خلال زيارته كأول مسئول مصري إلي لبنان بعد اغتيال اللواء وسام الحسن رئيس فرع المعلومات المخابرات بقوي الأمن الداخلي اللبناني الشهر الماضي, التقي وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو خلال يومين كلا من الدكتور سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية. ثم رئيس وزراء لبنان الأسبق فؤاد السنيورة ثم رئيس تيار التغيير والإصلاح ميشال عون ثم رئيس لبنان الأسبق أمين الجميل ثم رئيس مجلس النواب ورئيس حركة أمل الشيعية نبيه بري وأخيرا رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان. وصرح الوزير بعد كل هذه اللقاءات بأنه لم يلتق مسئولا من حزب الله الشيعي سواء كان كبيرا أم صغيرا, علي الرغم من أنه كانت هناك اتصالات من المسئولين اللبنانين بحزب الله لترتيب لقاء مع الوزير وحتي مغادرته لم يرد حزب الله بنعم أو لا, فلماذا لم يلتق عمرو أحدا من حزب الله خلال الزيارة التي استمرت يومين تأكيدا لدعم مصر لإستقرار لبنان ؟ محمد كامل عمرو و سمير جعجع بمجرد وصول الوزيرالمصري إلي لبنان وفي إطار الزيارة القصيرة لم يكن متاحا للقاء وقتها إلا الدكتور سمير جعجع فالتقاه الوزير, وبمجرد نشر الخبر انتشرت أقاويل لماذا جعجع أولا وليس الرئيس أو غيره؟ مما جعل السفارة المصرية تصدر بيانا وزعته علي الصحف اللبنانية قالت فيه إن ترتيب زيارات الوزير ليس لها أي اعتبارات سياسية ولكنها محكومة لوجستيا بالفترة الزمنية القصيرة للزيارة واستعداد المسئولين للقاء,وقد جاءت تحليلات الإعلام حول زيارة جعجع لأنه يعتزم ترشيح نفسه لرئاسة لبنان العام المقبل بعد انتهاء ولاية الرئيس سليمان وهو مافسره البعض أن مصر تدعم جعجع لرئاسة الجمهورية. وفيما نقل وزير الخارجية المصري دعم مصر للبنان في محنتها بعد اغتيال الحسن مؤكدا ان مصر لاتدعم فريقا ضد آخر رحب رئيس الجمهورية بالزيارة مشيرا إلي عودة مصر إلي دورها الريادي بعد ثورة يناير. وكانت لقاءات عمرو مع المسئولين الذين التقاهم من فريق14 آذار المعارض( مستقبل الحريري والسنيورة وجعجع القوات اللبنانية والجميل الكتائب) قد أكدت خلال تصريحات اللبنانين أن الحكومة الحالية بقيادة ميقاتي عليها أن ترحل بعد اغتيال الحسن الذين اتهموا سوريا وحلفاءها بلبنان باغتياله,ورد عمرو بأن لبنان وحده من يقرر تغيير الحكومة أو الإبقاء عليها عبر الحوار واتفاق كل الأطراف. وكان عمرو قد إلتقي العماد ميشال عون المتحالف مع حزب الله وحركة أمل الشيعية في تشكيل الحكومة الحالية وتطرق اللقاء إلي الدور المصري وأهميته في المرحلة الحالية لدعم لبنان. ويري فريق8 آذار( حزب الله وحركة أمل وتيار عون وجنبلاط زعيم الدروز)أن المعارضة السنية المستقبل مع حلفائها من المسيحيين القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية مهتمة باسقاط الحكومة بدعم سعودي فرنسي تمثل في زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلي لبنان قبل زيارة عمرو بيوم, ثم زيارته للسعودية بعد لبنان حيث التقي الملك السعودي في حضور سعد الحريري رئيس وزراء لبنان السابق الذي اسقطه حزب الله وجنبلاط, فيما بدا وكأنه مفاوضات فرنسية سعودية لكيفية الخروج من الأزمة اللبنانية الراهنة بعد اغتيال الحسن وإصرار المعارضة السنية المسيحية علي إسقاط الحكومة, وإلا النزول إلي الشارع لإسقاطها شعبيا وليس نيابيا, خاصة بعد تصريح كل زعماء المعارضة اللبنانية الحريري والسنيورة وجعجع والجميل عقب استشهاد الحسن باتهام حزب الله باغتياله بمساعدة سوريا, ولاسيما وأن حزب الله حتي الآن لم يصدر بيانا يدين فيه الاغتيال ولم يحضر مراسم التكريم وتشييع الشهيد الحسن. ويري فريق8 آذار أن الدور المصري والسعودي يصب في مصلحة المعارضة السنية المسيحية في مواجهة حزب الله والوجود الإيراني بلبنان ونظام بشار الأسد, ونظرا للعلاقة الشائكة بين مصر وحزب الله واتهام مصر لحزب الله منذ عهد مبارك بأنه وإيران وراء نشر التشيع بمصر وغيرها من الدول العربية, وبعد القبض علي خلية حزب الله المسلحة بمنطقة قناة السويس أيام مبارك والحكم علي أعضائها بالسجن ثم الهجوم علي السجون خلال الثورة وتهريب مساجين حزب الله إلي بيروت,كل ذلك أدي إلي عدم رد حزب الله علي دعوة المسئولين اللبنانيين ليلتقي وزير الخارجية المصري بأحد المسئولين في حزب الله, خاصة أن المعارضة اللبنانية السنية المسيحية تصر علي إسقاط حكومة حزب الله عون, ونزع سلاح حزب الله ليكون بإمرة الجيش اللبناني, وهو مايرفض حزب الله حتي مناقشته مما يزيد هوة الخلاف بين الفريقين 8 آذار و14 آذار ومما جعل موقف الحزب محرجا بعد اغتيال الحسن إصرار رئيس الجمهورية علي المطالبة بوضع استراتيجية أمنية للبنان تجعل السلاح بيد الجيش فقط, ملمحا إلي ضرورة نزع سلاح حزب الله ليكون بيد الجيش. ولكل هذه العوامل السابقة لم يلتق مسئول من حزب الله بالمسئول المصري المحسوب مع السعودية السنية علي الفريق السني المسيحي اللبناني المعارض, في مواجهة إيران الشيعية وحزب الله الشيعي وبشار الأسد العلوي. وكانت الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن( أمريكا,روسيا, الصين, فرنسا, بريطانيا), قد أيدت استقرار لبنان ودعمه عقب حادث الاغتيال الذي أدي إلي انفراط عقد الأمن بلنبان علي مدي عدة أيام بعد الحادثة, وجعل زعماء المعارضة يطلبون من مؤيديهم بالشارع العودة لبيوتهم, بعد التصريح بضرورة إسقاط الحكومة عبر مجلس النواب وليس الشارع,ومع الضغط السعودي الفرنسي وزيارة وزير خارجية مصر لبيروت هل تنجح المعارضة السنية المسيحية في إقالة حكومة النأي بالنفس بزعامة نجيب ميقاتي, أم أن ماحدث كان زوبعة في فنجان, لاتلبث أن تهدأ انتظارا للاستحقاق الانتخابي لمجلس النواب ورئاسة الجمهورية العام المقبل؟