من منا لا يدرك حقيقة أن التعليم الجامعي بأشكاله المختلفة والذي يبلغ عدد طلابه نحو الثلاثة ملايين أو أقل قليلا هذا التعليم الذي يحتضن هذا العدد الكبير نسبيا في حاجة الي ثورة في كل مستوياته. ثورة في نوعية مايقدمه لعقول هذا الشباب علي أساس أنهم مسئولون وحكام الغد المكلفون بأن يحتفظوا لمصر بريادتها في منطقة كثر فيها الطامعون والمتطلعين الي بسط ريادتهم وإزاحة مصر وغني عن القول إن حال التعليم جوهره مخرجاته ومدخلاته تبنئ بإحساس بالقلق لافكاك منه مادامت الجامعات غير مستقلة كما ينص الدستور يستتبع هذا بالضروره تدني المستوي العلمي للمناهج ومحتواها عن المستويات الموجوده عالميا وعربيا. الحقيقة أن للإصلاح خطوات أولها يقوم بإصدار لائحة جديدة لتنظيم الجامعات فيها ضرورة ربط الجامعات بالمجتمع عن طريق تنظيم البحث العلمي لكي يحاول حل مشكلات المجتمع ومشكلات الإنتاج وهي كثيرة والتي علي أساسها يكون التعليم لا يقوم علي أساس التلقين والحفظ إنما علي التفكير والإبداع وبذلك يحل التعليم مشكلات المجتمع ويخرج علينا برؤي تحل مشاكل الانتاج علي أساس أن الجامعة بيت خبرة فتتغير الأبحاث العلمية التي تتم بصوره تقليدية معزولة عن مشكلات المجتمع أو تكون أبحاث مقلدة لأبحاث أجنبية لا فائدة تطبيقية لها في حل مشكلات المجتمع أو علاج أمراضه وهذه وتلك من الوظائف الأساسية للجامعات. إن قصور البحث العلمي وتفشي ظاهرة خيانة الأمانة العلمية وكذلك هروب المسئولين عن مواجهتها تحت مفاهيم كثيرة تؤدي إلي تدهور أكيد في خدمة مجتمعاتنا والنقطة الحيوية والتي تزيد من فاعلية الجامعات هي ضرورة احتضانهم للمخترعين حتي ولو لم يكونوا من خريجي الكليات نفسها بمعني أن الصحف تطالعنا باستمرار عن مخترعات كهربائية وآليه لكثير من الشباب ولا نعرف بعد ذلك مصير ما اخترعوه. ولو كان هناك استقلال حقيقي للجامعات وميزانية عادلة للبحث العلمي لكان من الواجب أن يتلقف رؤساء الجامعات مثل نوعية هؤلاء الشباب ويوزعونهم علي الكليات قريبة الاهتمام بما أنجزوا ليتيحوا لهم تطوير اختراعاتهم.. والأكثر من هذا أن القطاع الخاص يستوعب أكثر من70% من العمالة الموجودة في مصر من أقصاها إلي أقصاها وهنا تكمن أهمية وضرورة تنمية العلاقة الدينامكية أي العملية الفعلية بين مؤسسات التعليم وسوق العمل فهذه العمالة هي الشق الثاني والتطبيقي للابتكار وشقه الأول بالطبع هو الجانب الأكاديمي. إن الجامعة تختلف عن المعهد بأنها تقوم بوظيفة أساسية وهي البحث العلمي الذي نتائجه تيسر وتذلل الحياة بين الطبقات وتقارب بينهم إلي درجة تشعر فيها أن الشعب كله طبقة واحدة متاح لها المسكن, العلاج والتعليم والترفيه... ألخ. وبنظرة علي توصيات مؤتمرات تطوير التعليم الجامعي نجد كل هذه المعاني ونجد الإلحاح في المطالبة بتقويم مسارات التعليم والبحث العلمي ونجد أيضا المطالبة بزيادة تفعيل القيادات الإدارية وضرورة تقديمها المقترحات والرؤي من خلال إلزامها بكتابة تقارير دورية ومن ضمن تقويم مسار التعليم ضرورة الوجود الفعلي لأعضاء هيئة التدريس إذ أن دقائق من المواجهة والوجود للطالب مع استاذه تجد منه شخصية قريبة من الصدق والكمال من المستحيل أن ننتظر تطورا في البحث العلمي والميزانية المخصصة للطالب تعد علي أصابع اليدين وهي لاتزيد علي30 جنيها مصريا في السنة! البحث العلمي يحتاج أموالا وميزانيات وعلي الدولة أن توفرها لأن ماستجنيه من نتائج هذه الابحاث المتطورة سيعود لها أضعاف مضاعفة بمتوالية هندسية من أجل حضارة مصر وبقاء ريادتها حتي عالميا وهذا ماكان لنا في السابق.. نسمع ونقرأ مع كل طلعة شمس عن مصريين يحصلون علي جوائز في الغرب لإضافاتهم البحثية ثم يتلقف الغرب هذه الإضافة ويبني عليها ولذلك تكثر عندهم الصروح العلمية الشامخة سواء في الجامعات أو المؤسسات بمعاملها المتطورة بينما أشد ما أخشاه أن نبقي محلك سر أو حتي نتراجع لا قدر الله.