توزيع 100 شنطة مدرسية لذوي الهمم بالأقصر    طلاب جامعة بني سويف يشاركون في معسكر توعوي لمواجهة العنف الإلكتروني    إدارة الصف التعليمية: أنهينا كافة أعمال الصيانة ومستعدون لاستقبال العام الدراسي الجديد    ضمن حصاد نتائج مؤتمر التعدين بأستراليا .. بحث ترتيبات زيارة وفد من شركات التعدين الأسترالية إلي مصر    قطع وضعف المياه عن مناطق بغرب الإسكندرية اليوم ولمدة 6 ساعات    البورصة المصرية تربح 15.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الخميس    إقامة 21 معرض «أهلا مدارس» في المنوفية.. وحملات رقابية لضبط المخالفات (تفاصيل)    الكابينة الفردي ب850 جنيهًا.. مواعيد وأسعار قطارات النوم اليوم الخميس    محافظ كفرالشيخ يتسلم «أطلس نخيل البلح والتمور في مصر» من ممثلي منظمة فاو    ستارمر: الوضع في غزة لا يطاق.. ولا سلام بلا دولة فلسطينية    إيطاليا: منفتحون على بحث فرض عقوبات تجارية على إسرائيل مادامت لا تؤثر على المدنيين    غزة.. ارتفاع عدد وفيات التجويع الإسرائيلي إلى 435 شهيدا    الاحتلال يغلق معبر الكرامة بعد إطلاق نار في محيطه    بكين: لن نسمح باستقلال تايوان والعالم بين السلام والحرب    الزمالك يتقدم على الإسماعيلي بهدف نظيف في الشوط الأول    منتخب مصر يودع بطولة العالم للكرة الطائرة بعد الخسارة أمام تونس    الخطيب يحدد ملامح قائمته حال الترشح في انتخابات الأهلي    القنوات الناقلة مباشر مباراة مانشستر سيتي ونابولي في دوري أبطال أوروبا 2025- 2026    حافلة الزمالك تصل ستاد قناة السويس لمواجهة الإسماعيلى    المقاولون العرب يكشف عن هوية المدرب المؤقت بعد رحيل محمد مكي    قوات الحماية المدنية تسيطر على حريق محدود في مخلفات أسفل كوبري أكتوبر    «فصل شعرها عن رأسها».. جيران سيدة بورسعيد ضحية زوجها: «مثّل بجسدها وقال لابنها تعالى أنا قت..لت أمك»    أمطار ورياح.. بيان عاجل بشأن حالة الطقس غدا: «اتخذوا كافة التدابير»    سرقة وصهر الأسورة الأثرية بالمتحف المصري.. قانوني يكشف العقوبة المنتظرة    سحب 961 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    الداخلية تضبط سارقي الأسورة الذهبية من المتحف المصري.. ومفاجأة حول مصيرها    ماستر كلاس للناقد السينمائي رامي عبد الرازق ضمن فعاليات مهرجان ميدفست مصر    «هربانة منهم».. نساء هذه الأبراج الأكثر جنونًا    قصة مدينة عملاقة تحت الأرض.. يبلغ عدد سكانها 20 ألف نسمة    استمتع بصلواتك مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    الإمام الأكبر يكرِّم الطلاب الأوائل في حفظ «الخريدة البهية»    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18-9-2025 في بني سويف    نائبة وزير الصحة: نستهدف الوصول بمعدل الإنجاب إلى 2.1 في 2027    فيديو.. وزير الصحة: جامعة الجلالة أنشئت في وقت قياسي وبتكليف رئاسي مباشر    بينهم رضيع.. إصابة 12 شخصا في حادث انقلاب سيارة أجرة بأسوان    هل اقترب موعد زفافها؟.. إيناس الدغيدي وعريسها المنتظر يشعلان مواقع التواصل    فى حوار له مع باريس ريفيو فلاديمير سوروكين: نغمة الصفحة الأولى مفتتح سيمفونية    «الري»: خرائط لاستهلاك المحاصيل للمياه للوفاء بالتصرفات المائية المطلوبة    الصحة: المبادرة الرئاسية «صحتك سعادة» تقدم خدماتها المتكاملة في مكافحة الإدمان    النقل تناشد المواطنين الالتزام بعدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه    ديستيني كوسيسو خليفة ميسي ويامال يتألق فى أكاديمية لا ماسيا    فرنسا تستعد لاحتجاجات واسعة وسط إضرابات وطنية ضد خطط التقشف الحكومية    "الطفولة والأمومة" يطلق حملة "واعي وغالي" لحماية الأطفال من العنف    مفتى كازاخستان يستقبل وزير الأوقاف على هامش قمة زعماء الأديان    آثار تحت قصر ثقافة ومستوصف.. سر اللقية المستخبية فى الأقصر وقنا -فيديو وصور    التأمين الصحي الشامل: 495 جهة حاصلة على الاعتماد متعاقدة مع المنظومة حتى أغسطس 2025    جبران: تحرير 3676 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 5 أيام فقط    10 ورش تدريبية وماستر كلاس في الدورة العاشرة لمهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب    مورينيو يرحب بالعودة لتدريب بنفيكا بعد رحيل لاجي    مصر وروسيا تبحثان سبل التعاون بمجالات التعليم الطبي والسياحة العلاجية    رئيس اتحاد الصناعات: العمالة المصرية المعتمدة تجذب الشركات الأجنبية    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين عبر قافلة «زاد العزة» ال 40    ملك إسبانيا: المتحف الكبير أيقونة مصر السياحية والثقافية الجديدة    حكم تعديل صور المتوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي.. دار الإفتاء توضح    شديد الحرارة.. حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    "معندهمش دم".. هجوم حاد من هاني رمزي ضد لاعبي الأهلي    سعر الأرز والفول والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما قبل المركز القومي للترجمة
نشر في الأهرام اليومي يوم 05 - 11 - 2012

في الخامس عشر من أكتوبر الماضي احتفل المركز القومي للترجمة في مصر بالأعلام الذين أسسوا لحركة الترجمة في مصر التي لا تزال لها الريادة في هذا المجال داخل الدائرة الواسعة للثقافة العربية‏ وذلك منذ أن قام رفاعة رافع الطهطاوي(1801-1873 م) بإنشاء مدرسة الألسن في القاهرة سنة(1835 م), وتولي نظارتها وأشرف علي عملها واختيار الكتب التي نهض بترجمتها تلامذته في المدرسة التي كانت إحدي العلامات المهمة علي تأصل بداية زمن النهضة الثقافي العربي. وكانت الترجمة تشمل خمس لغات: الفرنسية والإنجليزية والإيطالية والتركية والفارسية, وذلك في سياق يؤكد وعي رفاعة بما نسميه, في أيامنا هذه, التنوع الثقافي الخلاق للمعمورة الإنسانية, وعدم معرفته أو سبقه لما أشاعه الزمن الاستعماري بعد ذلك من تأسيس إيديولوجي للمركزية الأوروبية الأمريكية.
ولقد كانت الكتب التي ترجمها رفاعة وتلامذته, والتي لم تبلغ المئات, هي البداية الأصيلة للنهضة في مجالات الثقافة التي تشمل العلوم الإنسانية والاجتماعية والطبيعية علي السواء, مقدمة بذلك النموذج الأول لترجمة العلوم الطبية والهندسية والكيميائية, والمثال الأول للاجتهاد في ترجمة المصطلحات التي لم تكن اللغة العربية تعرف لها مقابلا.
ولم تنطفئ شعلة الترجمة في مصر; فقد ظلت مدرسة الألسن قائمة إلي اليوم, يتولاها بعد أبناء رفاعة أحفاده وأحفاد أحفاده. وقد قام جيل ثورة1919 بالإسهام الخلاق الذي أضاف إلي أساس البناء الذي وضعه رفاعة. وتمثل ذلك في جهد لجنة التأليف والترجمة والنشر التي كان أحمد أمين(1886-1954 م) العقل الفاعل وراء نشاطها الذي استمر حوالي أربعين عاما, فقد استمر إشراف المرحوم أحمد أمين علي عمل هذه اللجنة إلي وفاته. وقد كان لهذه اللجنة فضل الإضافة الإيجابية إلي ترجمات رفاعة وتلامذته. ولم يكن من المصادفة أن يلتقط الشعلة من أحمد أمين صديقه طه حسين(1889-1973 م) الذي تعددت أياديه البيضاء علي حركة الترجمة. وقدبدأ ذلك بالإسهام الذي فرضته الصداقة والزمالة في تأسيس لجنة التأليف والترجمة والنشر. وجاوز الأمر ذلك إلي تأسيس مشروع الألف كتاب الذي نجح في إصدار ما يقارب خمسمائة كتاب مترجم, في مختلف مجالات المعرفة الإنسانية. وعندما تولي طه حسين الإشراف علي الإدارة الثقافية لجامعة الدول العربية, بدأ في التخطيط الذي اقترن بالتنفيذ لترجمة الأعمال الإبداعية الكاملة لأعظم مبدعي العالم. وكانت النتيجة صدور العديد من الترجمات الأمينة الدقيقة لشكسبير من الإنجليزية, ولكل من كورني وراسين من الفرنسية. وللأسف لم يستمر هذا المشروع, فسرعان ما توقف بعد طه حسين. ولكن ما فعله هذا الرائد العظيم من ترجمة وتخطيط لمشاريع أشرف عليها, يجعله القامة التالية التي تأتي في مشروعات التاريخ المؤسسي لإبداعات الترجمة المصرية التي لا تزال علامة مضيئة لم تنطفئ في أهمية الدور المصري في مجال الترجمة وريادته.
وللأسف أخذت هذه الريادة تختل منذ السبعينيات الساداتية علي وجه التحديد. وربما كان ذلك يرجع إلي التحولات السياسية للسادات وتحالفاته مع تيارات الإسلام السياسي التي انقلبت عليه, وأودت بحياته.
وقد كنت واعيا بالدور المصري في الترجمة, وعارفا قدرها وأهميتها. ولذلك لم يكن من الغريب أن أحلم باستئناف المسيرة التي بدأها رفاعة الطهطاوي, وواصلها جيل ثورة1919 الذي ينتسب إليه أحمد أمين وطه حسين, وكلاهما علم لتقاليد جامعية خلاقة في الكلية والقسم اللذين أشرف بالانتساب إليهما.
ولذلك قبلت العمل أمينا للمجلس الأعلي للثقافة, في أول عام1993 لأني كنت أمتلك رؤية ثقافية أسهمت أجيال من أساتذتي المباشرين وغير المباشرين في تعميقها وترسيخها في وعيي. وكان المظهر العملي لذلك أني أقمت استراتيجية العمل في المجلس الأعلي للثقافة علي ثلاثة محاور متفاعلة. أولها المحور المحلي الذي يتيح للمجلس الإسهام في الثقافة الوطنية, متبنيا مفهوما رحبا لثقافة الدولة المدنية بكل لوازمها وشروطها القائمة علي الحرية وحق الاختلاف والإيمان بضرورة الحوار بين كل أطياف الثقافة الوطنية وتياراتها بلا تمييز. ويتصل المحور الثاني بالثقافة القومية, وتعميق العلاقات بين مصر والأقطار العربية, لا من منظور علاقة المركز المهيمن بالهوامش التابعة ثقافيا, وإنما من منظور حوار الأكفاء الذين يتسعون بمدي الحوار وفاعليته الحرة, بعيدا عن الهيمنة المباشرة لسلطة الدولة ودون قيود سياسية من أي نوع. وقد وصل المجلس الأعلي للثقافة إلي الدرجة التي جعلت المثقفين العرب يطلقون عليه اسم المجلس الأعلي للثقافة العربية, خصوصا بعد أن نجح في اجتذابهم إليه بتوسيع آفاق الحوار الحر والفكر القومي إلي أوسع مدي. أما المحور الثالث فهو المحور الإنساني الذي يقوم علي الإيمان بأن الثقافة المصرية بقدر ما هي ثقافة قومية في بعدها العربي, فإنها ثقافة إنسانية تنتسب إلي العالم وتضيف إلي ثقافته بقدر ما تفيد منها, وذلك من منظور حوار الحضارات الذي لا يفارق المعاني الحديثة لوحدة التنوع الإنساني والثقافي الخلاق. ومن هذا المنظور كان لابد من فتح آفاق التواصل الإنساني الثقافي بدعوة أعلام الثقافة العالمية- شرقا وغربا- للحوار مع المثقفين العرب في القاهرة, داخل قاعات المجلس الأعلي للثقافة التي لم تتوقف عن الاحتفاء برموز الفن والإبداع العالمي, ابتداء من سارتر وانتهاء بإرنست هيمنجواي ولوركا من من الراحلين, في موازاة أمثالهم من الأحياء الذين كان جاك ديريدا( قبل وفاته) وروبرت يونج وميشيل بوتور ومارتن برنال صاحب أثينا السوداء مثالا علي غيرهم. ويكمل هذا المحور التفكير في إنشاء مشروع قومي للترجمة, يفيد من إيجابيات كل المشروعات السابقة, ويتجنب سلبياتها, لكن دون أن يفارق التقاليد العظيمة التي أسسها الجد الأكبر رفاعة الطهطاوي.
المزيد من مقالات جابر عصفور


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.