هل يمكن لشعب ان يكره الاستقرار؟ هل يمكن لمجتمع ان يتوق الي التغيير لمجرد التغيير؟. هذا ما خلص اليه الشعب الروسي في احدث استطلاعات للرأي اجراه مركز ليفادا احد ابرز مراكز قياس الراي العام في روسيا. الجدير بالذكر ان اغلبية المشاركين في الاستطلاع اعربت عن رغبتها في ظهور شخصية اخري غير فلاديمير بوتين, قالت بضرورة اضطلاعها بادارة شئون الدولة في المرحلة اللاحقة بعد انتهاء ولايته الثالثة في عام.2018 وكشف استطلاع الرأي الذي اجراه مركز ليفادا للبحوث الاجتماعية أخيرا عن أن أكثر من نصف مواطني روسيا يأملون مع حلول عام2018 في ظهور شخصية سياسية قادرة علي قيادة البلاد, بدلا من فلاديمير بوتين. واشارت نتائج الاستطلاع الاخير الي ان ما يزيد علي57% من المواطنين يرون ان البلاد في حاجة الي الاصلاحات, فيما تري نسبة20% ضرورة التغيير الحاسم لنظام السلطة في روسيا نظرا لان الاصلاحات الجزئية لم تعد تجدي نفعا. ولم تزد نسبة الذين يستمرئون العيش في ظل الاستقرار الحالي اكثر من10% فقط من عدد المشاركين في الاستطلاع. واشارت صحيفة نوفيه ازفيستيا لدي تحليل نتائج هذا الاستطلاع, إلي ان خبراء المركز توصلوا الي نتيجة مفادها أن الروس, بحاجة لسياسي يتبني فكرا شبيها بالفكر الذي يتبناه الرئيس بوتين, لكنه أصغر منه سنا. بمعني أنه يحمل رؤية وطموحات كبيرة فيما يتعلق بمستقبل روسيا, لكنه يجب ان يكون اكثر حيوية ونشاطا من بوتين الذي سيكون قد تجاوز الخامسة والستين من العمر مع نهاية ولايته الحالية. ونقلت الصحيفة عن المحلل السياسي ألكسندر شاتيلوف قوله:ان بوتين قدم نفسه في البداية كمدافع غيور عن المصالح الاستراتيجية الروسية, لكنه في الآونة الأخيرة, خف حماسه وفترت همته. ولذا فإن الروس يتطلعون إلي الإصلاح وتنشيط عجلة التطور ولا يعولون علي المعارضة لتحقيق ذلك. وبغض النظر عن مدي صحة الشائعات التي تناقلتها الالسنة علي نطاق واسع حول صحة الرئيس بوتين, فان الواقع يقول بعدم وجود البديل الذي يمكن ان تجتمع حوله الآراء بوصفه الشخصية القادرة علي تحمل اعباء المسيرة في السنوات اللاحقة في نفس التوقيت الذي تغيب فيه المعارضة الحقيقية عن صدارة الساحة السياسية الروسية. ورغما عن ذلك تظل الرغبة في التغيير تراود الكثيرين ممن سئموا استمرار بوتين في السلطة واصراره علي ادارة شئون الدولة حتي وان كان ذلك من وراء حجاب, مثلما فعل ابان السنوات الاربع الماضية التي احتل خلالها ميدفيديف مركز الصدارة. وها هي بعض رموز المعارضة غير الممنهجةتعود مجددا الي محاولاتها الرامية الي حشد المؤيدين للخروج في مطلع ديسمبر المقبل في مظاهرات يصفونها تجاوزا ب المليونيات, رغم ان تعدادها لم يتعد في اكبرها اكثر من مائة وخمسين الفا من المتظاهرين علي اقصي تقدير. واذا كانت المعارضة استطاعت حشد اكبر مظاهراتها في نهاية العام الماضي ابان آخر سنوات حكم الرئيس السابق ميدفيديف, فانها لم تستطع حشد اكثر من15 ألفا في مظاهرات الربيع الماضي التي حاولوا من خلالها افساد الأجواء الاحتفالية لمراسم تنصيب الرئيس بوتين. وثمة من يقول إن المعارضة بتركيبتها الحالية وافتقاد قياداتها الهيبة والتاريخ, لا ترقي إلي الحد الذي يمكن أن ينال من مواقع وسياسات النظام. وإذا أضفنا إلي ذلك ما استطاع بوتين وحزبه الحاكم من تمريره من قرارات في مجلس الدوما ومنها الحد من التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني واعتبارها ممثليات أجنبية فضلا عن الرقابة علي شبكات الإنترنت والقيود علي المظاهرات فإننا نكون أمام واقع جديد لاتستطيع المعارضة بعد التعامل مع مفرداته. إزاء ذلك يخلص المراقبون إلي أن ما تستعد المعارضة اليوم لإقامته من فعاليات في الثامن من ديسمبر المقبل لن يكون أكثر من إرهاصات لا وزن ولا تأثير لها في الساحة السياسية.