بعد انتخاب الصومال لبرلمانها ورئيسها أصبح مشروع العودة هو أحد شواغل الجالية الصومالية, في بريطانيا التي يترواح عددها وفق أقل التقديرات بين250 و400 ألف شخص, وآخر لقاء نوقش فيه المشروع شارك فيه دبلوماسيون, معنيون بالشأن الصومالي من الخارجية البريطانية, ومن السفارة الأمريكية في لندن. وبدأ اللقاء بتأكيدات بريطانية أمريكية بدعم الصومال, وسؤال عن استعداد الصوماليين للعودة للمشاركة في إعادة بناء بلادهم, التي يبشر بها البريطانيون والأمريكيون.ورغم الإشادات, من جانب قادة المنظمات الأهلية الصومالية في لندن, بالدعم البريطاني والأمريكي, فإن اللقاء انتهي بنقاشات ملتهبة تعرض خلالها الدبلوماسيون لانتقادات غاضبة تتهم البلدين بأنهما يتعاملان مع الصومال بعقلية المستعمر. ولاتزال مساعي المسئولين البريطانيين والدبلوماسيين الأمريكيين مستمرة لإقناع الجالية الصومالية في بريطانيا بإخلاص نوايا لندن وواشنطن, وبأن مصالحهما الأمنية والقومية الاستراتيجية, وأهمها مكافحة الإرهاب والقرصنة, تلزمهما بدعم الصومال. ويعدعام2012 هو عام الصومال في بريطانيا. فمنذ بداية العام وحتي انتخاب الرئيس الصومالي الجديد حسن شيخ محمود كان الشأن الصومالي, ولايزال, علي رأس أجندة السياسة الخارجية البريطانية, والداخلية أيضا. فرئيس الوزراء ديفيد كاميرون التقي ببعض قادة الجالية الصومالية في مكتبه في شهر فبراير الماضي, وهذا مالم يفعله مع أي من جاليات دول الربيع العربي. وسبق ذلك لقاء حضره هنري بلنجهام وزير شئون إفريقيا( في ذلك الوقت) في الخارجية البريطانية في أحد مساجد لندن.كما أن أحوال الصوماليين تشغل المجتمع والإعلام الصومالي أيضا, لاسيما وأنه لا توجد بلدة في العاصمة لندن إلا وفيها منظمة أو جمعية أو منتدي للصوماليين. وحسب أحدث التقارير الصادرة عن وزارة الجاليات والحكم المحلي البريطاني, فإن الجالية الصومالية هي أكثر الجاليات معاناة من البطالة, ومستوي تعليمها متدن, و50% من أفرادها لا يحملون أي مؤهلات, و3% فقط منهم يواصلون التعليم حتي الجامعة.ويقول التقرير نفسه إن الجالية الصومالية فريسة دائرة من الإحباط والعزلة والفقر. صحيفة الديلي ميل اليمينية تتمتع بكراهية واسعة بين الصوماليين. فوسائل الإعلام اليمينية تروج, كما تقول صابرا محمد, رئيسة القناة الإذاعية الأهلية الموجهة للصوماليين, الجالية الصومالية بصورة سيئة وخاطئة عن الصوماليين, وهي أنهم يعيشون علي إعانات الدولة, وأعضاء في عصابات, وإرهابيون, ومؤيدون للقرصنة والقراصنة, وقليلو الإنجازات. ويسعي مجلس المنظمات الصومالية, وهو مظلة تضم30 منظمة صومالية, لإسماع صوت الصوماليين للحكومة والمجتمع البريطاني. ويدعو عمر أحمد, رئيس المجلس, الجالية إلي الانخراط في السياسة. ورغم أنه هو نفسه عمدة أحد المجالس المحلية في لندن, وهناك أربعة صوماليين آخرين أعضاء في مجالس محلية أخري في العاصمة البريطانية, فإن أحمد يري أن هذا غير كاف لإسماع الصوت. وللصورة السلبية للصومالي في بريطانيا بعد خفي تتحدث عنه الكاتبة الصومالية ناديفا محمد. وهو أن عددا غير قليل من الصوماليين يعملون ليل نهار لإعالة اسرة صغيرة في بريطانيا وعائلة أكبر في الصومال, تمهيدا للعودة إلي الوطن. غير أن ناديفا تشير إلي أن قرار العودة للمشاركة في إعادة بناء الصومال لن يكون سهلا, في ظل اعتياد الصوماليين علي نمط الحياة في بريطانيا, وشروع الحكومة في الالتفات إلي مشاكلهم. الحال في الصومال أحد مصادر صعوبة مثل هذا القرار. وهذا ما لا ينكره البريطانيون. وعبر عن نفسه في حوارات تدور دائما بين مات بوه سفير بريطانيا لدي الصومال عبر مدونته الرسمية علي الإنترنت والجاليات الصومالية في العالم. غير أن السفير لا ينكر أن الإنجازات هشة وأن هناك تحديات كبيرة لا تزال قائمة وسوف تبقي لحين عين الصومالي علي وطنه الأصلي والآخري علي الموطن في المهجر. وعلي رأس هذه التحديات تدهور الأمن الذي يجبر السفير البريطاني نفسه علي الإقامة في كينيا, حيث يشرف علي تطبيق استراتجية بريطانيا تجاه الصومال!!. وإلي جانب الأمن, يثير ممثلو المنظمات الأهلية الصومالية في بريطانيا قضايا مثل بناء المؤسسات, ومكافحة الفساد, والصحة والاقتصاد. ويطالب عبدالرحمن جوريا, رئيس منتدي المثقفين الصوماليين, الجالية الصومالية بأن تتحلي بالعقلية الإيجابية وبالنظرة المتفائلة تجاه المستقبل. وفي مشاركته في الحوار مع السفير بوه, عبر مودنته, قال جوريا التفاؤل يخلق الإيجابية... ووقت التغيير قد جاء بإذن الله.