عزة سامي : فجأة وبعد سنوات من التحفظ والكتمان, أصبح المارمون حديث الصحف والمجلات العالمية والسبب ببساطة ان ميت رومني المنافس الجمهوري لاوباما في انتخابات الرئاسة الأمريكية هو من رعايا الكنيسة المارمونية.. المارمون تعبير قد يبدو غريبا علي أذان الكثير من الناس في العالم الاسلامي بل وفي العالم كله ومع ذلك فان الإحصاءات تشير إلي ان رعايا الكنيسة المارمونية قد بلغ تعداهم12 مليون نسمة نصفهم يعيش في الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث يتمركز معظمهم في ولاية أوتوا في غرب الولاياتالمتحدةالأمريكية بما يجعلهم يحتلون المركز الرابع في قائمة الطوائف الدينية الأمريكية ويخصص المارمون10% من دخلهم للكنيسة التي تقدر ثروتها ب40مليار دولار... ورغم ان رعايا الكنيسة المارمونية يتميزون بالتسامح ويمكن وصفهم بالمواطن الأمريكي المثالي إلا أنها طائفة لا تحظي بقبول بين الغالبية العظمي من الأمريكان الذين ينظرون الي معتنقيها وممارساتهم بسخرية وبتهكم وأحيانا بتوجس وريبة, فعلي خلاف كل الكنائس المسيحية تسمح المارمونية بتعدد الزوجات, كما هو الحال في الإسلام حتي ان البعض يعتبرها النسخة الأمريكية للإسلام ورغم ان الكنيسة حظرت تعدد الزوجات إلا ان المتشددين من المارمون مازالوا يتمسكون بهذا المبدأ ويمارسونه في السر حتي لا يتعرضوا للمساءلة القانونية, كما تحرم الكنيسة المارمونية العلاقات الجنسية قبل الزواج وشرب المشروبات الكحولية وأيضا الشاي والقهوة ويرتدي رعاياها ملابس داخلية صنعت بطريقة خاصة في الكنيسة لتحميهم من الإثم. وصول ميت رومني للمرحلة النهائية من الانتخابات الأمريكية كشف للأمريكيين ان هناك أمورا كثيرة لا يعلمونها عن الكنيسة المارمونية وان رعاياها ليسوا بالسذاجة والتحفظ والانغلاق الذي يبدون عليه في الأفلام الأمريكية بل هم علي العكس تماما يعيشون مثلهم مثل اي مواطن أمريكي, الأدهي من ذلك أنهم في الآونة الأخيرة استطاعوا ان يحققوا نجاحات هائلة خاصة في مجال الأعمال والتجارة والسياحة حتي ان العديد منهم يحتلون المراكز الكبري في المؤسسات المختلفة ولعل ميت رومني دليل مادي علي ذلك فثروته تقدر بالمليارات ونجاحه في الفوز بترشيح الحزب الجمهوري دليل علي قدرته علي إقناع الناس بشخصه وسياساته. هذا التفوق الذي حققه رعايا الكنيسة المارمونية بدأ يثير مخاوف المواطنين الأمريكيين خاصة بعد صعود نجم العديد منهم ووصولهم الي مواقع سياسية وإدارية في مختلف الولاياتالأمريكية حتي ان البعض بدأ يشك في إمكانية ان يكون هذا الصعود عملية منظمة ومدبرة من الكنيسة المارمونية. ومواقف الكنيسة المارمونية واضحة للغاية من بعض القضايا, فإذا كانت تدعي أنها لا تشجع رعاياها علي العمل السياسي إلا أنها تدعم العديد من القضايا الأخلاقية التي تتماشي مع تعاليمها, ففي السبعينات شنت حملة قوية ضد محاولة إدخال تعديلات للمساواة بين حقوق المرأة والرجل كما شنت هجوما ضد تقنين كازينوهات القمار وزواج المثليين من خلال دفع أعضائها علي إتباع سياسة طرق الأبواب. ورغم ان مسألة الدين في الانتخابات الأمريكية قد تم حسمها منذ انتخاب كنيدي كاثوليكي, كما حسمت مسألة العرق بانتخاب اوباما, فان الكثير من الشكوك مازالت تؤرق الناخبين الأمريكيين الذين يشغلهم موقف رومني في حال إذا ما تعارضت معتقداته الدينية مع ولائه للدستور الأمريكي.