المفترض في عروض مركز الإبداع بالأوبرا أنها تدريب عملي للطلاب علي فنون التمثيل والإلقاء والغناء والتعبير الحركي, وغيرها من أدوات ينبغي توفرها لصاحب الموهبة الفنية حتي يستطيع صقل موهبته والانطلاق في عالم الفن الرحب . وعلي الرغم من كون العروض تدريبات عملية كجانب من جوانب الدراسة, إلا أن الفنان المبدع خالد جلال المشرف علي مركز الإبداع يحرص دائما علي إيجاد حالة مسرحية تتميز بالإيقاع المتدفق واحكام البناء الدرامي, بالإضافة الي خفة ظل تميز معظم عروض المركز من هبوط اضطراري الي قهوة سادة الي أين أشباحي.. ولكن الجديد والمبهر في أين أشباحي أنه ليس اختبارا في فن التمثيل مثلما كان الحال في هبوط اضطراري وقهوة سادة, وانما هو اختبار في الرقص, وقياس لمهارة الطلبة والمتدربين علي التعبير بالحركة والجسد وهو ما بذل فيه المصممان محمد مصطفي وضياء شفيق جهدا جبارا جعلنا نظن أن هؤلاء الشباب مجموعة من محترفي الرقص لا يقل مستواهم عن فرقة رضا المصرية أو فرقة كاراكالا اللبنانية, وتزيد الدهشة عندما نعرف أن معظم المشاركين في عرض أين أشباحي لم يتعلموا الرقص من قبل, وان أول وقوف لهم علي خشبة مسرح في عرض استعراضي هو ما يقدمونه بمهارة أبهرت الحاضرين ودفعت مركز الإبداع الي مد العرض حتي منتصف أكتوبر, وفي بعض الأحيان, ومع التزاحم الشديد للجمهور يقدم العرض مرتين في اليوم الواحد. ولعل الجاذبية السحرية لعرض أين أشباحي هو المزج بين التمثيل والرقص, ووضع فواصل كوميدية تربط ما بين الرقصات وتصنع نسيج الدراما الخفيفة والمطلوبة في مثل تلك العروض الاستعراضية, والدراما ببساطة تقوم علي تخيل أن هناك مجموعة من الحرس المستجدين كلفوا بحراسة قصر قديم مسكون بالأشباح, وتفرض عليهم ملابس الحراسة التظاهر بالشجاعة ومواجهة أي خطر بثقة واتزان, بينما يحملون في داخلهم كمعظم البسطاء من الناس تراثا عظيما من الخوف والحكايات المرعبة عن العفاريت والأشباح.. وهذا التناقض يستثمره خالد جلال وتلاميذه في ورشة الإبداع الجماعي لصناعة شلالات من الضحك الذكي النظيف الذي يحمل خفة ظل الشباب الموهوب من الممثلين في العرض, ممزوجة بخبرة وتجربة خالد جلال المسرحية. وبقي أن نقول إن الملابس في هذا العرض التي صممتها مروة عودة, مع ماكياج الأشباح الذي صنع بالجهود الذاتية للطلبة من عناصر البطولة المؤثرة في نجاح عرض أين أشباحي, والذي يؤكد أن تجربة مركز الإبداع بالأوبرا هي بحق تجربة تستحق الدراسة والتعميم والانتشار اذا كنا جادين في محاولة انقاذ المسرح المصري من عثرته.