ولدوا محرومين من نعمتي السمع والكلام لحكمة لا يعلمها إلا الله, عانت وتألمت أسرهم كثيرا ماديا ومعنويا ونفسيا لعدم المقدرة علي الإنفاق علي التعليم والعلاج, فتضاعف عذابها. فمنها من عجز عن تعليم ابنه فعلمه حرفة أو مهنة ليقتات قوت يومه, وتوفير نفقات حياته بعيدا عن التسول ومد اليد, ومنهم من حرم نفسه من أجل أن يحصل ابنه علي مؤهل متوسط. إنهم الصم والبكم.. هؤلاء الشباب وهذه النسبة من أبناء الشعب تعاني أشد المعاناة نتيجة عدم اهتمام الدولة بهم, وعدم تفعيل القانون, وهو ما جعلهم يقفون في طابور البطالة, الأهرام بدوره يرصد معاناة هؤلاء الشباب من أجل رفع المعاناة عنهم, وتذليل الصعاب, وتخفيف الأعباء عن هذه الفئة من الشباب. جلسنا وسط مجموعة من شباب الصم والبكم وتحاورنا معهم من خلال أحد مترجمي الإشارات, حتي نرصد ما يعانونه من مشكلات, ونجسد مطالبهم للمسئولين. محمد جمال إبراهيم العجوز يقول: حصلت علي دبلوم صناعة قسم ملابس جاهزة دفعة2008, وحتي الآن لم أجد أي عمل برغم أنني تقدمت لأكثر من وظيفة, مؤكدا أنه غير قادر علي فتح ورشة لصناعة الملابس الجاهزة, لكنه بفعل, وذلك لعدم مقدرته المالية علي توفير أو شراء المكان أو المعدات أو حتي المواد الخام التي يصنعها. ويضيف محمد جمال إبراهيم العجوز: ما يزيد من الألم في نفسه أن والده متوفي من سنة1990, وتحملت والدته كثيرا من العناء والتعب حتي حصل علي المؤهل المتوسط, وهي غير قادرة علي توفير أي ماديات من أجل أن يبدأ أي مشروع صغير. ويطالب محمد جمال بتوفير فرصة عمل مناسبة له, أو دعمه ماديا من أجل بناء مشروع صغير في مجال الملابس الجاهزة( مكان معدات مواد خام), وتوفير وحدة سكنية ليبدأ بها حياته الأسرية, مثل أي شاب, كما يطالب بضرورة تفعيل بنسبة ال5% الخاصة بتوظيف المعاقين في القانون. تخصيص محل للمعاقين وهذا أحمد عبدالفتاح يونس لم تستطع أسرته أن تعلمه لضيق ذات اليد, لأن والده يعمل ترزيا بسيطا في قرية صغيرة, فما كان منه إلا أن علمه مهنة الحياكة( حياكة الستائر) كما يقول أحمد عبدالفتاح يونس إنه غير قادر علي ممارسة العمل لعدم وجود محل له أو ماكينة حياكة حديثة تمكنه من العمل بجودة, وذلك بسبب فقر والده وأسرته, كما أنه غير قادر علي توفير المواد الخام, سواء من التي يحتاجها العمل أو مواد الحياكة نفسها مثل الخيوط وأدوات العمل. ويطالب أحمد عبدالفتاح يونس بتوفير نسبة من المحال التجارية في المدن الجديدة, أو التي تقوم ببيعها الدولة للمعاقين بصفة عامة, والصم والبكم وأصحاب الحرف منهم بصفة خاصة, حتي يتسني لهم البدء في مشروع صغير تجاري أو صناعي يمكنهم من بدء حياتهم ثم يبحثون عن شريكة الحياة. ويطالب أيضا بتوفير قروض حسنة لهم من الدولة تسدد بعد فترة سماح طويلة لتجهيز المحال والورش, وتخصيص نسبة من هذه القروض, دعما للصم والبكم لا ترد للدولة ثانية, أو بدون فائدة. أما إبراهيم محمد نجيب السيوطي فمثله مثل والده من الصم والبكم, وتعلم النجارة من والده الذي لم يستطع تعليمه لعدم مقدرته علي مصروفات التعليم, ذلك لأن مدرسة تعليم الصم والبكم توجد في المركز, وهو يقطن في إحدي القري بعيدا عنها, وغير قادر علي نفقات الانتقال يوميا من وإلي المدرسة, وكما يحكي لنا من خلال مدرس إشارات الصم والبكم الذي قام بدور المترجم لي فإن المشكلة التي تواجهه هي أن والده نجار بسيط يعمل في قرية صغيرة والرزق بها محدود, وأنه يحتاج إلي دعم مادي لشراء مواد خام يقوم علي تصنيعها وبيعها وتخصيص محال أو ورش يستطيع أن ينتج ويعرض الأثاث من خلالها, وتوفير منافذ للبيع أو العرض, أو عمل معارض متخصصة لإنتاج الصم والبكم. أحمد أحمد محمد عمر, وأحمد عبدالباسط محمد.. اثنان من الصم والبكم أيضا حصل كل منهما علي دبلوم الزخرفة, وبحثا كثيرا عن فرصة عمل ولم يحصلا عليها حتي الآن, ويقولان: إن العمل الآن حلم حياتهما لإخراجهما من الملل والصمت القاتل الذي يعيشان فيه, وإنهما يريدان أن يندمجوا في الحياة من خلال العمل بدلا من العزلة والصمت اللذين من الممكن أن يحولاهما إلي متسولين, يريدان تحدي الإعاقة والفقر والجهل من خلال مد اليد إليهما, وتنفيذ سيادة القانون.. يريدان أن يتحولا إلي قوة منتجة في المجتمع لزيادة الإنتاج, وأن يتحولا إلي منتجين حقيقيين لا عبء علي الدولة وأسرتيهما. علاء شعبان محمد سليمان, حاصل علي دبلوم صناعة قسم ملابس جاهزة, هو أيضا لم يستطع الحصول علي فرصة عمل, برغم أنه طرق الكثير من الأبواب. يطالب علاء شعبان بضرورة فتح باب رزق كما يقول من خلال المترجم من أجل أن يتزوج وحلا لأزمة الصم والبكم التي يعيشون فيها, يري المستشار محمد إبراهيم خليل نائب رئيس محكمة النقض ورئيس الدائرة الاقتصادية بوزارة العدل سابقا, أن المشكلة تتمثل في أن التعليم في مصر يسير في طريق خاطئ, ثانيا: فإن هؤلاء الناس سيخرجون إلي العالم الواسع, وسيجدون فرصة العمل المناسبة لهم ويبرزون فيها ويؤكد المستشار محمد إبراهيم خليل أنه من حق الصم والبكم حصولهم علي التعليم المناسب, ومساعدتهم علي ممارسة أعمالهم من خلال إنشاء مصانع تسمح بتشغيل هؤلاء الشباب, وكذلك ضرورة توفير وحدة سكنية لكل فرد من الصم والبكم, ووظيفة تمكنه من استمرار الحياة الكريمة [email protected]