هو تقريبا السياسي الوحيد الذي يعرفه ويناديه المواطنون باسمه الأول بوريس.. هو عمدة لندن والمايسترو وراء النجاح الباهر لأولمبياد2012 في العاصمة البريطانية.. هو كاتب عمود بصحيفة الدايلي تلجراف وأخيرا هو محط أنظار الكثيرين من مؤيدي حزب المحافظين بوصفه المرشح الأمثل لخلافة ديفيد كاميرون كزعيم للحزب ورئيس للوزراء. الهوس ببوريس علي حد توصيف الكثير من الصحف والمواقع الاخبارية, بدأ يتزايد في اعقاب فوزه في مايو الماضي بمنصب عمدة لندن لفترة ثانية وهو ما يعد انجازا اذا ما عرفنا أن العاصمة البريطانية كانت دوما معقلا لحزب العمال, ثم جاءت أولمبياد لندن لتثبت أن ذلك السياسي الذي يحلو للبعض وصفه ب المجنون قادر فعلا علي صناعة النجاح.وتجلي ذلك الهوس أثناء انعقاد المؤتمر السنوي لحزب المحافظين في برمنجهام في اوائل هذا الشهر حيث احتشد المئات في محطة القطار لاستقبال جونسون وهم يهتفون بوريس.. بوريس فيما وصف بأنه استقبال يليق بنجم سينمائي وليس بسياسي. ولكن الحقيقة أن بوريس كان دائما يجمع بين دهاء وحنكة السياسي ونجومية الشخصيات المثيرة للجدل مما جعل الأضواء دائما ما تسلط عليه: أولا لمظهره الخارجي حيث إن شعره الذهبي غالبا ما يخاصم المشط تماما مثلما تخاصم ملابسه المكواة إلا فيما ندر.ثانيا لطريقته في الكلام والتي لا تخلو من اطلاق النكات والسخرية فضلا عن التلعثم وأحيانا ارتكاب الحماقات. ثالثا,اجادته التامة لفنون الظهور الإعلامي فقد عمل في بداية حياته كصحفي بصحيفة التايمز البريطانية. ثم عمل مراسلا لصحيفة ديلي تلجراف وتقلد منصب مساعد رئيس تحرير, كما تولي منصب رئيس تحرير مجلة سباكتاتور الاسبوعية, بالاضافة إلي ممارسته الكتابة الصحفية والمستمر فيها حتي الآن, شارك بوريس في تقديم عدد من البرامج التلفزيونية, وربما يرجع التنوع في شخصية بوريس وتعلقه بالسياسة إلي جذوره ونشأته,حيث ولد في نيويورك عام1964 لأب كان عضوا بمجلس العموم البريطاني عن حزب المحافظين وأم رسامة وظل يحمل الجنسية الأمريكية حتي عام2006, أما جده الأكبر لأبيه فكان علي كمال بك صحفي تركي تقلد منصب وزير الداخلية واغتيل أثناء حرب الاستقلال التركية.وأجداده من ناحية الأم كانوا يهودا ولذلك يصف بوريس نفسه بأنه وعاء انصهار لجمعه بين جذور مسلمة ويهودية ومسيحية, درس بوريس بالمدرسة الأوروبية في العاصمة البلجيكية بروكسل حيث كان والده يعمل باللجنة الأوروبية ثم أكمل تعليمه في كلية ايتون وجامعة اكسفورد ببريطانيا, وعلي الرغم من أن اهتمامه بالعمل السياسي بدأ وهو في التاسعة عشرة من العمر إلا أن طموحاته السياسية لم تتحقق إلا في عام2001, حيث انضم لمجلس العموم كعضو للمحافظين عن مقعد هنلي ليصبح واحدا من أبرز السياسيين في بريطانيا لكنه طرد من حزب المحافظين في نوفمبر2004 بسبب كذبه بشأن علاقة غرامية. وبعد حوالي عام عندما تولي ديفيد كاميرون زعامة الحزب عين بوريس وزيرا للتعليم العالي بحكومة الظل( التي تشكلها المعارضة).وفي عام2008 اتخذ بوريس قراره الجرئ بترشيح نفسه لمنصب عمدة لندن وبعد فوزه استقال من مجلس النواب. كون بوريس ليس عضوا في البرلمان في الوقت الحالي هو ما يطمئن معارضيه والكثيرين داخل حزب المحافظين ازاء استحالة منافسته لكاميرون( علي زعامة الحزب) الذي تدهورت شعبيته بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة بسبب سياسات حكومته( الائتلافية مع حزب الاحرار الديمقراطيين).ولكن يبقي السؤال ما السبب وراء الهوس ببوريس وتزايد شعبيته بهذه الصورة ؟ يري بعض المحللين أن السبب يكمن في حضور بوريس الطاغي الذي يجعله قادرا علي كسب تأييد حتي الأشخاص الذين لا يميلون عادة للمحافظين, ويشيرون إلي انه يجعل كثيرا من المواطنين يشعرون أنه فرد منهم وليس كالسياسيين الأخرين الدبلوماسيين المنمقين المراوغين, مما يقودنا للسؤال الأهم هل يتحول الانطباع إلي حقيقة ويصدق البريطانيون أن الفتي الذهبي هو المنقذ ويصبح رئيسا للوزراء؟ الكثيرون يسارعون بالاجابة بالنفي حيث إن العمدية تختلف تماما عن رئاسة وزراء دولة في حجم بريطانيا ولكن من يعلم ما قد يحمله المستقبل.