صباح الأربعاء7 نوفمبر..2012 أكتب في صباح ذلك اليوم البارد من شتاء العاصمة البريطانية لندن.. هذه الرسالة متابعة لأحداث أول يومين من أعمال بورصة لندن , أو السوق العالمية للسياحة والسفر, التي تعقد من5 إلي8 نوفمبر الحالي, وتعتبر ثاني أكبر بورصة للسياحة في العالم, وتشارك فيها مصر مع نحو182 دولة تسعي جميعها لجذب حركة السياحة الأجنبية. وأقول للقارئ الكريم لصفحات سياحة وسفر: إن ما أكتبه اليوم هو رؤية أو انطباعات أولية, ومتابعة لأحداث يومي الاثنين والثلاثاء فقط, وأنا أكتب صباح الأربعاء حيث من المقرر أن تختتم البورصة أعمالها مساء اليوم, وبالتالي فإن ما نطرحه اليوم هو حصاد منتصف السوق, أو منتصف الرحلة, أو منتصف الطريق, أي يومين من4 أيام هي مدة انعقاد البورصة. لذلك أقول: إن النتائج أو الرؤية النهائية لا نستطيع رصدها اليوم إلي حد كبير, ولا نحب أن نستبق الأحداث, وإن كان العنوان الذي وضعته لهذه المقال وهو في انتظار الفرج يوحي بأن المشاركة المصرية في البورصة تنتظر من يأخذ بيدها إلي تحقيق النجاح المنشود, أو الذي نطلع إليه من قدرة علي مواجهة انحسار تدفق السياحة الوافدة إلي مصر منذ ثورة25 يناير. لقد جاء الوفد المصري إلي هنا بقيادة هشام زعزوع وزير السياحة يحدوه الأمل في استعادة التدفق السياحي إلي مصر, والتغلب علي ما تنشره وسائل الإعلام في مصر والعالم من أخبار تشير إلي عدم الاستقرار الأمني في مصر, خاصة في سيناء, لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن غالبا كما يقولون. فقبل الوصول إلي لندن فوجئنا بأخبار تنشر عن أن بريطانيا رفعت درجة تحذير رعاياها أو سائحيها عن زيارة مصر, خاصة في سيناء, ونصحتهم بعدم الذهاب إلي أماكن محددة في سيناء, وتطاير هذا الخبر المزعج لمسامع أهل السياحة, وبدأت الشركات البريطانية تتصل بالمصريين وتراجع نفسها في الحجوزات إلي مصر, وبرغم نفي السفارة في القاهرة فإن الضرر قد وقع, بل الأكثر من هذا فور افتتاح أعمال البورصة تطايرت أخبار أخري مزعجة من نوعية أعمال العنف في شمال سيناء, أو بعد ذلك في ثاني أيام البورصة حول أحداث طائفية بالقاهرة تقول إن جماعة من السلفيين اقتحموا إحدي الكنائس في شبرا, وأن هناك تسريبات أخري عن مشكلات أمنية في سيناء. كل ذلك بلاشك أصاب المصريين المشاركين في بورصة لندن من أصحاب شركات السياحة والفنادق ورجال الأعمال بكثير من الإحباط واليأس, بل فرض نوعا من الكآبة علي الجناح المصري, وألقي بظلال من الحزن والغضب عند الكثير من المصريين الذين جاءوا يتشوقون إلي غد أفضل, وإلي انحسار التراجع في أعداد السائحين, بل كان البعض يذهب بخياله إلي ما هو أبعد ويمني نفسه بتحسن حجوزات الشتاء, لكن هيهات في ظل ما يحدث في مصر, فالسياحة في مصر وغير مصر لا تنمو ولا تزدهر إلا مع الاستقرار, وعدوها الأول هو انعدام الأمن, ومهما حاول وزير السياحة أو غيره فالواقع الذي ينقله الإعلام بما فيه من مبالغة, أقوي تأثيرا من كل كلمات الطمأنة علي الاستقرار والأمن المفقودين من وجهة نظر السائح, الذي لن يخرج من بيته إلا إذا شعر بالأمن, فكثير من الدول أو المدن الأخري المستقرة تسعي إليه, وتعرض عليه خدماتها, فلماذا يعرض نفسه للمخاطرة؟ لكن يبقي السؤال: وما الحل؟ الحل بالطبع هو عودة الاستقرار إلي مصر.. هو عودة الأمن في كل نقطة علي أرض مصر.. هذا هو الفرج الذي علينا أن ننتظره جميعا.. رجال السياحة وكل أهل مصر.. إذا كنا نريد مستقبلا أفضل. وفي انتظار هذا الفرج علينا بالطبع ألا نتوقف عن العمل, وهو بالفعل ما فعله وزير السياحة هشام زعزوع في لندن من جهود غير عادية, وحركة لا تهدأ في مقابلة كبار منظمي الرحلات وشركات السياحة في انجلترا وغيرها, ومحاولة حثهم علي استمرار برامجهم إلي مصر وحل مشكلاتهم. بالطبع هناك جهود كبري يبذلها أصحاب الفنادق والشركات, ومعهم شباب مصري يفرح ومتعلم علي أحدث مستوي, ويمتلك كثيرا من أدوات التسويق والترويج, ويحاول أن يسوق مصر بأحدث الوسائل, لكن السائح بالضرورة لا يطمئن تماما أو لا يثق إلا في الكلام الرسمي, أو كلام الحكومة ومن يمثلها هناك.. بالطبع هو وزير السياحة. لذلك يدرك هشام زعزوع أن العبء ثقيل, ومع هذا يتسلح بكثير من التفاؤل والإصرار علي مواجهة هذا التحدي, ومحاولة إقناع الشركاء الأجانب بضرورة استمرار التعاون مع مصر. ومع أن أرقام السياحة الإنجليزية إلي مصر تحسنت, فقد وصلت إلي750 ألف سائح تقريبا من أول2012 وحتي نهاية سبتمبر, فإن هذه السياحة بالطبع لن تصل إلي رقم عام الذروة وهو عام2010, حيث زار مصر من انجلترا1.5 مليون سائح, وتراجعوا في2011 إلي1.3 مليون سائح, ومن الواضح أن ما يحدث في مصر من الصعب أن يحقق طفرة في أرقام.2012 إن الإصرار علي التفاؤل كان واضحا علي وزير السياحة في لقاءاته ومؤتمراته التي شارك فيها في بورصة لندن, فقد بدأ بعقد مجموعة من اللقاءات المهنية المهمة مع كبار منظمي الرحلات الإنجليز, وقبل هذه اللقاءات كان قد التقي أعضاء جمعية الكتاب السياحيين الإنجليز, وفي الصباح الباكر من أول أيام البورصة التقي مع السيد أندرو ماكاي مستشار رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون, وناقش معه الضريبة التي فرضتها الحكومة هناك علي السائحين الإنجليز إلي كل دول العالم عن كل تذكرة سفر حسب مسافة الرحلة, لكن مصر تري فيها منافسة غير عادلة وتزيد من أعباء أو تكلفة الرحلة علي السائح الإنجليزي إلي مصر, حيث يدفع60 جنيها استرلينيا عن كل تذكرة, وبالتالي فإن العائلة المكونة من4 أشخاص مطالبة بدفع مبلغ240 جنيها استرلينيا, في حين أن هذا المبلغ هو نحو24 جنيها فقط علي السائحين إلي دول منافسة لمصر مثل تركيا وتونس, أو حتي جزر الكناري, وبالتالي فإن هذه الضريبة تشكل ضغطا أو عبئا يسهم في تقلص أعداد السائحين إلي مصر, وطالب الوزير بضرورة أو برغبة مصر في استثناء مصر من هذه الضريبة, ومساواتها بالدول الأخري المنافسة لها سياحيا. وقد فجر هشام زعزوع وزير السياحة هذه القضية في اجتماع قمة وزراء السياحة في العالم الذي عقدته منظمة السياحة العالمية بالتعاون مع إدارة بورصة لندن,و كان حاضرا فيه وزير الرياضة والسياحة في بريطانيا, ومن المقرر أن يستكمل وزير السياحة مباحثاته في لندن حول هذه القضية في اجتماع يعقده اليوم مع وزير الطيران البريطاني في محاولة لحل هذه المشكلة لتحقيق المنافسة العادلة بين المقصد المصري والمقاصد الأخري, وتأكيد أهمية السياحة الإنجليزية لمصر. وكان وزير السياحة قد شارك في قمة وزراء السياحة التي عقدت تحت عنوان فتح الحدود وفتح السماوات وإزالة أو كسر الحواجز, وقد أكد الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية د. طالب الرفاعي, أن العالم سيحتفل بتحقيق مليار سائح هذا العام, وأن المنظمة ستدعو إلي احتفال بمقرها في مدريد13 ديسمبر المقبل, وتدعو كل دول العالم للاحتفال بهذا الحدث كل في دولته, وفي المطارات الرئيسية في العالم, اعترافا بأهمية حركة السياحة في دعم اقتصاديات الدول, وتوفير فرص العمل. أيضا كان من الأحداث المهمة التي قام بها وزير السياحة عقده لمؤتمر صحفي في البورصة أكد فيه مساندة الدولة والحكومة لصناعة السياحة, وأنه لا مشكلات إطلاقا حول السياحة الشاطئية في مصر, وأن مصر ترحب بالسياحة والاستثمار السياحي, وفي طريقها لطرح أراض جديدة للاستثمار وبناء مطار جديد في غرب القاهرة لدعم حركة السياحة بشكل عام, خاصة أمام الطيران الشارتر, أو منخفض التكاليف. وهكذا أمضينا اليومين الأول والثاني في بورصة لندن بمزيد من الجهد, وكثير من التفاؤل في محاولة للتغلب علي الآثار السيئة للأخبار المزعجة التي جاءت إلي البورصة من مصر, وما بين الجهد الرسمي لوزير السياحة ورجال قطاع السياحة يستمر الجميع في العمل مسلحين بالتفاؤل والأمل في استقرار مصر, فهذا هو الفرج الذي تنتظره السياحة المصرية. وليس ذلك علي الله ببعيد.. وإلي حديث آخر من بورصة لندن الخميس المقبل بإذن الله.. [email protected] المزيد من مقالات مصطفى النجار