خرج المؤتمر السنوي لاتحاد المصارف العربية بتوصية وحيدة هي, حث الحكومات علي تحقيق الاستقرار السياسي لما له من انعكاسات علي الاستقرار الاقتصادي ومناخ الاستثمار, مؤكدا أن تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي هو الأساس الذي لا غني عنه في عملية استدامة التنمية, وذلك باعتبار أن نجاح السياسات الاقتصادية والنقدية والاستثمارية يستلزم وجود بيئة مواتية تتصف بالاستقرار السياسي مع تأمين الاستقرار الأمني والسلم الاجتماعي, خاصة في ظل التوقعات بارتفاع الخسائر المباشرة وغير المباشرة لثورات الربيع العربي إلي نحو800 مليار دولار. وأجمعت مناقشات المؤتمر الذي استضافته بيروت مؤخرا تحت عنوان الاستقرار الاقتصادي في مرحلة انعدام اليقين بمشاركة أكثر من600 شخصية اقتصادية ومصرفية ومالية عربية وأجنبية من28 دولة, أجمعت علي أن الاصلاح السياسي هو الركيزة الأساسية والركن الركين في الاصلاح الاقتصادي المنشود بالدول العربية, لعدة أسباب أهمها أن الاستقرار ربيع النمو والاستثمار في المنطقة العربية, وذلك انطلاقا من أن التقدم لا يحدث في مجتمعات تتسم بالاضطرابات, كما أن الاستثمارات تستلزم بيئة تتسم بالاستقرار السياسي, حيث أكدت إحدي أوراق العمل التي ناقشها المؤتمر أن المنطقة العربية تحتاج لربيع اقتصادي لرسم مستقبلها التنموي. وقال عدنان يوسف رئيس اتحاد المصارف العربية أن الاتحاد اختار مناقشة الاستقرار الاقتصادي في مرحلة انعدام اليقين نظرا لاشتداد تداعيات الأزمة المالية العالمية علي مسيرة إنتعاش الاقتصاد العالمي, وما تشهده المنطقة العربية من اضطرابات سياسية خطيرة تنعكس مباشرة علي الأوضاع الاقتصادية والنظم المالية فيها. وكشف يوسف عن أنه رغم كل ما يجري في المنطقة العربية والتطورات الاقتصادية والمالية, فإن القطاع المصرفي العربي بشكل عام لا يزال بمنأي عن كل تلك التطورات, ولم يتأثر بشكل كبير كما حدث للقطاعات الاقتصادية الأخري, وأن معظم القطاعات المصرفية العربية تأقلمت مع الأحوال المستجدة أو حتي تجاوزت تأثيراتها. وأكد أن كفاءة وأداء القطاع المصرفي العربي في وضع جيد, حيث يحتفظ القطاع بنسبة ملاءة ممتازة ونسبة سيولة جيدة جدا, ولايزال يحقق نسبا ربحية جيدة, حيث تشير التقديرات إلي أن موجودات القطاع المصرفي العربي بلغت حوالي26 تريليون دولار بنهاية عام2011, وودائعه تجاوزت145 تريليون دولار, وقروضه حوالي13 تريليون, ورأسماله285 مليار دولار. وأشار إلي أن الدور الجديد للمصارف العربية في مواجهة تحديات الربيع العربي وتداعياته يتطلب تطوير الاستراتيجيات والسياسات المصرفية وإدارة مخاطر العمليات المصرفية, وصولا إلي نوعية الخدمات والمنتجات المصرفية, متوقعا أن تكون الفترة المقبلة صعبة, حيث أن التحول السياسي قد يطول أكثر من المتوقع, الأمر الذي يتسبب بتكاليف كبيرة. فيما أكد وسام فتوح أمين عام اتحاد المصارف العربية الدعوة إلي تطوير التعاون الاقتصادي والتنموي بين الدول العربية وإعادة النظر في دور الصناديق والمؤسسات التنموية العربية لجهة تفعيل عملها وتوفير الأليات التمويلية التي تمكن الدول العربية من تحقيق المشاريع التنموية, وكذلك التحول نحو دور أكبر للطبقة الوسطي مما يسهم في فتح آفاق جديدة للنمو في حال تطوير القطاعات الاقتصادية الواعدة. وأشار إلي أن الأليات التي أوصي بها المؤتمر تضمنت أيضا العمل علي إنشاء وحدة استراتيجية للتأثير في التشريعات العربية بما يخدم التنمية الاقتصادية ويمكن المصارف من توصيل صوتها ولعب دور هام في التغيرات التي تتم في الوطن العربي علي صعيد التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأشار فتوح إلي أن اتحاد المصارف العربية يلعب دورا رئيسيا في تقارب وجهات النظر بين المصارف العربية والمؤسسات والهيئات العالمية فيما يخص القوانين العالمية, ومن بينها قانون الضرائب الامريكيسفاتكاس مؤكدا أن الاتحاد اكتسب ثقة المؤسسات الرقابية والتشريعية العالمية, وقام بتوقيع مذكرات تفاهم مع العديد من اتحادات المصارف العالمية, كما يقوم بدور كبير في تدريب الكوادر المصرفية العربية. وأعلن عن أن الاتحاد سيعقد مؤتمرا إستثماريا بالقاهرة خلال فبراير المقبل لدعوة المستثمرين العرب لتوجيه إستثماراتهم للدول ثورات الربيع العربي وفي مقدمتها مصر, وذلك بمشاركة عدد كبير من المسئولين والمستثمرين. وخلال المؤتمر وجهت كريستين لاجارد, رئيسة صندوق النقد الدولي, كلمة للمؤتمر عبر الأقمار الصناعية, وقالت إن الصندوق يساهم في تعزيز التعاون مع الدول العربية في مرحلة التحول الديمقراطي, في ظل وجود حكومات منتخبة في البلدان التي تمر بمرحلة انتقالية, مؤكدة أن دول العالم ومنها المنطقة العربية تواجه عدة تحديات منها ارتفاع أسعار المواد الغذائية, وآثار أزمة منطقة اليورو والأزمة المالية العالمية.