تعتبر زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية( حماس) خالد مشعل لغزة زيارة تاريخية وشجاعة وهامة لأنها جاءت في لحظات تاريخية فارقة انتصر فيها الشعب الفلسطيني المناضل في قطاع غزة علي سيف الجلاد المحتل وكال له الصاع صاعين, وحاز الشعب الفلسطيني علي ثقة وإرادة المجتمع الدولي بالاعتراف بفلسطين دولة( مراقب) في الأممالمتحدة, ففي هذه اللحظات التاريخية المهمة يشق الشعب الفلسطيني طريقه نحو صناعة الحرية والمجد والنصر المؤزر بكل كبرياء وشموخ وطني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الغاشم بكافة أشكاله العسكرية والاستيطانية وإقامة دولته علي أرضه بين دول وشعوب المنطقة والمعمورة. لا شك بأن زيارة خالد مشعل بكل ما يمثله من رمزية تنظيمية في حركة( حماس) ورمزية وطنية في الشعب الفلسطيني, ليست زيارة عادية, وليست زيارة احتفالية للمشاركة في الذكري الخامسة والعشرين لانطلاقة حركة( حماس) فقط, والآمال معقودة أن تساهم هذه الزيارة في ترجمة الإرادة السياسية العليا لدي قيادة حركة( حماس) إلي سلوك ملموس لرسم الضلع الثالث المفقود من المثلث الفلسطيني, وتتويج انتصار الشعب الفلسطيني المناضل ومقاومته الباسلة في غزة وانتصار الدبلوماسية الفلسطينية في الحلبة السياسية الدولية, بالعمل علي إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية والأهلية واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية, ولا شك أن ترجمة الإرادة السياسية العليا إلي سلوك, ومقارنة الأقوال بالأفعال, يحتاج إلي تعاون مشترك وعميق يقوم علي الثقة والمصداقية بين أقطاب الكل الوطني الفلسطيني خاصة بين طرفي الانقسام, وهذه مسئولية وطنية وسياسية عليا تقع علي عاتق جميع القوي الوطنية والإسلامية وفي مقدمتها طرفي الانقسام أيضا, والبدء في تطبيق خطوات عملية والشروع في تنفيذ اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة وتشكيل حكومة وحدة وطنية. قد تكون زيارة خالد مشعل لغزة مرتبطة بالأوضاع والترتيبات التنظيمية داخل حركة( حماس) وهذا شأن داخلي لحركة( حماس) نحترمه وحق لها أن تستفيد وأن تستثمر هذه الزيارة التاريخية النادرة والأولي لخالد مشعل لغزة وللوطن, لترتيب وتصليب الأوضاع الداخلية لحركة( حماس) التي تعيش لحظة تاريخية فارقة بالنصر, ولكن من الأهمية بمكان أن تنعكس هذه الزيارة إيجابا علي مجمل الأوضاع الوطنية الفلسطينية وخاصة الدفع باتجاه الخروج من مربع الانقسام الفلسطيني البغيض, لما عهدناه من خالد مشعل من حرص وطني كبير, وما أبداه من دراية وحنكة سياسية عميقة في التعامل مع التطورات التي عصفت بالمنطقة, فلقد استطاع أن يحقق نقلة نوعية في الموقف السياسي لحركة( حماس) استفادت منه في بلورة شخصيتها السياسية و توسيع دائرة انتشارها العربي والإقليمي وفتح آفاق جديدة أمامها. السؤال الذي يتبادر للذهن ويقفز إلي صدارة الموقف, هل تنطوي زيارة خالد مشعل والفريق القيادي الكبير المرافق له إلي غزة علي ترتيبات جديدة ذات صلة بحركة( حماس) وبالمنطقة, خاصة بعد توقف العدوان الإسرائيلي علي غزة واستعادة التهدئة مع الجانب الإسرائيلي في ظروف جديدة ومغايرة برعاية الأشقاء في مصر والتي تم الإعلان عنها من قبل وزير خارجية مصر بحضور وزيرة خارجية أمريكا وبمتابعة شخصية من الرئيس المصري ودعم أطراف دولية وإقليمية وعربية مؤثرة في المنطقة والعالم, وهذا الإخراج له دلالاته السياسية, والسؤال المطروح إلي أي حد زيارة خالد مشعل والفريق القيادي المرافق له في هذا الوقت تحديدا مرتبطة بهذه المتغيرات وهذه الدلالات والإشارات المهمة, خاصة أن انتصار الشعب الفلسطيني المناضل ومقاومته الباسلة في غزة, وانتصار الدبلوماسية الفلسطينية في أروقة الأممالمتحدة, من شأنه أن يعيد رسم المشهد السياسي وصياغة المعطيات والمفردات السياسية وتوزيع الأدواء في المنطقة والإقليم, وهل نحن في الشعب الفلسطيني فعلا علي أعتاب مرحلة جديدة عمادها العمل الوطني المشترك والشراكة السياسية العميقة, تعيد الاعتبار للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وحقوقه المشروعة وثوابته المقدسة في أفئدة ووجدان وعقول الأشقاء والأصدقاء والأحرار في العالم, وتوحد الجهود والطاقات والإمكانيات الفلسطينية في بوتقة واحدة لتحقيق المزيد من الانتصارات والمنجزات الوطنية الرائعة, وتعيد وضع القضية الفلسطينية في مكانها الصحيح علي أجندة الأمة العربية والإسلامية والمجتمع الدولي, وأن يكون أداء القيادات السياسية الفلسطينية بمستوي أداء ووحدة المقاومة الباسلة في الميدان.