باستضافة السفارة الاسترالية بالقاهرة، حشدت الكاتبتان الفلسطينية سعاد العامري والإسترالية الفلسطينية راندة عبد الفتاح جمهور ساقية الصاوي الأسبوع الماضي، للاستماع إلي عرض موجز لمحتوي أحدث كتبهما، والحكايات الخاصة التي يحويها الكتابان حول مآسي القضية الفلسطينية، الأول بالإنجليزية لسعاد بعنوان "لا شيء تخسره سوي حياتك"، عن مأساة العامل الفلسطيني الذي تضطره لقمة العيش للعمل لدي إسرائيليين، والثاني لراندة وهو مترجم إلي العربية بعنوان "عندما كان للشوارع أسماء"، عن مغامرة أسرة صغيرة تقرر الترويح عن الجدة المريضة وتحقيق حلمها بزيارة القدس موطن نشأتها، والكتابان باكورة إصدارات دار "بلومزبيري «مؤسسة قطر للنشر» المنشأة حديثا. الكاتبتان أثناء اللقاء تمتعتا بروح معنوية عالية - ربما قصداها - لسرد محنة الفلسطيني التي لا تنتهي، وأجمعتا علي أن "الفكاهة" التي تنطلق من أحلك الظروف وأصعب المواقف، هي السبيل الأوفر حظا للفلسطينيين للخروج من محنة الاحتلال ومفارقاته التي يفرضها كل يوم علي أرض فلسطين، هذه الحيلة لا تمارس بالفعل علي أرض الواقع فقط، وإنما مورست عبر الكتابة أيضا في روايتي سعاد التي تعيش في رام الله، وراندة المحامية المولودة في استراليا لأب فلسطيني وأم مصرية ومقيمة حاليا في سيدني. حكت سعاد التي سبق وقدمت سيرة ذاتية في روايتها "شارون وحماتي"، وتعمل مديرة مركز "رواق للتراث"، عن مغامرتها لتأليف كتابها عن العمال الفلسطينيين، قالت إنها تنكرت في زي عامل رجل وانتقلت مع 24 عاملا من قراهم إلي إسرائيل، مشيا علي الأقدام لمدة 18 ساعة، انتهت بوصول أربعة عمال فقط كانت هي واحدة منهم، بعد أن اعتقلت القوات الإسرائيلية الباقي، وتروي القصة علي لسان أبو يوسف عامل البناء الفلسطيني ومراد 21 سنة عامل حديقة. وتتجسد السخرية في تحايل أبو يوسف علي كمية الأسمنت، بتقليله كلما أغارت إسرائيل علي الأراضي الفلسطينية وبنيت مزيد من المستوطنات، حينها تتقطع حبال أمله في تحرير فلسطين، ومن ثم يقرر خلخلة المبني الذي يبنيه لإسرائيلي، ثم هو يعود ويزيد من كمية الأسمنت المطلوب كلما سري الأمل في روحه بقرب تحقيق حلم الأرض. "قصص فلسطين والعراق تقبض علي القلب، لذلك لابد أن نحكيها بطرافة"، هكذا تلخص راندة عبد الفتاح التي تكتب أساسا للنشء، تجربتها في زيارة فلسطين أول مرة عام 2000 بعد غياب 35 عاما، والتي أكدت أن الزيارة كانت سببا جذريا في تغيير حياتها ونظرتها للأمور قائلة: "كتبت من قبل عن صورة المسلم الإرهابي ودافعت عن تلك النظرة التقليدية، وكانت تشغلني أيضا هويتي المختلطة، التي تعد ميزة مثلما سببت في تشويشي بعض الشيء". وتابعت: "لكني عندما شاهدت عن قرب تجربة الإيقاف في نقاط التفتيش، صممت علي تغيير فكرة الناس عن مفهوم الاحتلال، والفرق بين الجاني والضحية في القضية الفلسطينية". أما عن عنوان كتابها "عندما كان للشوارع أسماء" فتفسره راندة بأنه وثيقة تحد ضد من يدعي أن فلسطين أرض بلا شعب، فقد كانت أرضا عربية تبدلت أسماء شوارعها إلي أسماء عبرية وطمست هوية الفلسطيني بفعل فاعل، "كتابي يقدم دليلا عمليا علي أن فلسطين ليست أرضا فارغة".