لحظة بلحظة.. تنسيقية شباب الأحزاب تواصل مراقبة انتخابات النواب 2025    طلاب خدمة اجتماعية بني سويف ينظمون 5 زيارات ميدانية لمؤسسات رعاية    انتخابات مجلس النواب 2025.. القيادات الدينية تدلي باصواتها في الانتخابات البرلمانية بسفاجا "صور"    انطلاق التصويت في أسوان وسط إقبال ملحوظ على لجان انتخابات مجلس النواب 2025    تنوع الإقبال بين لجان الهرم والعمرانية والطالبية.. والسيدات يتصدرن المشهد الانتخابي    مواقيت الصلوات الخمس اليوم الاثنين 10 نوفمبر 2025 في محافظة بورسعيد    «مفوض الاتحاد الأوروبي للسياحة»: المتحف الكبير رمزاً للوجه الحضاري لمصر الحديثة    بعد ارتفاع الأوقية.. قفزة في أسعار الذهب محلياً خلال تعاملات الاثنين    سعر الذهب اليوم الاثنين 10 نوفمبر 2025 في الصاغة وعيار 21 بالمصنعية بعد الزيادة (تحديث جديد)    نصر الله: الذكاء الاصطناعي التوليدي يفتح عصرًا جديدًا من الابتكار للشركات الناشئة في المنطقة    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الإثنين 10 نوفمبر 2025    ارتفاع معدل التضخم الشهري 1.3% في أكتوبر 2025    الاثنين 10 نوفمبر 2025.. البنك المركزي يطرح سندات خزانة ب 20 مليار جنيه    إيران: تصريحات ترامب بشأن الهجوم على طهران تمثل اعترافا صريحا بارتكاب جريمة دولية    كيف مرر الشيوخ الأمريكى تشريعاً لتمويل الحكومة؟.. 8 ديمقراطيين صوتوا لإنهاء الإغلاق    بعد حجة جديدة.. إلغاء جلسة لمحاكمة نتنياهو في قضايا الفساد    إعصار «فونج وونج» يجتاز الفلبين مخلفا قتيلين ومئات آلاف النازحين    تعزيز الشراكة الاستراتيجية تتصدر المباحثات المصرية الروسية اليوم بالقاهرة    اليوم.. أحمد الشرع يلتقي ترامب في البيت الأبيض    الأهلي يُخطر جهاز المنتخب الوطني بإصابة تريزيجيه    بعثة الأهلي تغادر مطار دبي للعودة إلى القاهرة بعد التتويج بالسوبر    إطلاق منصات رقمية لتطوير مديرية الشباب والرياضة في دمياط    منتخب مصر للناشئين يحجز مقعده في دور ال32 من كأس العالم بقطر قبل مواجهة إنجلترا    أحمد شوبير يعلق على أزمة رفض زيزو مصافحة هشام نصر في كأس السوبر    الزمالك عن إيقاف القيد بسبب فرجاني ساسي: متوقع وننتظر الإخطار الرسمي    خلافات سابقة.. الداخلية تكشف ملابسات مقتل صاحب مطعم شهير بحلوان طعنا بسلاح أبيض    حالة الطقس .. البلاد على موعد مع انخفاض حاد فى حرارة الجو بعد 48 ساعة    اندلاع حرائق مفاجئة وغامضة بعدة منازل بقرية في كفر الشيخ | صور    «الداخلية»: تحرير 1248 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» ورفع 31 سيارة متروكة بالشوارع خلال 24 ساعة    التعليم: تغيير موعد امتحانات شهر نوفمبر في 13 محافظة بسبب انتخابات مجلس النواب    وصول أسرة المتهم الثاني بقضية «الدارك ويب» لحضور ثاني جلسات الاستئناف    «الداخلية» تكشف حقيقة مشاجرة بين قائدي سيارتين    محمد صبحي يتعرض لوعكة صحية تتسبب في إغماء مؤقت.. ونقله للمستشفى    عرض فيلم مروان حامد الست بطولة منى زكي في مهرجان مراكش السينمائي    مسرح وكتابة سيناريو.. ورش تدريبية لأطفال المحافظات الحدودية بمشروع «أهل مصر»    عائلات زكي رستم وشكوكو وسيد زيان يكشفون أسرارا جديدة عن حياة الراحلين (تفاصيل)    لماذا استعان محمد رمضان بكرفان في عزاء والده؟ اعرف التفاصيل .. فيديو وصور    جهود شاملة للحد من التدخين وحماية الصحة العامة وتحقيق تقدم في مكافحة التبغ    انطلاق أعمال التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمهندسين    عاجل- بدء سداد رسوم حج القرعة لموسم 2026 بالبنوك الوطنية ومكاتب البريد    رئيس الوزراء يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمدرسة اليابانية بالجيزة    «السادة الأفاضل» يتصدر الإيرادات السينمائية بأكثر من 3 ملايين جنيه    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    الرئيس الأمريكي يصدر عفوا عن عشرات المتهمين بالتدخل في انتخابات 2020    «الصحة»: التحول الرقمي محور النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان    أمريكا: اختبارات تكشف الجرثومة المسببة لتسمم حليب باي هارت    واشنطن تضغط على إسرائيل لبدء المرحلة الثانية من خطة ترامب    «أنا مش بخاف ومش هسكت على الغلط».. رسائل نارية من مصطفى يونس بعد انتهاء إيقافه    الزراعة: تحصينات الحمي القلاعية تحقق نجاحًا بنسبة 100%    السوبرانو فاطمة سعيد: حفل افتتاح المتحف الكبير حدث تاريخي لن يتكرر.. وردود الفعل كانت إيجابية جدًا    «لاعب مهمل».. حازم إمام يشن هجومًا ناريًا على نجم الزمالك    الأهلى بطلا لكأس السوبر المصرى للمرة ال16.. فى كاريكاتير اليوم السابع    رئيس لجنة كورونا يوضح أعراض الفيروس الجديد ويحذر الفئات الأكثر عرضة    «لا تقاوم».. طريقة عمل الملوخية خطوة بخطوة    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العيب فينا
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 09 - 2012

قلنا في الماضي إن سبب مشاكل مصر وتأخرها عن ركب الحضارة هو الاستعمار البريطاني والقصر والملك الفاسد, ثم قلنا إن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وراء كل المصائب وجرنا في مغامرات لا قبل لنا بها, ثم قلنا إن السادات خرب البلد وسحق الطبقات الفقيرة بسياسة الانفتاح الاقتصادي, وقلنا إن مبارك دمر مصر ونهب أموالها واستنزف مواردها لمصلحة أسرته وزبانيته.
وقد يكون في كل أو بعض ذلك نصيب كبير من الصحة لكنه علينا أن نقر ونعترف بأن العيب الحقيقي فينا نحن وكفانا تعليق عجزنا وفشلنا وتخلفنا علي شماعة الحاكم الظالم, خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أننا كثيرا ما صفقنا لكل هؤلاء الحكام دون استثناء حين كانوا يتربعون فوق قمة السلطة.
علينا أن نعترف بأن سبب تأخرنا يكمن بداخلنا قبل أن يكون ناتجا عن سياسات من حكمونا ومارسوا الديكتاتورية والقمع. وأقاموا صرح دولة بوليسية أسهمت خلال الحقبة الأخيرة في مسخ عبقرية الشخصية المصرية التاريخية.
لكن واقع الأمر أنه لن يفيدنا رئيس جديد ولا مشروع نهضة ولا برامج ولا خطط خمسية ولا عشرية ولا أعظم النوايا الحسنة. ما يلزمنا هو مراجعة شاملة لمكونات الشخصية المصرية وإعادة العقل والضمير إلي قلب المنظومة الاجتماعية والتخلص ممن ساهموا بنصيب الأسد في تخريب عقولنا من خلال الخرافات والخزعبلات. ولعل الخطيئة الكبري لرؤسائنا أنهم تركوا الأفاقين والمنافقين لعشرات السنين يعبثون بعقول الناس باسم الدين. لقد أصيب مجتمعنا بمجموعة من الأمراض والعقد المستعصية قد تجعل مؤسس علم النفس الشهير فرويد يصاب بالاكتئاب ويضرب أخماسا في أسداس لو كتب له أن يبعث ويعيش بيننا. أدرك أن ثقافتنا الحالية تنفر من الحقيقة العارية وتستنكف المكاشفة والإقرار بالواقع عندما يكون صادما أو مريرا. لكنه لا سبيل إلي أي تقدم إلا بعلاج الداء من الجذور والتخلص من الشوائب والرواسب التي علقت بالشخصية المصرية علي كل المستويات. وإذا حاولنا القيام بعملية تشريح سريع للمجتمع نجد أنه قد ترعرعت في داخل الكثيرين نزعات عدوانية كامنة نتيجة الكبت والقهر وهي نزعات تجد متنفسا في الأطراف الضعيفة بالمجتمع مثل المرأة والأطفال والفقراء والمغلوبين علي أمرهم, وأصبحت الكلمات والشعارت بدائل عن العمل والأفعال والأخلاق. فيكفي ان يؤدي المرء الصلاة في مواقيتها ويصوم رمضان ويحج إلي بيت الله الحرام ثم يستحل لنفسه بعد ذلك كل الرذائل والمظالم, وكأنه أدي ما عليه لله, وأنه علي الله سبحانه وتعالي أن يتركه يفعل بعد ذلك ما يشاء. ونحن لا نكف عن الحديث عن الدين وعن ذكر الله والرسول. لكن ديننا دين الرحمة ومجتمعنا أصبح مجتمع القسوة. ديننا دين الوسطية وصرنا مجتمع الغلو. ديننا دين المساواة وتحولنا إلي مجتمع التفرقة. ديننا دين العدل وأصبحنا مجتمعا يقهر فيه القوي الضعيف.
وهذا المقال ليس بالتأكيد إدانة لشعب مصر العظيم الذي أفتخر بالانتماء إليه والذي تفجرت علي يديه ينابيع الحضارة الإنسانية في فجر التاريخ, لكنه إدانة للجيل الحالي أو لجيلين عاشا تحت مظلة منظومة تعليمية وإعلامية ودعائية عمدت إلي تغييب العقول وتزييف الواقع وإلباس الباطل ثوب الحق.
ولو حاولت تشخيص الحالة فلا أدري من أين أبدأ.. أأبدأ بغريزة التحايل والالتفاف حول القانون التي أصبحت تحكم العقلية المصرية ويمارسها كبار المسئولين وصغار الموظفين وكل طبقات الشعب المصري بصورة أو بأخري؟ أأبدأ بالغش والتدليس في معظم المعاملات التجارية وحقن الدواجن من أجل تسمينها ومعالجة الخضر والفاكهة بالكيماويات الضارة بالإنسان؟ أأبدأ بغياب الجدية والانضباط في العمل وعدم الوفاء بالكلمة والتهرب من كل الالتزامات؟ أأبدأ بالغوغائية ورفض الحوار والاستهزاء برأي الآخرين؟ أأبدأ بصور التطرف والعنف ونزعات التخريب والانتقام التي لم يعرفها الشعب المصري. لقد زرعنا بذور التطرف والحقد والكراهية والتفرقة بين المواطنين. اتهمنا أهل سيناء بالعمالة والنوبيين بعدم الولاء والأقباط بالاستقواء بالغرب والحقد علي الإسلام كما خلقنا مناخا من التنابذ وعدم الثقة مع جيراننا العرب الذين كانوا يعشقون مصر ويعتبرونها مثلهم الأعلي.
علينا ألا نرهق أنفسنا في البحث والتفلسف.. فتفسير المحنة التي تعيشها مصر الآن يكمن في داخل كل منا. لكن الشعب الذي قام بثورة25 يناير ضد الظلم والطغيان قادر علي أن يقوم بثورة إصلاحية علي نفسه.
المزيد من مقالات شريف الشوباشي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.