محمد عبداللطيف: حريصون على ربط التعليم بأحدث المجالات العالمية    رفض تهجير الفلسطينيين تتصدر رسائل السيسي الأسبوعية لقادة السعودية وقطر وفرنسا واليونان    حماس: إعلان المجاعة في غزة وصمة عار على الاحتلال وداعميه    أربع منظمات أممية تدعو لوقف فوري لإطلاق النار في غزة    "الحذاء الذهبي لكيان".. محمد صلاح يكشف مصير جوائزه الفردية    مدرب نيوكاسل يُلمح لاقتراب رحيل إيزاك    نيابة طهطا تحقق في حادث انهيار منزل يسفر عن وفاة 3 أشخاص وإصابة 4 آخرين بسوهاج    سقوط وكر تسول أسفل كوبري بالجيزة.. ضبط 20 شخصًا بينهم سيدات وأطفال    ضبط 5 أشخاص اقتحموا منزلًا واعتدوا على أسرة بالأسلحة البيضاء في الغربية    غدا.. محمد رمضان يجتمع مع هيفاء وهبي في حفل غنائي لأول مرة في لبنان    ضمن مبادرة صحح مفاهيك.. انطلاق قافلة دعوية كبرى بأوقاف الفيوم إلى إدارة أبشواي    وكيل مديرية الصحة فى زيارة تفقدية مفاجئة لوحدة طب الأسرة بمنشأة عبدالله بالفيوم    المستشار محمود فوزي: البكالوريا مجانية.. وستكون الخيار المفضل لمعظم الأسر المصرية    هل يستحق المستأجر تعويض حال انتهاء المدة الانتقالية بقانون الإيجار القديم؟    عائلات المحتجزين: ندعو لوقفة احتجاجية قبالة مقر نتنياهو    تحليل: إيران وقوى أوروبية تناقش المحادثات النووية والعقوبات    وزير الطيران المدنى يشارك باجتماعات اللجنة التنفيذية لمفوضية دول أمريكا اللاتينية    مصلحة الضرائب تنفي وجود خلاف بين الحكومة وشركات البترول حول ضريبة القيمة المضافة    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام وست هام يونايتد.. بيدرو يقود الهجوم    ناشئو وناشئات الطائرة يتوجهون إلى تونس بحثًا عن التتويج الإفريقي    محمود ناجي يدير مباراة السنغال وأوغندا في ربع نهائي أمم افريقيا للمحليين    نجم الزمالك السابق: ألفينا يذكرني ب دوجلاس كوستا    ناقد رياضي: بن رمضان اللاعب الأكثر ثباتًا في الأهلي.. ومواجهة المحلة صعبة    زيادة طفيفة لمؤشر البورصة هذا الأسبوع    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    دعمًا للأجيال الواعدة.. حماة الوطن يكرم أبطال «UC Math» في دمياط    *لليوم الثاني.. خدمة Premium الجديدة بقطارات السكة الحديد "كاملة العدد"    تحرير 128 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    اغتصب سيدة أمام زوجها بالمقابر.. تفاصيل إعدام "إسلام"بعد 5 سنوات من التقاضى    «الأرصاد» تكشف حالة طقس غدًا السبت |إنفوجراف    نيكيتا خروتشوف يظهر فى صورة تجمع ترامب .. اعرف القصة    محمد رمضان يساند أنغام ويهديها أغنية على مسرح بيروت    مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يعلن لجنة تحكيم الدورة ال32    ثائرٌ يكتُب    مصر تكتشف مدينة أثرية كاملة تحت الماء    وزير الثقافة يستقبل وفد الموهوبين ببرنامج «اكتشاف الأبطال» من قرى «حياة كريمة»    إدانة دولية واسعة لقرار إسرائيل بالموافقة على بناء مستوطنات بمنطقة E1 شرق القدس    الحبس عامين ل تارك صلاة الجمعة بماليزيا.. أحمد كريمة يوضح الرأي الشرعي    الخارجية الأمريكية تعلن بدأ إدارة ترامب مراجعة 55 مليون تأشيرة    للقضاء على قوائم الانتظار.. الانتهاء من 225 عملية متنوعة بمستشفى العريش    تهيئة نفسية وروتين منظم.. نصائح هامة للأطفال قبل العودة إلى المدارس    جامعة الملك سلمان تعلن مواعيد الكشف الطبي والمقابلات للطلاب الجدد    أستاذ بالأزهر: مبدأ "ضل رجل ولا ضل حيطة" ضيّع حياة كثير من البنات    ما الواجب على من فاته أداء الصلاة مدة طويلة؟.. الإفتاء توضح    محافظ أسيوط يسلم جهاز عروسة لابنة إحدى المستفيدات من مشروعات تمكين المرأة    غدًا.. إعلان نتيجة التقديم لرياض أطفال والصف الأول الابتدائي بالأزهر| الرابط هنا    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 22 أغسطس 2025    «زي النهارده» في 22 أغسطس 1948.. استشهاد البطل أحمد عبدالعزيز    «زي النهارده«في 22 أغسطس 1945.. وفاة الشيخ مصطفى المراغي    كيف يتصدى مركز الطوارئ بالوكالة الذرية لأخطر التهديدات النووية والإشعاعية؟    النصر يستعيد نجمه قبل نهائي السوبر    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    صفات برج الأسد الخفية .. يجمع بين القوه والدراما    إحالة أوراق المتهم بقتل أطفاله الأربعة في القنطرة غرب إلى مفتي الجمهورية    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    فطور خفيف ومغذ لصغارك، طريقة عمل البان كيك    «هتسد شهيتك وتحرق دهونك».. 4 مشروبات طبيعية تساعد على التخسيس    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيناء التي ظلمناها‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 04 - 2010

كانت مغامرة حقيقية أوائل الثمانينيات عندما خرجت من بورسعيد حوالي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل في طريقي إلي العريش للقاء الشباب في مركز النيل للاعلام للحديث عن الاقتصاد المصري وشواغل الشباب وقد وصلتها فجرا‏,‏ والتقيت مع الشباب ومعي الدكتور أحمد عامر عميد تجارة بورسعيد آنذاك والمحافظ اللواء منير شاش‏.‏ أثيرت خلاله العديد من القضايا من بينها شركات توظيف الأموال وديون مصر وبرنامج الاصلاح الاقتصادي والبطالة‏,‏ وأيضا وبشكل ساخن وضع سيناء التي لم يلبث علي تحرير أرضها من العدو الاسرائيلي سنوات محدودة‏..‏ قالوا وقتها كلاما ساخنا طالبوا مثلا بنصف دخل قناة السويس ويخصص لتنمية سيناء كما أنهم وصفوا أنفسهم بأنهم السيناوية ونحن أبناء الوادي‏.‏
كان هذا كلاما خطيرا دار منذ سنوات بعيدة وظلت سيناء كما هي الا جنوبها الذي دخل في تنمية سياحية‏,‏ أما الشمال فقد ظل علي حاله والوسط المليء بالخيرات فوق الأرض وتحتها لايزال أيضا كما هو‏,‏ اللهم إلا من مصنع للأسمنت وانحسر انتاج الأسماك من بحيرة البردويل‏.‏
ظلت هذه الأبعاد اختزنها والتقيت المهندس حسب الله الكفراوي وزير الاسكان آنذاك وخرجت من عنده حاملا خمسة مجلدات ضخمة لتنمية سيناء تمت صياغتها بمعرفة المعونة الأمريكية في مصر كموسوعة شاملة متكاملة عن سيناء تضم جميع البيانات والمعلومات عنها وأيضا المشروعات المختلفة المقترحة‏.‏
وليست تلك المجلدات هي وحدها التي تناولت قضية التنمية في سيناء هناك علي سبيل المثال تقارير مجلس الشوري‏.‏ وكذلك دراسة لمعهد التخطيط القومي صدرت في أغسطس‏2007,‏ وتشير إلي أن مجلس الوزراء قد أقر في‏13‏ أكتوبر‏1994‏ استراتيجية التنمية لسيناء وفي سبتمبر‏2000‏ تم اعادة رسم هذه الاستراتيجية لتضم محافظات القناة بتكلفة استثمارية‏110‏ مليارات جنيه حتي عام‏2017‏ منها‏64‏ مليارا لشمال سيناء و‏46‏ مليارا لجنوب سيناء بهدف استغلال الموارد المتاحة وتدعيم الهيكل الاقتصادي والاجتماعي والعمراني والأمني لسيناء والمساهمة في حل المشكلة السكانية في الوادي وتوطين مايزيد علي‏3,2‏ مليون مواطن‏.‏
وقد تم بالفعل تنفيذ استثمارات في سيناء بنحو‏45,9‏ مليار جنيه بنسبة‏41.5%‏ من المخطط‏(110‏ مليارات جنيه‏),‏ إلا أن طبيعة وخصوصية سيناء وأبنائها تتطلب الأخذ بعين الاعتبار عدة عوامل حين نطرح السؤال حول موقف الأهالي أنفسهم من مشروعات التنمية التي نفذتها الدولة أو التي هي بسبيل تنفيذها ونظرتهم إلي هذه المشروعات وتقويمهم لها وأسباب تقبلهم لها أو رفضهم إياها‏.‏ وماذا يقترح الأهالي وما هي المآخذ التي يأخذونها علي سياسة التنمية وأسلوب التنمية‏.‏
هذا هو السؤال الذي نجد اجابته في دراسة قيمة للدكتور أحمد أبوزيد وأساتذة آخرون نشرها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية‏.‏
تقول ان موقف الأهالي من مشروعات التنمية التي تم تنفيذها في شمال سيناء كثيرا ما تختلف عن نظرة الأجهزة الرسمية المسئولة‏.‏
مثلا اختلاف النظرة إلي الأولويات‏,‏ فالدولة تضع المشروعات في ضوء أهمية المشروع وفاعليته للمحافظة ككل‏,‏ بينما أحكام الأهالي علي المشروعات تصدر عن النظرة الجزئية أو متأثرة باحتياجاتهم المباشرة‏.‏ فمثلا أقامت للجماعات البدوية قري ومساكن مشيدة من الطوب‏,‏ بينما يري الكثيرون انه كان من الأفضل انفاق هذه الأموال لاقامة مشروعات انتاجية تفتح لهم فرص العمل وأن يقيم كل منهم مسكنه بالطريقة التي تتلاءم معهم‏.‏ ومثال آخر علي هذا الاختلاف فالخطة أنفقت أموالا طائلة علي انشاء دورات مياه عامة في منطقة الحسنة لم تستعمل قط‏,‏ وكان الأهم حفر آبار للمياه‏,‏ كما أقامت ورشة لصيانة السيارات ولا توجد سيارات تحتاج إليها‏.‏
ويكشف هذا التباين اختلاف الأولويات وترتيبها بالنسبة للأهالي والحكومة التي ليس لديها الاحساس الكافي بالمطالب والاحتياجات الحقيقية للأهالي‏.‏
من ناحية أخري يري الأهالي أو بعضهم أن ثمة نوعا من التحيز من جانب الحكومة ناحية المناطق الساحلية الشمالية وخاصة المدن علي حساب المناطق البعيدة في الصحراء فيما يتعلق بتنفيذ مشروعات التنمية‏,‏ بينما يجب أن تكون محلا للاهتمام‏,‏ خاصة منطقة الوسط التي يمكن أن تكون منطقة الكثافة السكانية‏.‏ هل يحدث هذا لقرب المناطق الشمالية من مقر المحافظة؟ هكذا يقول الأهالي ويقولون انه يجب علي الأجهزة عدم اغفال رأي الأهالي والاستعانة بخبرتهم الطويلة المتوارثة بطبيعة المناطق التي يراد إتمام المشروعات فيها وفرص نجاحها‏.‏ فقد حدث في منطقة نخل أن أجريت عدة محاولات لحفر آبار عميقة ولكنها حفرت في مناطق يعرف الأهالي من طول خبرتهم انها خالية من المياه‏.‏
إن أي محاولة جادة لتحديد الأولويات في مشروعات التنمية في سيناء بشكل عام يجب أن تنطلق من التسليم بأن البداوة هي اسلوب للحياة ونمط للانتاج وان يتجاوز المهتمون بشئون التنمية حدود البيئة الصحراوية المحدودة والامكانيات الاقتصادية البحتة‏,‏ بحيث يأخذون في الاعتبار الانساق أو النظم الاجتماعية السائدة حتي يمكن التعرف علي التفاعل والتأثيرات المتبادلة بين التنظيم القبلي والتنظيمات والمؤسسات القومية‏.‏ كما يجب أن تأخذ مشروعات التنمية في سيناء ان سكان الصحراء أي البشر أنفسهم هم أساس التنمية وأنهم ليسوا مجرد مستفيدين منها‏,‏ بل يجب ضرورة مشاركة الناس أنفسهم في اقتراح ورسم وتنمية المشروعات كلما أمكن ذلك‏.‏ والأخذ في الاعتبار الدور الذي تلعبه العوامل المحلية والانتماءات القبلية والعرقية والشكوك بين الأهالي و‏(‏الحكومة‏)‏ وهي شكوك لها تاريخ طويل‏,‏ بحيث أصبحت جزءا من التراث القبلي السيناوي‏,‏ وزاد في تعميقها عند الأهالي الاحتلال الاسرائيلي وبعض ممارسات التنفيذيين‏.‏
دعونا نعيد النظر إلي سيناء وفتح ملفاتها من جديد ففيها متنفس اقتصادي زاخر بالامكانيات بعدما ضاق شريان الوادي باكتظاظ سكاني مريع‏..‏ إعادة النظر يجب أن تشمل تعديلا في الخطة ومشاركة البشر ضمانا لنجاحها وتحقيقا لأهداف تحقيق التنمية في سيناء‏.‏
[email protected]

المزيد من مقالات عصام رفعت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.