من أين أتتنا هذه القسوة التي ملأت القلوب فأعمتها وشغلتها عن ذكر الله بل وأفقدت الكثيرين أهم مقومات الدعاء المستجاب وهو " اليقين" .. نعم اليقين بالله هو سر الإجابة طالما كان الدعاء نابعاً من أصحاب القلوب النظيفة والضمائر النقية التي لا تعرف مفاهيم الحقد والغدر والكراهية ولا تجيد أساليب "اللف والدوران" أو "الطعن فى الظهر" إن باب السماء مفتوح أمام الجميع ، المؤمن والعاصى على حد سواء ، فقط نحن في حاجة لأن نرجع إلى الله بنية صافية وأن نعيد النظر فيما نحن عليه الآن ، ربما كانت تلك اللحظة هى نقطة تحول حقيقية لحياتنا بكامل مفرداتها وتفاصيلها الدقيقة. وهنا تحضرني قصة الزاهد الجليل "الفضيل بن عياض" ، فقد بدأ حياته لصاً يقطع الطرق ، وذات ليله وبينما كان يصعد فوق سور احد البيوت ليسرقه إذ سمع صوت رجل يتلو قوله تعالي في الآية 16 من سورة الحديد " أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لذكر الله " فلما سمعها خشع قلبه وصار زاهداً وعاش بقية حياته تقيا ورعاً الى أن وافته المنية وهو إلي جوار البيت الحرام. فماذا نحن فاعلون ونحن نعيش هذه الأيام العطرة حيث يقف غداً ضيوف الرحمن علي جبل عرفات رافعين أكف الضراعة الى الله .. وكم شخص منا ردد بينه وبين نفسه قوله تعالي في ختام سورة البقرة" رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ" اللهم آمين ، بحق هذا اليوم "يوم عرفه" المبارك الذى يهل علينا بنسائم رحمتك وعطايا مغفرتك وكرمك ورضاك.