التصريحات التي تصدر بين الحين والآخر منسوبة الي بعض المسئولين عن قطاع الطيران المدني حول منظومة النقل الجوي في مصر والتي من بينها أن المطارات المصرية غير مرخصة. أو أن بعض المشروعات في مجال الطيران بها عيوب فنية.. هذه التصريحات وغيرها قد تثير بلبلة أو التباسا ليس لدي الرأي العام المصري فحسب. ولكن أيضا لدي المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية المعنية بتأمين سلامة الطيران في مختلف دول العالم ومن بينها مصر, وكذلك لدي شركات الطيران العالمية التي تهبط بالمطارات المصرية, وبالتالي فإن الثقة في النقل الجوي المصري في المحافل الدولية يمكن أن تهتز خاصة أن صناعة الطيران عالمية وهي من أكثر الصناعات حساسية وتأثرا بأي أحداث, فما صدر من تصريح بأن المطارات المصرية غير مرخصة أثار تساؤلات عديدة حول كيفية عمل هذه المطارات دون تراخيص! وهو ماكان يتطلب من المسئولين توضيحا للأمر من خلال بيان رسمي. حيث تبين أن المطارات مرخصة ولكنها لم تحصل علي شهادة كفاءة التشغيل والتي قد يطلق عليها البعض رخصة وهي شهادة تمنحها سلطة الطيران المدني في الدولة للمطار الذي يطبق القواعد القياسية الدولية والتي حددتها المنظمة الدولية للطيران المدني الايكاو.. ويكفي أن نعلم أن هناك عددا من المطارات العالمية التي لم تحصل علي هذه الشهادة حتي الآن! وهاهي احدي شركات الطيران العربية التي تشغل رحلات بين مطاري الكويت سوهاج بمصر تتقدم بطلب رسمي الي سلطة الطيران المدني المصري تطلب فيه التفتيش علي مطار سوهاج للتعرف علي مدي مطابقته للمواصفات القياسية الدولية! أيضا فيما يتعلق بأن ديون وزارة الطيران تصل الي22 مليار جنيه فأن هذه المديونية جاءت نتيجة قروض من بنوك عالمية ومحلية حصلت عليها الشركات القابضة لها والتابعة لها بوزارة الطيران المدني لتمويل مشروعات متعددة لتطوير المطارات المصرية وتحديث اسطول شركة مصر للطيران, لكن لابد أن نشير الي أن خزانة الدولة لم تتحمل أي أعباء مالية في تمويل هذه المشروعات أو سداد أقساط هذه القروض, فوزارة الطيران ممثلة في شركاتها ملتزمة بسداد الأقساط في المواعيد المحددة لها دون تأخير حتي الآن رغم الظروف الصعبة التي تمر بها صناعة الطيران في مصر حاليا.. وهو أمر جيد يحسب لمنظومة الطيران, ومن هنا فإن الحديث عن وجود ديون كبيرة علي الوزارة يمكن أن يهز ثقة مؤسسة التمويل الدولية ودعمها للمشروعات المستقبلية للطيران المصري وكذلك يؤثر سلبا علي المستثمرين الراغبين في الاستثمار في هذا القطاع الحيوي. التصريح الاهم المنسوب الي مسئولي الطيران المدني هو أن بعض المشروعات التي تم تنفيذها بالفعل بالمطارات المصرية بها عيوب فنية, وهو أمر يهدد سمعة الطيران المصري إقليميا وعالميا, ولا يمكن تأكيده إلا من خلال تقارير فنية متخصصة يشرف عليها فنيون متخصصون, أما الحديث هكذا فانه قد يمثل خطورة كبيرة علي المكانة الدولية والإقليمية التي يتمتع بها النقل الجوي المصري حاليا, ونحن علي ثقة في الوقت نفسه من أن المسئولين عن النقل الجوي المصري حاليا أكثر حرصا منا علي هذه المنظومة ومكانتها الدولية.. ولكن مايتردد قد يؤدي في نهاية المطاف دون قصد الي ردود أفعال قد تزعزع الثقة في الطيران المصري في المحافل الدولية! وهو ما لا نتمناه جميعا. ومع كل ذلك فإننا نطالب بأنه إذا كانت هناك أي مخالفات أو وقائع فساد واضحة فلابد من إبلاغ جهات التحقيق بها فورا ودون إبطاء, فلا يمكن التستر علي فساد مهما يكن.. ولكن مثل هذه التصريحات المنسوبة الي بعض المسئولين تضع المنظومة بأكملها علي المحك.. ولعل تراجع دور مصر الإقليمي في مجال التدريب علي أعمال الطيران المدني ينذر بالخطر وهو مايجب أن يعيه المسئولون بضرورة العمل سريعا علي استعادة دور مصر الريادي في هذا المجال.. .. وأخيرا نؤكد أن مانقوله ليس دفاعا عن أحد.. ولكن دفاعا وحفاظا علي منظومة الطيران المصري التي وصلت الي مكانة دولية وإقليمية متميزة بفضل جهود كل ابنائها, والأهم الآن أن ننظر الي مستقبل هذه المنظومة لكي ننهض بهذا المرفق الحيوي من خلال خطة استراتيجية والعمل الجاد من أجل إقامة صناعة حقيقية للطيران في مصر قادرة علي دفع عجلة التنمية.