أبكي أنزف أموت وتعيشي ياضحكة مصر. لا أدري لماذا تلح علي ذاكرتي هذه الأيام كلمات تلك القصيدة الجميلة للشاعر الكبير عبدالرحمن الابنودي, والتي غنتها المجموعة في فيلم أغنية علي الممر. هل بسبب الدماء الكثيرة التي تنزفها مصر مجانا علي الطرقات والمزلقانات أو في حروب الشوارع العبثية؟! دماء ليست من أجل أن تعيش ضحكة مصر, ولكن من أجل أن تصبح حزينة, متشحة بالسواد, منكسرة غير قادرة علي الضحك. أو السبب أن الموقف الآن علي الارض يشبه تماما الموقف في الفيلم, مع فارق الزمان والمكان والأخطار؟!هل مصر الآن هي المعادل الموضوعي للمر في الفيلم, الذي يجب أن ندافع عنه حتي لا يسقط, فتضيع ضحكتها إلي الابد؟! في الفيلم الذي يناقش أسباب هزيمة1967, يرفض الجنود المحاصرون في الصحراء, الاستسلام للعدو, ويقررون المقاومة حتي النهاية وهم يرددون كلمات الأغنية: ابكي انزف اموت وتعيشي ياضحكة مصر. كان العدو هناك في سيناء معروفا للجميع, أما الآن فالعدو في الداخل غير معروف!. هل العدو اليوم من اولادها, الذين اختلفوا حول أسلوب علاجها, وتركوها تنزف, وتفقد كل يوم شيئا من عافيتها؟إم تسلل هذا العدو عبر حددونا غفلة, مختبئا داخل حصان طروادي كبير, مملوء بالمال الحرام والشياطين والأفاعي, التي تبث سمومها, وتنشر الفرقة والانقسام! لا أخشي علي مصر عندما تواجه خطرا من الخارج, فهي دائما قادرة علي مواجهته. أخشي علي مصر عندما يأتي الخطر من الداخل. عندما تنفرط حبات المسبحة الوطنية, وعندما يرفع المصري السلاح في وجه اخيه, وعندما يخونه ويكفره, ويعتدي علي حقوقه ومواطنته, لمجرد الاختلاف في الافكار والعقائد! إن اخطرما, يواجه مصر الآن هو الانقسام, والانقسام لوتعلمون ممرا لكوارث أخري أشد خطورة. هذه ساعة الحقيقة التي يجب أن يواجه فيها المصريون انفسهم, قبل أن تضيع ضحكة مصر الي الأبد. المزيد من أعمدة محمد حسين