بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الطفل, ويرصد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عدد الأطفال المصريين أقل من18 سنة بنحو29.5 مليون طفل، بنسبة36.2% من إجمالي السكان. فما هي أهم المؤشرات التي ترصد التحرك الفعلي لهؤلاء الأطفال داخل المجتمع, من حيث ظروفهم المعيشية وتعليمهم وعمالة الأطفال وغيرها من المؤشرات المهمة مثل الوفيات والفقر وغيرها؟ بداية فإن نسبة الأطفال الفقراء26.4% وهم الأطفال أقل من18 سنة في مصر. أما نسبة المحرومين من الغذاء فهي11.8% ونسبة المحرومين من التعليم5% وهي مؤشرات سلبية طبقا لتقديرات جهاز الإحصاء ومعهد التخطيط القومي. وطبقا لتقديراتهم يبلغ عدد الأطفال العاملين من عمر خمسة أعوام وحتي سبعة عشر عاما نحو1.6 مليون طفل بنسبة9.3% من إجمالي الأطفال في نفس الفئة العمرية منهم79% الذكور مقابل21% من الإناث. أما توزيع هؤلاء الأطفال طبقا لنشاطهم الاقتصادي فهو يتركز في النشاط الزراعي نحو64% من الأطفال, ونسبة العاملين في النشاط الصناعي نحو18%, والخدمي18%, ويعمل37% من الأطفال بأجر, وتبلغ نسبة من يعملون لدي أسرهم بدون أجر في أعمال الزراعة والصناعة والورش نحو62%, ونسبة من يعملون لحسابهم1.5%. وطبقا للبيانات الإحصائية المتاحة فإن حالة الأطفال العاملين في مصر غاية في السوء لأن نسبة43.6% من الأطفال يتعرضون للأتربة والأدخنة, حيث ظروف العمل السيئة و21% يتعرضون لإصابات سطحية وجروح مفتوحة وحروق, و57% يتعرضون لإصابات عمل أخري متنوعة قد تصل إلي الموت. وطبقا لبيانات المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية فإن عددا آخر يصل إلي ضعف هذا العدد نحو3 ملايين طفل هم أطفال الشوارع محرومون من التغذية والخدمات الصحية والتعليم, وجميع صور العيش والحياة الكريمة, وهو ما يستلزم بذل مزيد من الجهد من جميع الجمعيات المعنية بالدولة للحفاظ علي حقوق الطفل المصري. وإذا كانت الدولة قد بدأت بعض الخطوات خلال السنوات الأخيرة لانقاذ الطفل المصري بدءا من مراحل الولادة حتي انخفض معدل وفيات الأطفال الرضع بنسبة1.7% ووفيات الأطفال دون الخامسة بنسبة1.3%, كما زاد عدد التلاميذ في مرحلة التعليم الأساسي بنسبة15%, وبلغ نحو13 مليون تلميذ عام2011, فإن هناك ضرورة لتضافر جهود الدولة مع الجمعيات الأهلية والمجتمع المدني لمنع التسرب من التعليم وتحسين وتطوير منظومة التعليم. وهناك ضرورة للتوعية بأهمية تعليم الإناث وخاصة في ريف الوجهين القبلي والبحري. كما يلزم مساعدة الأسر الفقيرة, خاصة التي تعولها النساء حتي لا يضطر الأطفال للعمل, بحيث تقدم لهم كل من وزارتي التربية والتعليم والمالية مبالغ تساعدهم علي الالتحاق بالتعليم ومواصلته, وهذه المبالغ يجب أن تزيد علي الأرقام المقترحة ما قبل الثورة وهي40 جنيها للطفل في التعليم الابتدائي. فإذا لم تكن الأرقام مقبولة فسوف يتجه الأطفال لسوق العمل وتزداد نسبة التسرب من التعليم عاما بعد عام. وإذا كان التعليم قاطرة التنمية فإن مراكز التدريب المنتشرة بجميع أنحاء الجمهورية عليها دور في إعداد الأطفال قبل18 عاما ليكونوا مؤهلين لسوق العمل بما يجنبهم المخاطر ويقلل فرص التعرض للاستغلال والاصابات والأمراض والموت, وذلك في حالة تعذر منع هؤلاء الأطفال من العمل قبل السن القانونية المناسبة. ويبقي بعد ذلك الشق القانوني لحماية الطفل وطبقا لبيانات المجلس القومي للمرأة مازالت جميع القوانين تحتاج للمراجعة, بدءا من الخلع وحضانة الأطفال والرؤية والاستضافة والعمل, فبدون تهيئة المناخ القانوني الذي يحمي الطفل المصري فسوف تظل حقوقه مهدرة. وبدون التصدي الحقيقي لقضايا الفقر والتوزيع العادل للدخل القومي لصالح الفقراء فسوف تزداد أحوال الطفل المصري سواء في السنوات المقبلة, خاصة أن مادة الطفل في الدستور الحالي تسمح بعمالة الأطفال وهو ما يحتاج إلي تعديل دستوري لهذه المادة لمنع مزيد من تدهور احوال الأطفال في مصر. ومن ناحية أخري فإن الحلول التي تبتكرها بعض الوزارات مثل وزارة الشئون الاجتماعية التي أعلن بعض مسئوليها مؤخرا عن إنشاء مدينة لأطفال الشوارع هي حلول قاصرة, لأنها لن تحل مشكلة هؤلاء الأطفال, فالمؤسسات الحالية يمكن ان تستوعبهم والمهم هو حسن المعاملة والتأهيل النفسي والمعنوي والمهني علي حرف اقتصادية مهمة تساعد في دعم الاقتصاد وفي إدماج هؤلاء الأطفال اجتماعيا واقتصاديا داخل المجتمع بما يحقق الاستفادة للطفل والمجتمع.