بعيدا عن الكلام في السياسة والهجوم المباشر ضد المحتل الإسرائيلي، قررت سيدتان فلسطينيتان الخوض في تجربة مختلفة والكتابة عن القضية الفلسطينية بشكل آخر. فكتبت رندة عبدالفتاح روايتها الأخيرة بعنوان حينما كان للشوارع أسماء ونشرت سعاد العامري كتابها لن تخسر شيئا إلا حياتك, كل عن دار بلومزبري مؤسسة قطر للنشر, وان كان كل شيء يفصل مابين الكاتبتين والكتابين, فإن كل شيء أيضا يجمعهما. فتقيم رندة عبدالفتاح, المحامية الشابة ابنة الثلاثين, من أم مصرية وأب فلسطيني, في استراليا وزارت الأراضي الفلسطينية لأول مرة وهي في العشرين من عمرها, فكانت صدمتها الأولي التي كما قالت في لقائها مع الأهرام رحلة فلسطين غيرت حياتي فقد شاهدت علي الطبيعة معاناة ومأساة شعب كامل في محاولته البقاء من يوم ليوم, وقررت أن تكتب عن تلك التجربة وهذا العالم الذي لا يعرفه أحد في الغرب وفي استراليا, ولكنها قررت ان تقص قصة هذا الشعب من خلال روايات للأطفال, فبالنسبة لها الأطفال سيظلون دائما أطفالا, في أي موقف وفي أي مكان, وبالفعل حازت رندة علي شعبية كبيرة وترجمت أعمالها الي لغات عديدة, وضمت الي مناهج التعليم في مدارس استراليا, وحازت رندة عدة جوائز في الكتابة الأدبية. ومن الجهة الأخري, تعيش سعاد العامري الفلسطينية في رام الله, في قلب الأراضي الفلسطينية, تعمل مهندسة معمارية, ودخلت مجال الكتابة بالمصادفة البحتة, فتقول سعاد ان احتلال أرييل شارون رئيس وزراء إسرائيل للأراضي الفلسطينية في2002 2003 وفرضه حظر التجوال دفع حماتها للاقامة معها في منزلها, وحسب قولها: اضطرت أن تعيش الاحتلال الخارجي والاحتلال الداخلي, وبدأت تبعث لاصدقائها برسائل اليكترونية تصف حياتها مع حماتها ومع شارون, فكان من احدي صديقاتها ان جمعت كل تلك الرسائل وبعثت بها الي دار نشر في ايطاليا حيث تم طبعها ونشرها في كتاب بعنوان شارون وحماتي ترجم بعد ذلك الي العديد من اللغات, ويعتبر كتابها الحالي لن تخسر شيئا إلا حياتك هو الثالث. تدور النقطة الأساسية في الكتابين, رغم أن احدهما رواية للأطفال والآخر سرد واقعي, عن رحلة من مدينة فلسطينية الي القدس تمر بطلات القصتين خلالها بقوات مسلحة وجدار سميك ومخاطر بلا نهاية, الرحلة الأولي في رواية رندة تقوم بها طفلة في الثالثة عشرة من عمرها من أجل أن تعود بحفنة من تراب بيت جدتها في القدس لتنقذ حياة الجدة, والثانية رحللة قامت بها سعاد بعد أن تنكرت في زي عامل فلسطيني يبحث عن عمل في القدس مع24 عاملا آخر, وصل منهم4 وقتل من قتل واعتقل من اعتقل من العشرين الآخرين. إن كانت الجغرافيا والتاريخ يفصلان ما بين رندة وسعاد, فإن الفكرة جمعتهما في توجه واحد, فقد أرادت كل من الكاتبتين أن تقص للعالم عن الشعب الفلسطيني ومعاناته اليومية, ولكن ليس في صيغة سياسة جافة, بل في اطار حكايات يومية عادية تتخللها الضحكة والفكاهة, فتقول رندة: إن استطعت أن تجعل أحدا يضحك, فقد نجحت في التواصل معه, وتقول سعاد: إننا نريد أن نؤكد أن الشعب الفلسطيني موجود, وأنه يحب الحياة, ولكن كما قال شاعرنا العبقري صلاح جاهين: إنه ضحك يتساوي مع البكاء.