حصلت شركة العامرية للغزل والنسيج علي1560 فدانا خصصتها الدولة لها من أجل إنشاء أربعة مصانع قومية كبري تنافس بها مصر عالميا في مجال صناعة الغزل. وبدلا من إنشاء هذه المصانع قام مسئولو الشركة بإنشاء شركة أخري من الداخل أطلقوا عليها اسم مصر العامرية للاستثمار العقاري كانت مهمتها أن تشتري الأرض علي الورق من الشركة الأم بمبلغ ستة ملايين جنيه ثم تعيد طرح الأرض للبيع بعد تقسيمها لمشروعات متنوعة, وبموجب إعلان وحساب متواضع أعلنت الشركة عن بيع الأرض بسعر500 جنيه للمتر الذي حصلت عليه ب19 قرشا لتدر ربحا يقدر آنذاك بحوالي3.3 مليار جنيه. هذه الصفقة الحرام صنعها مسئولون كبار ووقف ضدها مصريون شرفاء في الأجهزة الرقابية لتكشف في النهاية عن أن مناخ الفساد في عهد النظام السابق لم يكن ألغازا فقط بل كان خطة استراتيجية ممنهجة يمارسها الكبار والدليل أن هذه الأرض تم تسجيلها مؤخرا وسوف تقوم الشركة بطرحها للبيع بعد أن وصل سعر المتر في هذا الموقع الي قرابة800 جنيه في حين تم الحصول عليه من الدولة بسعر19 قرشا فقط. تفاصيل القضية الخطيرة تبدأ من عند يوسف عبد الرحمن وكيل أول وزارة الزراعة المسجون حاليا في قضية المبيدات المسرطنة فهو الذي وافق لشركة الغزل علي استغلال الأرض في أي أغراض أخري بعد الغائه البند التاسع من العقد الذي يحظر ذلك. وقد تلت هذه الموافقة عمليات بيع سرية في عام2002 لمساحة445 فدانا من الأرض حصلت عليها الشركة الدولية للتأجير التمويلي انكوليس عن طريق قرض من بنك مصر وهو البنك المالك لشركة مصر العامرية للاستثمار العقاري, والقرض بدون ضمانات ويسدد علي25 عاما وقد وقع علي هذا القرض عن بنك مصر محمد بركات وعن شركة انكوليس الدكتور فاروق العقدة بصفته العضو المنتدب لها. علي ان تقوم شركة العامرية التابعة للبنك باستئجار الأرض مرة أخري بمبلغ عشرة ملايين جنيه في السنة وحاولت شركة الاستثمار العقاري تسجيل الأرض بمساعدة وزير الاستثمار الأسبق ومحافظ الاسكندرية وقتها, وبدعم من مسئولين بجهاز حماية أملاك الدولة آنذاك.. لكن تولي عادل لبيب مسئولية محافظ الاسكندرية ووجود الدكتور طارق القيعي رئيسا للمجلس المحلي للمحافظة وبجهود وطنية أخري وقفت عملية التسجيل لمدة خمس سنوات. وبعد ثورة25 يناير وفي ظل غيبة الرقابة انعدمت ضمائر البعض بالشهر العقاري وسجلت الشركة الأرض بالمخالفة للقوانين تمهيدا لبيعها ومن ثم ضياع المليارات علي الدولة. المستندات والمكاتبات الرسمية التي تحت أيدينا تكشف أسرار هذه الصفقة الغريبة. وبقراءة العقد نلاحظ ان البند التاسع منه يقول في حالة عدم انشاء المصانع يكون العقد مفسوخا من تلقاء نفسه دون تنبيه أو إنذار أو حكم قضائي بذلك. ولكن شركة الغزل كونت بالاتفاق مع بنك مصر تحت مسمي شركة مصر العامرية للاستثمار العقاري وباعت لها الأرض بستة ملايين جنيه وشرعت في تقسيم المساحة الي مشروعات صناعية وتجارية وسكنية وتعليمية وترفيهية وذلك برغم أن الأرض تقع في منطقة صناعية لا يجوز بها ذلك.. وعرضها للبيع بأسعار تبدأ من350 الي600 جنيه للمتر. وأطلقت علي المشروع اسم مارد وأخذوا في تسويقه وتدخلت جمعية رجال الأعمال وبالفعل تم ايقاف الصفقة, وبعد ذلك بفترة فوجئ الجميع بالسير من جديد في اجراءات التسجيل لشركة الاستثمار العقاري والاعلان في الصحف القومية عن طرح30 مليون سهم للبيع بسعر10 جنيهات للسهم وذلك في أواخر شهر نوفمبر عام2006, ويؤكد الدكتور طارق القيعي رئيس المجلس المحلي للاسكندرية الأسبق أن عملية الاستيلاء علي الأرض كادت تنجح لولا تدخل القدر ليصبح اللواء عادل لبيب محافظا للاسكندرية ويقوم بدعوة للمجلس لحضور جلسة طارئة خاصة لمناقشة الأمر وبعد الاستماع والمناقشة وتقديم المستندات الدالة علي النصب والاحتيال أوقف لبيب الصفقة علي الفور ولم تتم اجراءات التسجيل وأصدر القرار رقم1032 لسنة2006 بتشكيل لجنة متخصصة لبحث موقف الشركة وبالفعل انتهت اللجنة في تقريرها النهائي الذي جاء فيه ان ما قامت به شركة العامرية للغزل والنسيج يعد مخالفة صريحة للغرض الذي خصصت من أجله الأرض وأن الشركة احتفظت بالمساحة طوال22 عاما ليس من أجل الاستثمار وتشغيل أيادي عاملة والنهوض بصناعة الغزل والنسيج وعودته لسابق عهده بل حولت مساحة1560 فدانا الي عملية تسقيع وان تسجيل الأرض يتعارض مع القوانين المنظمة لذلك لا يجوز بيع الأراضي الصناعية إلا عن طريق الدولة ولا يجوز إقامة مساكن عليها وأن النظام الأساسي لغزل العامرية لا يتيح لها بيع أراضي والعقد يمنعها من التصرف أو تغيير النشاط والخطاب الذي استندت عليه الشركة في البيع لم يصدر من وزير الزراعة بصفته السلطة العليا ولكنه صدر من يوسف عبد الرحمن شخصيا والمسجون في قضية المبيدات المسرطنة وكانت تحوم حوله الشبهات والتلاعب في أراض وزارة الزراعة وأشار الدكتور طارق القيعي الي أن الكارثة الكبري والتي قدم بها بلاغا الي النائب العام برقم1886 لسنة2001 أن هناك عددا من المصرفيين الكبار مارسوا الاضرار المتعمد بالمال العام حيث قام بنك مصر المالك لشركة الغزل عام2002 بمنح شركة انكوليس قرضا قيمته337 مليون جنيه لتمويل شراء445 فدانا مملوكا لشركة غزل العامرية ويسدد القرض بأقساط لمدة25 عاما. علي ان تقوم شركة انكوليس بإعادة تأجير الأرض لشركة العامرية بمبلغ عشرة ملايين جنيه في السنة وهو ما كشف عنه بلاغ للنائب العام ضد مصرفيين كبار. ومن جهة أخري يؤكد اللواء أحمد علي رئيس جهاز حماية أملاك الدولة بالاسكندرية, أنه بعد تولي عادل لبيب محافظ الاسكندرية وتأكده من التواطؤ والتلاعب للاستيلاء علي الأرض. قامت المحافظة برفع الدعوي رقم3005 لسنة2006 لإبطال العقد الموقع بين الشركة والهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية ومحو وشطب العقد المسجل رقم3799 لسنة1980 وتم اخطار الشهر العقاري وبالفعل حدث ذلك ولكن خلال الفترة الماضية حدث تواطؤ بين موظفي الشهر والشركة وتم تسجيل الأرض بالمخالفة للقانون وعلي الفور قام الجهاز بإبلاغ مباحث الأموال العامة للتصدي لهذا النصب والتلاعب وتحويل المخالفين للجهات القانونية خاصة أن القضية مازالت متداولة بالمحاكم بين المحافظة والشركة وللآن لم تتحرك أي جهة للحفاظ علي أرض الدولة والشركة حاليا تعلن عن بيع الأرض مما سيضيع علي خزنة الدولة أكثر من3 مليارات جنيه. وأخيرا بعد كل هذه التفاصيل هل يتدخل رئيس الوزارء أو المسئولين وعلي رأسهم وزير الزراعة ومحافظ الاسكندرية بسرعة وجدية لإحباط هذه الصفقة الحرام وفتح ملف الفساد ببنك مصر الذي يمتلك شركة العامرية للغزل والنسيج وتقديم الفاسدين لجهات التحقيق لاستعادة الأرض المنهوبة قبل بيعها لمستثمرين عرب وأجانب والدخول في دوامة القوانين.