خدمة اجتماعية بني سويف تنظم ملتقى متلازمة الإصلاح والتنمية    مجمع البحوث الإسلامية عن منتدى مرصد الأزهر «اسمع واتكلم»: يتيح المجال للشباب أن يتكلم    المنيا.. انتظام امتحانات الفصل الدراسي الثاني لصفوف النقل بدون شكاوى    محافظ أسيوط: تخصيص خطوط ساخنة لتلقي شكاوى المواطنين بشأن منظومة التصالح    هايد بارك العقارية للتطوير تطرح Lagoon Town على لاجون بمساحة 22 ألف متر مربع بمشروع Seashore رأس الحكمة    إطلاق المرحلة الثانية لمشروع التمكين الاقتصادي للمرأة بالفيوم    شياع السوداني: يجب زيادة الجهود لإيقاف العدوان الإسرائيلي على غزة    معبر رفح وإدارته.. سيناريوهات عديدة وسلسلة تعقيدات على الأرض    بيان عاجل من الزمالك بشأن حكم الفار في نهائي الكونفدرالية    حبس 4 أشخاص لاتهامهم بالتنقيب عن الآثار في المعصرة    المتحف المصري بالتحرير يعرض 3 قطع لاحتفالات المصريين القدماء بأعياد الربيع    متحفا نجيب محفوظ وأم كلثوم مجانا بمناسبة اليوم العالمي للمتاحف    افتتاح قسم الغسيل الكلوي للأطفال بمستشفى دمياط العام    روسيا تؤكد ضرب مواقع عسكرية وشبكة الطاقة الأوكرانية "ردا" على هجمات كييف    تأجيل محاكمة متهم ب"أحداث وسط البلد" إلى 22 يونيو المقبل    خان شقيقه بمعاشرة زوجته ثم أنهى حياته بمساعدتها في كفر الشيخ    رئيس قطاع التكافل ببنك ناصر: حصة الاقتصاد الأخضر السوقية الربحية 6 تريليونات دولار حاليا    رئيس نادي خيتافي يكشف مصير ميسون جرينوود في الموسم المقبل    أفضل دعاء للأبناء بالنجاح والتوفيق في الامتحانات.. رددها دائما    أخبار الأهلي : اليوم ..حفل تأبين العامري فاروق بالأهلي بحضور كبار مسؤولي الرياضة    تعذيب حتى الموت| قرار جديد بشأن المتهم بإنهاء حياة صغيرة السلام    بعد حلف اليمين الدستوري.. الصين تهنئ بوتين بتنصيبه رئيسا لروسيا للمرة الخامسة    صادرات السيارات بكوريا الجنوبية تقفز 10.3% خلال أبريل الماضي    ذكرى وفاة فارس السينما.. محطات فنية في حياة أحمد مظهر    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    تعمد الكذب.. الإفتاء: اليمين الغموس ليس له كفارة إلا التوبة والندم والاستغفار    الأرصاد تعلن تفاصيل حالة الجو اليوم.. فيديو    صحة المنيا تقدم الخدمات العلاجية ل10 آلاف مواطن فى 8 قوافل طبية    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    فصائل فلسطينية: سنتعامل مع إفرازات أي مخطط للوصاية على معبر رفح كما نتعامل مع الاحتلال    باتور... سيارة حصرية جديدة من بنتلي    علاء مبارك ينتقد مركز "تكوين الفكر العربي".. بين الهدف المعلن والتحفظ على العقيدة    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    أصالة تحذف صورها مع زوجها فائق حسن.. وتثير شكوك الانفصال    البنك المركزي يصدر تعليمات منظمة للتعامل مع الشكاوي بالبنوك    30 جنيهًا للعبوة 800 جرام.. «التموين» تطرح زيت طعام مدعمًا على البطاقات من أول مايو    الإفتاء تكشف محظورات الإحرام في مناسك الحج.. منها حلق الشعر ولبس المخيط    وزير الخارجية الإيراني: طهران والقاهرة تتجهان نحو إعادة علاقاتهما الدبلوماسية إلي طبيعتها    مصرع سيدة صدمها قطار خلال محاولة عبورها السكة الحديد بأبو النمرس    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 900 ألف مواطن بمستشفيات الأمراض الصدرية    "المدرج نضف".. ميدو يكشف كواليس عودة الجماهير ويوجه رسالة نارية    ضبط قضايا اتجار في العملة ب12 مليون جنيه    رئيس جامعة القاهرة ينعى الدكتور إبراهيم درويش أستاذ العلوم السياسية    طلاب الصف الأول الإعدادي بالجيزة: امتحان اللغة العربية سهل (فيديو)    اليوم، الحركة المدنية تناقش مخاوف تدشين اتحاد القبائل العربية    مجلس النواب يوافق على تشكيل المجلس القومي للطفولة والأمومة    نائب يسخر من تخفيف أحمال الكهرباء: الحكومة عاملة عرض ساعتين بدل ساعة    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    إخماد حريق في شقة وسط الإسكندرية دون إصابات| صور    بايدن: لا مكان لمعاداة السامية في الجامعات الأمريكية    «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة في «ذي القعدة».. وفضل الأشهر الأحرم (فيديو)    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    «قلت لها متفقناش على كده».. حسن الرداد يكشف الارتباط بين مشهد وفاة «أم محارب» ووالدته (فيديو)    لبلبة و سلمي الشماع أبرز الحضور في ختام مهرجان بردية للسينما    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    حكم حج للحامل والمرضع.. الإفتاء تجيب    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر قانونية حول مسودة الدستور
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 11 - 2012

جاءت مسودة الدستور محمودة إلي حد كبير في صدد الإيديولوجية السياسية التي اعتنقها الدستور المرتقب والتي تقترب إلي بقدر ما الي دستور الجمهورية الخامسة بفرنسا الصادر في أكتوبر 1958‏ حيث جاءت الأحكام المتعلقة بسلطات الدولة قاطعة إستاتيكية, إلا أن الدستور المرتقب لم يكن واضحا مرنا بصدد الإيديولوجية الاقتصادية التي يتعين إتباعها في العقود المقبلة, فالدستور وثيقة إنما توضع لعقود وليس لسنوات.
بعد أن نصت المادة الثالثة عشرة من مسودة الدستور علي أن يهدف الاقتصاد الوطني إلي تحقيق التنمية المستديمة المتوازنة, وحماية الإنتاج, وزيادة الدخل, وكفالة العدالة الاجتماعية والتكافل, مع خلق التوازن بالمحافظة علي حقوق العاملين ونصت ذات المادة علي ضمان عدالة التوزيع, ورفع مستوي المعيشة, والقضاء علي الفقر والبطالة وزيادة فرص العمل ثم عادت ذات المادة لتنص علي المشاركة بين رأس المال والعمل في تكاليف التنمية والاقتسام العادل لعوائدها إذ أن مفاد ذلك أن العامل سيشارك رب العمل في اقتسام عوائد الإنتاج. وتجدر الاشارة الي انهيار الشيوعية في العقدين الآخرين حيث انهار الاتحاد السوفيتي في بداية تسعينيات القرن الماضي و الذي كان قد تبني الفكر الشيوعي منذ قيام الثورة البلشفية عام 1917, كما انهارت كل دول أوروبا الشرقية بعد فشل الايديولوجية الشيوعية. إلا أن المشرع الدستوري في مسودة الدستور ينص في المادة (26) علي أنه لا يجوز التأميم إلا لاعتبارات الصالح العام, وبقانون وليس بأداة أقل ومقابل تعويض عادل.
ليس من شك أن ما ورد بنص المادة 26 يؤدي إلي لبس لاسيما عند إصدار التشريعات التي تكفل ضمانات وحوافز الاستثمار عند إبرام معاهدات الاستثمار الثنائية مع الدول الأخري والتي تصبح بعد التصديق عليها بمثابة تشريع نافذ من تشريعات الدولة... وليس من شك في أن هذه الصياغات الدستورية التي تفتقر إلي الدقة و الاحكام تثير اللبس عند المشرع ابان سن التشريعات المختلفة وما إذا كانت هذه التشريعات الاقتصادية والمعاهدات الدولية تحذو حذو سياسات السوق الحر أم ستلجأ إلي مناخ اقتصادي مقيد لحركة الاستثمار يدخل في روع المستثمر الذي يتوجس خيفة- محليا كان أم أجنبيا- ما يثير القلق بداخله عن مبدأ حماية الملكية الفردية وسياسات السوق الحر وفكرة الدولة الحارسة التي تبناها آدم سميث والتي تختص بخدمات الأمن والقضاء والدفاع تاركة عجلة الاقتصاد بالكلية للقطاع الخاص... كل ذلك بالطبع في إطار من العدالة الاجتماعية المنشودة. وتنص المادة (23) أن الملكية الخاصة مصونة وهو اتجاه محمود و تنص عليه سائر التشريعات في العالم. إلا أن المشرع الدستوري كما نص في المادة (26) علي أنه لا يجوز التأميم إلا لاعتبارات الصالح العام, وبقانون وليس بأداة أقل ومقابل تعويض عادل ثم ينص في المادة (27) علي أن المصادرة العامة للأموال محظورة ولا تجوز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي ولم ينص علي التعويض في حالة المصادرة, ولا نقصد بالمصادرة بالطبع تلك المتعلقة عن الاشياء المتحصلة من جريمة فلها أحكام أخري تنظمها القوانين العقابية.
يستوقف أي متخصص في علم القانون الدستوري هنا أن يرد ذكر التأميم في دستور يستشرف آفاقا جديدة للتنمية الاقتصادية ومحاولة جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة (FDI) وخلق فرص عمل ولو كان ذلك بتشريع وليس بأداة أقل... ولا يخفي الأثر المدمر للتأميم علي الاقتصاد القومي في الستينيات والذي تم فيه تأميم الممتلكات الاقتصادية بتشريعات صادرة عن السلطة التشريعية حينئذ.. وكان من أثر ذلك ما عانينا منه من آثار سلبية علي الاقتصاد القومي حتي الآن وهروب الاستثمارات المحلية والأجنبية في الستينيات وحتي نهاية السبعينيات.. ولا يقدح في ذلك أو يغير من هذا النظر جواز التعويض عن التأميم بحسبان أن هذا التعويض لا تحكم به المحاكم إلا بعد عقود بعد انهيار القوي الشرائية للنقود وزيادة معدلات التضخم وهو ما يخالف فلسفة التعويض الذي يجب أن يكون التعويض عادة حالا ومساويا للضرر كما يشترط القضاء الفيدرالي الأمريكي في فلسفة التعويض.
جدير بالذكر أن التعويض في العقود الماضية كان يتراخي منذ التأميم في الستينيات وحتي يحكم بمبالغ زهيدة جدا في التسعينيات وهي مبالغ لا تتناسب البتة مع قيمة العقارات والمنشآت الاقتصادية التي جري تأميمها منذ ما يربو علي ثلاثين عاما قبل صدور الحكم القضائي. فالأحري بالمشرع الدستوري النص علي حظر التأميم البتة بكافة صورة وأشكاله ولو كان بقانون ولو كان مقابل تعويض أيا ما كانت الأداة التي يمنح بها هذا التعويض ففكرة التأميم برمتها تصيب المستثمر بالذعر والاحجام.
يحمد لمسودة الدستور المتوازنة كفالة العدالة الاجتماعية ومحاولة خفض معدلات الفقر والبطالة والحفاظ علي حقوق الطبقة العاملة, فلكل ما تصبو إليه أنفسنا كمصريين هو دستور متوازن لتحقيق العدالة الاجتماعية ويكفل الملكية الخاصة ويحميها دون المساس بها أو بأية استثمارات ولو كان ذلك بقانون ومقابل تعويض طالما كانت ملكية مشروعة.
المزيد من مقالات د . محمد عبد المجيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.