من بين الألغاز والعجائب التي تزخر بها الحياة في مصر أن تكون هناك مشكلة مزمنة وحادة في تراكم المخلفات بكل أنواعها وأن تنتشر القمامة في كل مكان لتنشر الأمراض والأوبئة. في نفس الوقت الذي توضع فيه كافة العراقيل أمام أكثر من70 مشروعا للاستفادة من القمامة في توليد الكهرباء.. التي بدورها تعد أحد أبرز الأزمات التي تواجه الاقتصاد المصري نتيجة النقص الشديد فيها مما أدي إلي انتشار مظاهر العنف والاحتجاجات نتيجة الانقطاع المتواصل في التيار الكهربائي. أي أن هناك زيادة مفرطة في القمامة فشلت كل جهودنا في التخلص منها ونقص شديد في الطاقة نحاول تدبيرها بصعوبة بالغة, وكلتا المشكلتين يحل إحداهما الأخري ومع ذلك يقف الروتين حائلا دون ذلك لنظل نعاني من تراكم القمامة ونقص الطاقة دون سبب واضح. وزارة البيئة أعدت دراسة حول هذا الموضوع ورفعتها لمجلس الوزراء, ولا يعلم أحد متي سيتم البت فيها حيث يضع هذا الأمر ضمن أولوياته. وكان المجلس الأعلي للطاقة قد أصدر قرارا في أبريل2007 بضرورة استبدال الطاقة المنتجة من20% من الوقود الاحفوري بمصادر بديلة من الطاقة الجديدة بحلول عام2020, كما أثبتت دراسة أجرتها هيئة استشارية لوزارة البيئة أن2000 طن من المخلفات تنتج50 ميجاوات من الكهرباء وتوفر30 مليون طن من الوقود التقليدي مثل البترول والغاز الطبيعي وذلك يتيح تطبيق مشروعات التخلص الآمن والمباشر من المخلفات الصلبة والبلدية والمقدرة ب27مليون طن سنويا من جميع محافظات مصر والاستفادة منها في توليد الطاقة إنتاج طاقة كهربائية نظيفة تقدر ب28 مليار كيلووات في الساعة أي ما يعادل طاقة الكهرباء المتولدة من السد العالي علي الاقل ثلاثةأمثال. كما تتيح هذه المشروعات توفير فرص عمل للشباب تقدر بحوالي مليون فرصة عمل من جميع التخصصات علي مستوي محافظات مصر. من بين المزايا الجانبية لهذه المشروعات توفير ما تنفقه الدولة في دفن القمامة في27 محافظة و في تخصيص الأراضي كمدافن صحية يمكن من خلال هذه التكنولوجيا التي تم تجربتها الاستغناء تماما عن الدفن وتوفير الأراضي وتوفير هذه المبالغ لميزانية الدولة. وطريقة توليد الكهرباء باستخدام القمامة هي ببساطة كما يشرحها الدكتور حسين الطحطاوي خبير البيئة- عبارة عن عملية تحليل بطيئة للنفايات الصلبة تحت درجات حرارة مرتفعة جدا تصل إلي1650 درجة تقريبا وفي ظروف ينعدم فيها الأكسجين باستخدام جهاز التحلل الحراري وهو يعمل كجهاز مغلق لا ينطلق منه ملوثات للجو, مما يقلل من الضرر البيئي, وتنتج في هذه العملية مواد صلبة هي بمثابة وقود صلب مثل كبريتات الأمونيوم وسائلة هي بمثابة وقود سائل مثل النفط وغازات مختلفة هي غاز الهيدروجين و أول أكسيد الكربون والميثان وفي عملية اشتعال الغازات المنطلقة من هذه العملية في ظروف حرارية ملائمة تنطلق طاقة حرارية تستعمل كمصدر للطاقة في الصناعة, كما ينتج عن هذه العملية الغاز والوقود الحيوي ويتم استخدامه في مولدات لإنتاج الكهرباء مباشرة وتذهب مشتقات الوقود إلي تجهيز المرحلة الحرارية الثانية لإنتاج الكهرباء كمنتج نهائي كما ينتج الفحم الحيوي الذي يستخدم في صناعة السماد الطبيعي أو يمكن خلطه مع الأسفلت لتحسين جودته أو يستخدم قي صناعة الكاوتش عالي الجودة ويقول د. حسين: لقد تقدمت اكثر من70 شركة عالمية متخصصة في إعادة تدوير المخلفات الصلبة و تحويلها الي طاقة إلا انها فوجئت بالروتين المصري و ان هناك اكثر من اربع وزارات يجب التفاوض معها مع اختلاف كل وزارة و مفهومها من هذه المشروعات و هي وزارات البيئة و التنمية المحلية و المالية و الكهرباء, حيث قامت كل وزارة بوضع الشروط التي تعرقل تنفيذ المشروع بمصر و من ضمن المشاكل التي تعرضت لها الشركات العالمية المتقدمة من سيشتري الكهرباء المتولدة من عملية تحويل المخلفات الصلبة الي طاقة كهربائية حيث وضعت وزارة الكهرباء22 قرشا لكل كيلو وات كهرباء في حين ان الشركات العالمية تطلب سعر50 قرشا للكيلو وات ليغطي تكلفة الوحدات التي ستقوم بتركيبها في مصر و التي تبلغ قيمة الوحدة الواحدة حوالي200 مليون جنيه و التي ممكن ان تستهلك اكثر من300 طن مخلفات صلبة في اليوم ووافقت الشركات ان يكون تنفيذ هذه المشروعات بالشراكة مع الحكومة المصرية بنظام حق الانتفاع علي ان تعود ملكية هذه الشركات الي الحكومة المصرية بعد15 عاما. من بين المحافظات التي تمت دراسة امكانية الاستفادة من القمامة بها في توليد الطاقة محافظة أسوان التي يبلغ انتاجها من المخلفات الصلبة حوالي800 طن/ يوم و انتاج مدينة اسوان وحدها حوالي340 طن/ يوم. ويمكن انشاء الوحدة في مصنع تدوير القمامة الذي تم افتتاحه في يونيو عام2000 ولم يتم استغلاله حتي الآن و لم يتم تشغيله بالكامل لعدم توافر المادة العضوية في المخلفات الصلبة بمدينة اسوان بكميات تسمح بتشغيل المصنع و ادارته بطريقة اقتصادية حيث ان الطاقة الاستيعابية للمصنع160 طن/ يوم في حين ان اقصي كميات يمكن جمعها من قمامة اسوان في ذروة الموسم السياحي28 طنا يوميا من المواد العضوية. وهذا الموقع يبعد عن مدينة اسوان ثمانية كيلومترات وعن المدفن الحكومي بالمدينة ثلاثة كيلومترات و يقع في منطقة صحراوية ومساحته1600 متر مريع وتتوافر به جميع المرافق وتكلفة وحدة استيعاب المخلفات الصلبة لمدينة اسوان تقدر بحوالي21 مليون دولار مما سينتج عنه حوالي8 ميجاوات سنويا و يمكن في حالة بيعها الي وزارة الكهرباء طبقا للأسعار التي تم الاتفاق عليها ان تدر ربح يوازي حوالي1.5 مليون دولار مطلوب ثورة لنسف الروتين و ان تكون هناك جهة واحدة للتفاوض لجذب هذه التكنولوجيا و التي سوف تساهم في حل جزء كبير من مشكلة المخلفات الصلبة بل ستسهم في دعم مشروعات النظافة بالمحافظات عن طريق العائد الذي سوف يساهم في تنفيذ هذا المشروع علي ارض المحافظات المختلفة علي ان يكون تنفيذ هذا المشروع في احدي محافظات الجنوب و اخري في الوجه البحري و ان تقوم وزارة المالية بمساعدة المحافظات الراغبة لتنفيذ هذه المشروعات علي ارضها في طرح المشروع في مناقصة عالمية و توفير التمويل اللازم لإعداد كراسات الشروط التي تطرح المشروع و كذا انشاء جهاز متخصص للتفاوض مع الشركات و التي نأمل ان تساعد في التخفيف و الحد من مشكلة كيفية الاستفادة من المخلفات الصلبة