من حق أي فتاة صغيرة في مصر القرن الحادي والعشرين أن تقول: أنا من حقي أتعلم, وأسير في الشارع آمنة, وأن يحترم الآخرون كرامتي, وألا أتعرض للضرب والإساءة والاستغلال. ومن حقي ألا يجبرني أحد علي الزواج في سن مبكرة ويحرمني من طفولتي, ومن حقي ألا ينتهك جسدي تحت مسمي العفة،ولكن أين هذا من الواقع الحقيقي للطفلة المصرية؟ كان هذا السؤال هو محور الحلقة النقاشية التي عقدت بمقر المجلس القومي للطفولة والأمومة بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي الأول للفتاة تحت عنوان نحو بيئة آمنة للفتيات المصريات وهو الاحتفال الذي أقيم بالشراكة مع منظمة الأممالمتحدة للطفولة( يونيسف) وصندوق الأممالمتحدة للسكان وهيئة الأممالمتحدة للمرأة وشارك في الحلقة عدد كبير من الخبراء والمتخصصين والإعلاميين لمناقشة أوضاع الفتاة المصرية خاصة بعد ثورة25 يناير التي شاركت فيها الفتيات ورفعن شعار الثورة عيش, حرية, كرامة إنسانية..لكننا إذا نظرنا إلي هذا الشعار بتمعن لوجدنا أنه يشكل الجذور الأساسية لمشاكل الأطفال والنساء في مصر.. فالفقر يدفع بالأهالي إلي حرمان أطفالهم من التعليم خاصة الفتيات- لتوجيههن إلي سوق العمل أو الزواج المبكر, والتقاليد البالية تمنع الفتاة من اتخاذ أي قرار في شأن يخصها, لذلك لا تشعر بالكرامة. لهذا كانت الدعوة إلي الاحتفال بالطفلة التي هي مستقبل الدولة ووجهها الباسم للعمل من أجل ضمان حياة كريمة لها وصيانة كرامتها وحمايتها من أي ممارسات ضارة وتوفير الفرص التي تمكنها من أن تصبح عضوا فاعلا في المجتمع. هذا كله لن يتحقق إلا إذا أتحنا لها فرص التعليم الجيد ووضعنا القوانين والتشريعات التي تحميها وتضمن لها حقوقها.. وهذا ما أكده د.نصر السيد الأمين العام للمجلس القومي للطفولة والأمومة, موضحا أنه ينتهز هذه المناسبة لتجديد الالتزام بإنفاذ حقوق الفتاة المصرية وإلقاء الضوء علي التحديات التي تواجهها في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها مصر. وحدد فيليب دوامال ممثل اليونيسف في مصر هذه التحديات في ثلاث نقاط هي: - الحرمان من التعليم بالرغم من أهميته, حيث إن مستوي تعليم المرأة مرتبط ارتباطا وثيقا بفرص حياة أفضل لها ولأطفالها. - الممارسات الضارة مثل العنف الموجه ضد الفتاة في البيت والمدرسة والشارع, ومن أشكاله أيضا الختان الذي يؤثر علي صحة ونفسية الفتيات طوال حياتهن. - الزواج المبكر الذي يحرم الفتاة من طفولتها وينهي تعليمها ويعرضها للعنف والاستغلال والمرض والوفاة في سن مبكرة. لذلك يجب العمل علي مواجهة هذه التحديات وتجنيد كل القوي لحماية الصغيرات. أوضحت د.مايا مرسي المنسق الوطني لهيئة الأممالمتحدة للمرأة في مصر أن الهدف من هذا الاحتفال الذي أقرته الأممالمتحدة هو إنفاذ التشريعات الخاصة بالطفولة والعمل علي رفع الوعي بحقوق الأطفال خاصة الفتيات, وتوعية الآباء والقادة بضرورة الاهتمام بامراة المستقبل وتنميتها لتشارك بفاعلية في تنمية المجتمع. أما المفكرة الإسلامية د.آمنة نصير أستاذة العقيدة والفلسفة في جامعة الأزهر فأوضحت أن الإسلام بريء من كل ما ينسب إليه من آراء تحرم الطفلة والمرأة من حقوقها, مؤكدة أن الإسلام لم يضع حجر عثرة أمام تقدم المرأة في أي عصر, وأن الرسول صلي الله عليه وسلم كان يحترم آراء المرأة ويدرك مدي أهميتها للمجتمع, مستشهدة بما قاله في خطبة الوداع: الصلاة الصلاة الصلاة.. المرأة المرأة المرأة, موضحة أن هذا الربط بين الصلاة والمرأة يعني أن الصلاة هي عماد الدين والمرأة هي عماد الأسرة والمجتمع والتنمية.. وبالتالي يجب أن نعمل علي تزويد فتاة اليوم بالأسلحة التي تمكنها من المشاركة في تنمية مجتمعها وأول هذه الأسلحة هو التعليم. ارتباطا وثيقا بفرص حياة أفضل لها ولاطفالها, حيث تظهر الدراسات أن وفيات الاطفال تنخفض مادام مستوي تعليم الأم مرتفعا, وأن الأم المتعلمة تكون طموحاتها أكثر بالنسبة لأطفالها مما يتيح لهذه الأسرة فرصة الخروج من دائرة الفقر.