أثار الهجوم الذي تعرضت له دورية أمنية في مدينة العريش بشمال سيناء, واستشهاد ثلاثة مجندين, العديد من الأسئلة الغائبة في المحافظات الحدودية في مقدمتها: تأمين هذه المحافظات, والسيطرة علي المنافذ وتهريب الاسلحة والكشف عن الخلايا الإرهابية النائمة في سيناء. ولماذا لا يشعر أهل سيناء بعدم الانتماء للدولة؟ ولم تستثمر الأراضي الصحراوية بتلك المحافظات؟ بداية في العام الحالي ضبطت قوات الأمن العديد من الأسلحة بمختلف أنواعها منها صواريخ أرض أرض ومدافع هاون ومضادات طائرات, وهو ما قدره الخبراء الأمنيون ب40% من حجم الأسلحة التي دخلت مصر عن طريق الحدود الغربية من جهة ليبيا فقط, الأمر الذي يعكس أن حدودنا أصبحت مستباحة لدخول جميع أنواع الممنوعات, ففضلا عن حالة الغليان التي تشهدها سيناء فما شهدته محافظة مرسي مطروح من أحداث متوالية في الأسابيع الماضية بل وعشرات الأحداث التي تحدث بصفة مستمرة في المحافظات الحدودية المصرية, جعلها مناطق توتر دائم. اللواء عادل سليمان, الخبير الاستراتيجي, يحلل أوضاع المحافظات الحدودية قائلا: هناك عدة أخطاء جسام ترتكب في التعامل مع المحافظات الحدودية من جانب الدولة, يأتي علي رأسها تصنيفها تصنيفا أمنيا بحتا, بالإضافة إلي اختيار محافظين من خلفية عسكرية. فهناك عدة عوامل طاردة جعلت سيناء منطقة منعزلة عن الوادي وباقي محافظات الجمهورية؟ أولها أن حدود شبة جزيرة سيناء مسئولية خمس محافظات, وهي شمال وجنوبسيناء, ومحافظات بورسعيد والإسماعيلية والسويس والمحافظات الثلاث الأخيرة لها عمق عشرة كيلو مترات في سيناء, فهل تنمية هذا العمق هو مسئولية محافظة شمال أم جنوبسيناء؟ ويتساءل أيضا: ماذا يربط سيناءبالوادي؟ فمنذ سنوات أقامت الدولة مشروعا عملاقا هو ترعة السلام لإمداد أبناء سيناء بمياه النيل, وتوقف تدفق المياه إليها بشكل غير مفهوم, وأيضا كيف يكون ربط سيناءبالوادي عن طريق نفق واحد(نفق الشهيد أحمد حمدي) وكوبري واحد( الفردان) بخلاف الإجراءات الأمنية المشددة علي العابرين عليهما, وخاصة تشديد تلك الإجراءات علي أبناء سيناء بشكل فيه تعسف, كل ما سبق يعد عوامل طرد لسيناء عن باقي الجمهورية بشكل خاص, وجعلها منطقة جذب للخارجين عن القانون وجعل أهلها غير متعاطفين مع الدولة أو مع الأجهزة الأمنية. كما يجب أن تعي الدولة أن تأمين تلك الحدود المصرية والمحافظات التي تقع علي الحدود هو دور القوات المسلحة لا غيرها, فتلك المحافظات التي تدافع عن مصر وليس العكس, ويكون هذا الدفاع بتنمية هذه المحافظات بشريا وصناعيا وزراعيا. في السياق نفسه اللواء عادل عفيفي مساعد وزير الداخلية الأسبق لامن الموانئ يري أن القوات العاملة في تأمين المنافذ الحدودية بحاجة إلي تدريب مستمر علي مكافحة الأساليب الحديثة في التهريب وخاصة تهريب الأسلحة التي تفاقمت علي الحدود الغربية بعد الثورة الليبية, ويقول: إن القوات العاملة في جميع المنافذ الحدودية المصرية كافية وينقصها فقط مواكبة التطور الجاري في الأجهزة الحديثة لكشف تزوير وثائق السفر والكشف علي الحاويات وسيارات النقل التي تستخدم في تهريب الأسلحة إلي الأراضي المصرية, بالإضافة إلي تغليظ العقوبات علي من يقوم بعملية التهريب سواء الوسيط لتلك الصفقات أو من يقوم بالنقل. من ناحية أخري فإن سيناء التي تمثل سدس مساحة الجمهورية ويقطن بها500 الف نسمة, وبها مساحات شاسعة من الأراضي الخصبة والثروة التعدينية والمياه الجوفية ما يؤهلها لكي تكون المكان الأول في التنمية وجذب السكان في رأي الدكتور علي عبداللطيف أستاذ الاقتصاد وخبير التنمية, ولا يوجد مكان في العالم به المقومات الموجودة بشبة جزيرة سيناء ففيها من السياحة العلاجية والدينية وسياحة السفاري والآثار والشواطئ ما يجعلها من أولي مناطق الجذب السياحي وهو ما نجحنا فيه إلي حد ما في السنوات الأخيرة لكن علي الجانب الآخر من التنمية البشرية والصناعية والزراعية فالنتائج سيئة, فعدد السكان مازال في حدود النصف مليون مواطن أي لا يتعدي عدد سكان أحد أحياء القاهرة, فعوامل جذب السكان إليها منعدمة لتخوف الدولة من دفع استثمارات إليها وهو ما شاهدناه من عدم استكمال ترعة السلام, ومعاملة النظام السابق لمواطنيها معاملة المنتسبين إلي مصر, فحدود مصر الشرقية بها من عوامل الجذب السكاني والصناعي ما يجعلها منطقة أمان حدودي وليست منطقة توتر للدولة بأكملها. كما أنه حسب وجهة نظر الشيخ فرج النعيمي, أحد مشايخ قبيلة الترابين بوسط سيناء, أن سياسات النظام السابق هي التي جعلت سيناء أرض مهجورة بل اتهام أهلها بأي جريمة تحدث وفرض احكام غيابية علي العديد من أبنائها, وللأسف هذه السياسات مازالت مستمرة إلي الآن.