نال الفقر كظاهرة اجتماعية اهتماما ملحوظا في التراث الكلاسيكي, كما استحوذت آليات مجابهته علي انتباه لافت للنظر , ثم ما لبث الفقر أن أصبح تحديا للإنسانية كرد فعل للعديد من المتغيرات, والآليات المعاصرة. ويميل السوسيولوجيون إلي تحديد الفقر وفقا لمنهجين: فقر موضوعي, وفقا لتقديره علي أساس مستوي معين من الداخل والإنفاق كحد فاصل بين الفقير وغير الفقير. و هذا ما يسمي بخط الفقر. وقد حظي الفقر الموضوعي باهتمام كبير في تراث الفقر في العالم الثالث. أما المنهج الثاني فيري أن الفقر ذاتي, ويعتمد تحديد الفقر فيه علي الشخص نفسه بحسب حالته.أما المفهوم الاقتصادي للفقر, فيري أنه حالة القلة في الممتلكات, إن وجدت, أو انعدامها تماما. من خلال الدراسات المتاحة عن المرأة الفقيرة في الأسرة المصرية, والتي تدور حول أدوارها, ومكانتها وقدرتها علي اتخاذ القرار داخل الوحدة المعيشية الريفية أو الحضرية, تبين أن هذه الأدوار, وتلك المكانة, و القدرة, تستمد من درجة استقلال المرأة الاقتصادي. ومشاركتها في قوة العمل, ودخل الأسرة, كما تتأثر بعوامل أخري أهمها المكانة الاجتماعية لأسرتها أسرة النشأة, كما ظهر أن قدرتها علي المشاركة في عملية اتخاذ القرار تتغير بتغيير دورة الحياة. وفي الطبقة الدنيا الحضرية تشير كثير من الدراسات إلي أن تنوع الأنشطة الاقتصادية للمرأة الحضرية في الطبقة الفقيرة داخل المنزل وخارجه بصورة تعكي وجود شرائح داخل الطبقة الفقيرة. فهي تساهم في قطاع الأعمال الرسمي, خاصة في الوظائف الحكومية غير الماهرة. كما تشارك بنصيب وافر في الأنشطة الخاصة بالتجارة الصغيرة كبيع الخضراوات والسلع, والأدوات المنزلية الرخيصة, كما تقوم بعضهن ببيع سلع موسمية أو صنوف من الحلوي الرخيصة وبعض أنواع الأطعمة كالكشري وذلك علي أعتاب بيوتهن. كما تذهب بعضهن لعرض هذه الأطعمة وبيعها بالقرب من المدارس والمصانع, ومحطات الأوتوبيس في المناطق الشعبية. وتعمل كثير من الفقيرات في الحضر كخدم في المنازل, كما تقوم بعضهن بأنشطة تدر دخلا, وهن داخل منازلهن, مثل حياكة الملابس, والأشغال اليدوية لتكون عونا لهن في سد احتياجات الأسرة. ومن العوامل التي ساهمت في بلورة دور المرأة الفقيرة في الأسرة المصرية تغيب الزوج, سواء كان هذا التغيب لفترات طويلة بسبب الهجرة الخارجية أو الداخلية لفترات محدودة بسبب الانشغال في أعمال إضافية إلي جانب العمل الأساسي. ويندرج تحت تغيب الزوج أيضا موقف الأرامل و المطلقات, وحالات الهجر حيث تشير نتائج الدراسات, إلي أن الأزواج في الطبقة الدنيا لا يتركون وراءهم شيئا يذكر. وهكذا تضطر المرأة الفقيرة إلي مواجهة الواقع, والاجتهاد في الحصول علي دخل يؤمن معيشة الأسرة وبقاءها. كما يمثل مرض الزوج عاملا من أهم العوامل التي ساهمت في إبراز دور المرأة, وتأثير ه علي دور المرأة الفقيرة في الأسرة المصرية. إن المشكلة التي تواجه مصر فيما يتعلق بتأنيث الفقر, ليست مشكلة موارد سواء علي المستوي الفردي أو بالنسبة للدولة, وإنما تكمن المشكلة الأساسية في كيفية تطوير برامج المساعدة الاجتماعية بحيث تقدم هذه البرامج فرصا تعويضية من خلال مساعدة المرأة الفقيرة علي خلق فرص عمل جديدة بعيدة عن المجالات التقليدية المتمثلة في القطاع العام والحكومة. المزيد من مقالات د. سامية الساعاتى