لم يكن ظهور أسراب الجراد بأقاصي جنوب البلاد وتحديدا بشلاتين وحلايب وأبو رماد جنوب البحر الأحمر الاسبوع الماضي مجرد صدفة أو أمر غير متوقع بل وارد تحت أي ظروف, لتكراره الدائم. ووجود مؤشرات قويه لحدوثه وهي الأمطار الغزيرة التي اجتاحت تلك المناطق مؤخرا, الأمر الذي يتطلب الاستعداد الدائم والاحتياط له علي الدوام, وفتح قنوات التعاون لمقاومته مع الدول المجاورة ومراكز البحوث المتخصصة, وحتي لو كان الظهور في مناطق متفرقة. وعن تحليله للحالة يقول الباحث المتخصص في الجراد الصحراوي هشام فوزي المدير الإداري لمركز البحوث والدراسات البيئية بجامعة القاهرة:- تم رصد تلك التجمعات بمنطقة أشكيت عند العلامة الدولية34 علي الحدود المصرية السودانية, وأعقب ذلك مسح شامل للمنطقة تأكد من خلاله وجود أعداد قليلة منه علي حدود أسوانالجنوبية, وقد تبين أن مصدر الجراد السودان والسعودية اللتان أعلنتا ظهور الجراد بهما الأسبوع الماضي,ومن هنا تأتي أهمية مكافحة الجراد في مراحل ظهوره الأولي حتي لاتتفاقم مشاكله مستقبلا, فالجراد يتبعه مجموعة كبيرة من الحشرات تسمي عادة النطاط, وتكمن خطورة الجراد في قدرته علي تغيير طباعه ومعاملاته عندما تزداد أعداده لتصل إلي أسراب كثيفة العدد, ومن أهم أنواع الجراد ما ينتمي منها لعائلة أكريديدي, وتستطيع أسراب الجراد الطيران لمسافات طويلة جدا. وعن خطورة الجراد يضيف هشام فوزي: بادئ ذي بدء يجب التنبيه إلي أن مقاومة الجراد في ذاتها يجب أن تكون سليمة لأنها لو لم تكن كذلك يترتب عليها نتائج في منتهي الخطورة, كما أن نوعية الجراد نفسها تحتاج لمعاملات خاصة في مقاومتها حيث تعد أسراب الجراد الغازية أحد أنواع التلوث البيولوجي والذي يحدث خللا بيئيا, إلا أن التلوث الملموس يرجع إلي تلوث التربة والماء والهواء من أثر المبيدات المستخدمة في عمليات المقاومة, حيث تتسرب هذه المبيدات إلي المجاري المائية أو إلي التربة, ومنها إلي المياه الجوفية, خاصة إذا كانت قريبة من سطح الأرض.كذلك يتأثر التنوع البيولوجي بأسراب الجراد الصحراوي في المنطقة المعرضة للغزو بطريقة مباشرة أو غير مباشرة, من خلال تأثير المبيدات المستخدمة في المقاومة, ويظهر الأثر المباشر من تدمير الغطاء النباتي في الأراضي خاصة الصحراوية ذات النظم البيئية الهشة, مما يؤثر علي باقي الكائنات في الشبكة الغذائية, أما الأثر غير المباشر فينتج من استخدام المبيدات الحشرية في مقاومة أسراب الجراد الصحراوي, فهذه المبيدات تقتل وتؤثر علي كائنات حية أخري موجودة بالبيئة الطبيعية وهي غير مستهدفة في عمليات المقاومة, ويترتب علي ذلك خسائر بيولوجية واقتصادية كبيرة لايمكن تعويضها. وعن تأثير تلك المبيدات يقول هشام فوزي:- حسب آراء الباحثين أنه إذا تعرض الإنسان لمتبقيات المبيدات الكيميائية أثناء الاستهلاك اليومي فيؤدي ذلك إلي مخاطر السمية المزمنة والإصابة بالأمراض الخطيرة, كما أن بعض المبيدات الفسفورية العضوية تؤدي إلي السمية العصبية المتأخرة التي تنتهي بالشلل المزمن. وأحيانا يحدث التلوث بالمبيدات عن طريق الخطأ. وقد لوحظ خلال السنوات الأخيرة أن معظم حوادث التلوث بالمبيدات تحدث نتيجة لعدم احترام التحذيرات الأولية عند استخدام تلك المواد فوجود نشرة تحوي التعليمات الواضحة والتحذيرات التي يتوجب اتخاذها عند استعمال تلك المبيدات عند مقاومة الجراد الصحراوي يعد أمرا ضروريا وخاصة في البلدان النامية مثل مصر.