تمر مصر الآن بواحدة من أسوأ أزماتها السياسية إن لم تكن الأسوأ علي الإطلاق, حيث تقف البلاد للتو في مفترق الطرق وسط انقسام شعبي غير مسبوق بين مؤيد ومعارض لهذا الإعلان. ولم يعد بمقدور أحد التكهن بما ستصير إليه الأمور لاحقا, وإذا كان السؤال الملح الآن هو: هل ثمة انفراجة قريبة للأزمة أم أننا علي وشك الدخول في النفق المظلم؟! فإن السؤال الأكثر إلحاحا هو, أين الحكماء الذين تتسم شخصيتهم بالتجرد وإعلاء مصلحة البلاد وأين آراؤهم الصائبة للإسهام في الخروج من المأزق الراهن؟ هذه الأزمة ليست الأولي من نوعها وأعتقد أنها لن تكون الأخيرة أيضا وبالتالي فإن الحفاظ علي وحدة الصف كهدف وطني يعني به الجميع وبامتياز لن يتحقق إلا من خلال احترام كل طرف للآخر, فضلا عن القبول بمبدأ إقناع هذا الآخر والإقتناع بما لديه من طرح في الوقت ذاته, مع الاستعداد التام لتقديم أي منهم لأقصي تنازلات ممكنة حال الحوار للخروج من تلك الدائرة المفرغة. القضية ببساطة تتلخص في تفهم الآخر واحتوائه قدر المستطاع وطرح نظرية التخوين والمؤامرة جانبا. إن ما ينبغي علي الحكماء فعله الآن هو لعب دور الوساطة المجردة والهادفة من خلال تنسيق حوار بناء بين طرفي الخلاف وحملهما لحظة الجلوس معا علي البدء بنقاط الالتقاء وجعل مستقبل مصر وفقرائها, قاسما مشتركا للجميع. مع الإصرار علي إعادة أي منهما إلي جادة الطريق متي حاد. ولا أري حساسية أو غضاضة في ذلك فكلنا بشر, وما دام الأمر كذلك فكلنا معرضون للخطأ لسنا أنبياء حتي نكون معصومين وفي يقيني أن سبب استمرار الأزمة الحالية يرجع إلي غياب الحكماء ورفضهم القيام بدورهم المتمثل في السعي الحقيقي لإنهاء الموقف الراهن أو حلحلته للأفضل, أما الأخطر من نوعه فهو أن تتفاقم الأمور إلي أسوأ حد لها وعندئذ سيدفع الجميع الثمن وفي المقدمة هؤلاء الحكماء الذين سيفقدون مصداقيتهم في الشارع المصري الذي سيكون لسان حاله ومقاله آنذاك نبكي علي مجد تليد بأيدينا أضعناه والنهاية مفتوحة ليس بمقدر أحد تحديدها سواهم.