في ظل الاستعدادات الجارية لعيد الأضحي المبارك, أعلنت منظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية حالة الطوارئ لجمع صكوك الأضاحي, وانطلقت حملة إعلامية لجمع تلك الصكوك بمبالغ مالية قد لا تتناسب في كثير من الأحيان مع الأسعار الحقيقية للأضاحي. وأثارت تلك الحملات الإعلانية التي خرجت بها علينا الجمعيات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني وبعض البنوك حالة من الجدل حول مشروعية التوكيل في الذبح, ورغم مرور4 سنوات علي طرحها لها وصدر فتوي رسمية من دار الإفتاء المصرية تبيح ذلك, إلا أن بعض الفقهاء وكبار علماء الأزهر أفتوا بأنه لا تجوز الوكالة في ذبح الأضحية بل أنه يجب أن يشهد المضحي ذبحها ويطعم منها أهله ويوزع ثلثها كهدية لأقاربه ومعارفه والثلث الأخير صدقة للمحتاجين. وإذا كانت دار الإفتاء أجازت صكوك الأضحية وذبحها في غير بلد المضحين, وتغيير الوقت, نظرا لتغيير البلد, خاصة إذا كانت أسعار اللحوم فيه أرخص من أسعارها في مصر, مثل الأرجنتين وأستراليا وتوزيعها في مصر, نظرا لقلة تكلفتها, ولم تشترط الذبح ببلد المضحي, مستندين علي رأي العلماء الشافعية, وأن حضور المضحي لأضحيته أمرا مستحب ولا يجب, وانه يجوز أيضا نقلها إلي مصر لحما بعد ذبحها لتوزيعها علي المحتاجين, أخذا بالقول الذي يجيز نقل الأضحية بعد ذبحها, خاصة في هذا العصر, الذي تيسرت فيه وسائل نقل الأطعمة مع الحفاظ عليها من الفساد والتغير. فان عددا من الفقهاء يري في تلك الفتوي خروجا علي آداب وسنن الأضحية, وأن الصكوك تضييع لشعائر الله الواجب تعظيمها عمل مشروع جمعية دار الأورمان وبنك الطعام, استندا إلي فتوي رسمية للدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية يؤكد فيها أن هذا الصك نوع من أنواع الوكالة وهي جائزة في النيابة عن الذابح في الأضحية وأنه يجب علي الوكيل- وهو البنك أو الجمعية الخيرية- أن يراعي الشروط الشرعية للأضحية, كما أكدت دار الإفتاء أن صك الأضحية من المشروعات الناحجة التي تعود بالفائدة علي سائر المسلمين في كل مكان, وأصبحت هناك جمعيات كبري تقوم بهذا الدور بمصر وفي مقدمتهم جمعية الأورمان وبنك الطعام. ويدافع اللواء ممدوح شعبان المدير العام لجمعية الأورمان عن الفكرة قائلا: وأكد شعبان, أن الجمعية حصلت علي فتوي رسمية من دار الإفتاء المصرية تتيح شراء صك الأضحية بالتقسيط سواء كانت الأقساط متقدمه عن الذبح أو متأخرة عنه عن طريق عقد شراء الأضحية وعقد توكيل بالذبح حيث يتم تقسيط القيمة علي6 أشهر, ونحن نقوم بدور كبير لإيصال لحوم الأضاحي للمستحقين من الفقراء في مختلف محافظات مصر, كما نسعي إلي تشجيع القادرين علي الاشتراك في الأضحية خارج نطاق القاهرة الكبري, والمسجلين لدينا من الفقراء والمحتاجين في قوائم بيانات معتمدة, بعد إجراء أبحاث ميدانية لهم للتأكد من أحقيتهم بما يتفق مع شروط الجمعية والشريعة الإسلامية, ويتم ذلك تحت إشراف لجان من وزارة الشئون الاجتماعية وبالتعاون مع أكثر من7000 جمعية أهلية بجميع أنحاء الجمهورية وبمشاركة أكثر من5000 شاب متطوع. وأضاف اللواء شعبان ان هذا العام نقوم بزيادة أعداد الصكوك لنستهدف2 مليون مستفيد باجمالي تكلفة20 مليون جنيه حيث يبلغ إجمالي الكمية التي تقوم الجمعية بشرائها هذا العام100 طن من اللحوم البلدي و400 طن من اللحوم المستوردة التي تم ذبحها في البرازيل تحت إشراف اتحاد المؤسسات الإسلامية في البرازيل ولجنة من الأزهر الشريف, وبحضور مندوب من الجمعية ولجنة بيطرية للتأكد من سلامتها و يتم الذبح من بعد صلاة العيد وحتي عصر رابع أيام العيد حيث تتم مراعاة الشروط الواجب توافرها من حيث سنها و سلامتها ووقتها طبقا للأحكام الشرعية و توزع طوال العام. خلاف فقهي علماء الأزهر, أكدوا عدم صحة تلك الفتاوي والاجتهادات في شأن الأضحية, وحذروا من مخالفة الشروط الشرعية والمتاجرة بآلام الفقراء وقال الدكتور أحمد عمر هاشم, عضو هيئة كبار علماء الأزهر, إن الذبح أفضل من شراء الصكوك بدليل قول الرسول صلي الله عليه وسلم لابنته السيدة فاطمة, اشهدي أضحيتك فعلي الإنسان أن يشهد أضحيته بنفسه, لأن الله يغفر بأول قطرة دم, وعلي الإنسان ان يحضر أيضا توزيعها بنفسه, أما مسألة الصكوك فان كان هناك ثقة تامة في ان الذين يأخذون المبلغ المالي سيوزعونه علي المحتاجين والمستحقين الفعليين فلا بأس بذلك, ولكن الأفضل أن تنحر بنفسك أو من تنيبه عنك كالجزار مثلا. ومن هنا لابد من الشفافية والصدق فيما يتم الإعلان عنه من الجهات القائمة بتنفيذ صك الأضحية, ويجب وضع الضوابط وآليات التنفيذ. ويلفت الدكتور عمر هاشم إلي عدم منطقية ثمن صكوك الأضاحي والتي تقل كثيرا عن الأسعار الحقيقية للأضحية, أو الإعلان عن صكوك بالتقسيط علي عدة شهور ويقول: الأضحية سنة عن النبي صلي الله عليه وسلم للقادرين ماليا, ومن لا يقدر فليس عليه أضحية, ومعني أن يقترض إنسان من أجل الأضحية فهذا معناه أنه غير قادر, كما أن تلك القروض إذا كانت بفوائد فهي ربا والربا محرم شرعا, وإذا كان التسديد بدون فوائد فهو غير مكلف لأنه غير قادر علي شراء الأضحية دفعة واحد. قال تعالي وما جعل عليكم في الدين من حرج ودعا الدكتور هاشم إلي تلافي أي سلبيات أو مآخذ في تنفيذ مشروع صك الأضحية مادام أن له أساسا شرعيا وييسر علي راغبي الأضحية والمستفيدين منها عن طريق وسطاء أمناء. تعظيم شعائر الله ويحذر الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر من الانسياق وراء التبرع بصكوك الاضحية, تعظيما لشعائر الله تبارك وتعالي وحفاظا علي سنة نبيه: قال الله تعالي: ذلك ومن يعظم شعائر فإنها من تقوي القلوب وقال النبي:ان اول ما نبدأ به يومنا هذا يوم النحر ان نذهب فنصلي ثم نرجع فننحر فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا حديث متفق عليه, فالأضحية من أعلام الملة الإبراهيمية وشعائر الشريعة الإسلامية يجب اعلاؤها واظهارها في المجتمع المسلم تحدثا بنعمة الله تعالي في انه من علي البشرية بنعمة الحياة, وفي الضرورة القصوي تجوز الوكالة بشروطها الشرعية من تحديد الصفة والكيفية ووجوب الانفاق, يتصور هذا في حق مريض او مسافر أو أسير, اما إذا كان الإنسان قادرا علي تقديم الأضحية بنفسه قربانا لله في بيته ومجتمعه فالأصل أن يؤدي الإنسان ذلك بنفسه أما الاعتماد علي ما يسمي صكوك الأضحية فهذا لو فرضنا ان فيه مصلحة مع ان الامور فيه مبهمة وغامضة وتنافي الواقع في القيمة السعرية للأضحية, لو فرضنا جدلا ان فيها مصلحة لكن تقابل بمفسدة في الحاضر والمستقبل وهي خلو بيوت المسلمين من شعيرة من شعائر الله عز وجل, والقاعدة الفقهية دفع المفاسد مقدم علي جلب المصالح, وسيلجأ مترفون ومنعمون الي الوكالة ولا يكلفون أنفسهم مشقة أداء الشعيرة. ويري الدكتور احمد كريمة أن صكوك الأضحية يجب تجنبها اتقاء لمفاسد تضييعها وحتي تكون الشعائر ماثلة حاضره بين أفراد المجتمع ينقلها الآباء إلي الأبناء بصورة عملية. ويضيف: كما يجب عدم حرمان البيئة التي يحيا فيها الإنسان مما يتصل بمقاصد الأضحية, الإهداء والتصدق, فليس من المقبول أو المعقول خلو حي من الأحياء من عمل شعيرة الأضحية فيخلو من الإهداء وقال النبي تهادوا تحابوا او إغاثة وإعانة ذوي الحاجات, لاسيما الأسر المتعففة. شفافية التوزيع ويشدد الدكتور محمد مختار المهدي عضو هيئة كبار علماء الأزهر, والرئيس العام للجمعية الشرعية, علي أن صكوك الأضحية إن كان فيها التزام بالأحكام الشرعية فلا مانع منها أما الإعلانات التي تذاع علي الشاشات التليفزيونية والصحف ولا تتفق مع الواقع فهي تعني عن أن المعلن غير صادق وحينما نسمع عن صك أضحية بسبعمائة جنيه فهذا مخالف للأسعار المعروفة للجميع وعلي المعلن أن يراقب ربه في قوله وفي عمله لأن الواقع يختلف تماما عن هذا الادعاء, فأين الخروف الذي يصل ثمنه إلي سبعمائة جنيه أو حتي ألف جنيه؟ وقال ان تقسيط صكوك الأضحية لا يوحي بكثير من الثقة, ويتنافي مع ان الذبح سنة للقادرين, ويضيف أنه من المستحسن أن يأكل المضحي من لحم أضحيته, بأن يأخذ جزءا من أضحيته لنفسه ولأصدقائه, ويتساءل كيف سيتم توصيل أجزاء من الأضحية التي سيتم ذبحها بمعرفة البنك إلي صاحب الأضحية؟