازي وهو الاقتصاد الذي يعمل بدون تراخيص, ويجب أن يخضع للضرائب بحيث يكون هناك فترة لتوفيق وإمساك سجلات رسمية معتمدة من مصلحة الضرائب, وإعطاؤهم حوافز تشجعهم علي التحول إلي الاقتصاد الرسمي. ويؤكد أحمد النجار عضو اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة أن أسباب اتخاذ قرارات زيادة الضرائب يعود الي سعي الحكومة في البحث عن بدائل لتغطية أو تخفيض عجز الموازنة العامة للدولة, وهذه البدائل تقوم بالأساس علي أسلوبين, الأول هو ترشيد الانفاق العام والثاني زيادة الإيرادات العامة بما فيها الضرائب, وبالتالي فهذه القرارات كانت ضمن تصور الحكومة الحالية لعلاج العجز الحالي في الموازنة. ولكن رؤية حزب الحرية والعدالة كما يؤكد أحمد النجار تختلف عن رؤية الحكومة في هذا الإطار حيث يري الحزب أن البدء لابد وأن يكون عن طريق ترشيد الإنفاق العام بمعني وقف الإهدار المتعمد وغير الرشيد للأموال العامة وليس الدخول في سياسات تقشفية. وعلي سبيل المثال اقرار الحد الأقصي للدخول والاستغناء عن المستشارين الذين لا يمثلون إضافة ولا يقومون بأي أعمال سوي الحصول علي12 مليار جنيه سنويا, وأيضا وقف الإهدار المتعمد للسلع المدعومة والمواد البترولية التي يتم تهريبها والتحول إلي الغاز الطبيعي بدلا من السولار والمازوت الأكثر تكلفة. ويري النجار أن الحكومة لم تعط أي قدوة وأي إحساس بالمسئولية تجاه هذا الوضع, ومنها علي سبيل المثال أحد وزراء المجموعة الاقتصادية الذي يضع تحت تصرفه الشخصي4 سيارات آخر موديل تتجاوز سعر الواحدة مليون جنيه, وكذلك معظم الوزراء. ويؤكد أنه لا حديث عن أي زيادات في الضرائب قبل اتخاذ ما يلزم نحو ترشيد الانفاق العام. وقال أحد المواطنين ويدعي صبري عبدالحكيم موظف حكومي إن فرض ضرائب جديدة علي أكثر من50 سلعة ومنتج وخدمة سيؤدي إلي زيادة كبيرة في أسعار السلع التي شملتها الضريبة, مما يحمل المواطن أعباء جديدة, فوق أعبائه الاقتصادية العديدة, والتي سوف تزيد معاناته, حتي لو كانت تلك السلع ترفيهية وغير أساسية, فهذا سيؤدي إلي ارتفاع عام في أسعار باقي السلع في توقيت غير مناسب علي الإطلاق.