تحت شعار العودة إلى الطبيعة تروج كثير من الاعلانات لتركيبات من الأعشاب يقال إنها تعالج أمراضا مزمنة مثل السكر والضغط والسمنة والعقم، ونتساءل: ما الذى قد يدفع البعض لشراء مثل هذه العلاجات رغم أنه لا يوجد ما يثبت فاعليتها؟. قد يستسهل البعض الدفع بإجابة انه الجهل لتبرير مثل هذا الإقبال ،فى حين يرى آخرون أن ذلك قد يرجع إلى اليأس من الطب التقليدى وتكاليفه الباهظة. سبب آخر هو التشبث بأى أمل قد يعيد الصحة للانسان، خاصة ان ما يطمئن الغالبية هو الاعتقاد السائد ان كل ما هو طبيعى اذا لم يفد فهو بالتأكيد لن يضر .وبالتالى ليس هناك ما يمكن خسارته. انتشار التداوى بالأعشاب والمستحضرات الطبيعية أو ما يعرف بالطب البديل ليس مقصورا على دول العالم الثالث، بل الغريب أنه يتوغل بصورة كبيرة فى الدول الغربية وخاصة فى الولاياتالمتحدة .وكلما ازداد اللجوء للطب البديل تجدد الجدل حول مدى فاعليته مقارنة بالطب التقليدي،وهو ما تشهده الآن الولاياتالمتحدة بسبب خضوع آلاف الأطفال الأمريكيين للعلاج بواسطة ممارسى الطب البديل فى إطار حملة مناهضة التطعيمات وهى التى أدت إلى عودة انتشار الحصبة فى أمريكا وعدد من دول أوروبا بعد اختفاء هذا المرض تماما فى عام 2000. وتشير الاحصاءات إلى أن هناك أكثر من 450 ممارسا فى الولاياتالمتحدة حاليا يتبنون برامج علاجية يدعون أنها قادرة على زيادة مناعة الجسم وبالتالى التصدى لفيروس الحصبة ووقاية الأطفال منه وأن برامجهم قادرة على علاج مرض التوحد تماما الذى كانت حملة مناهضة التطعيمات قد ربطت بين الاصابة به والحصول على التطعيم ضد مرض الحصبة. وتشير تقارير الصحة الأمريكية إلى أن الرسائل التى يغمر بها مناهضو التطعيمات مواقع التواصل الاجتماعى للتحذير من أضرار تطعيم الحصبة كان لها تأثير سيئ وخطير للغاية، حيث تم تسجيل ألف حالة إصابة بالحصبة فى عشرين ولاية خلال الشهور القليلة الماضية وهو رقم غير مسبوق منذ 25 عاما. ووفقا لمركز الوقاية والسيطرة على الأمراض الأمريكى لا توجد دلائل طبية تؤكد مسئولية تطعيم الحصبة عن الاصابة بمرض التوحد. ولكن فى النهاية يحجم كثير من الآباء فى الغرب حاليا عن تطعيم ابنائهم على سبيل الوقاية ويحاولون البحث عن سبل حماية فى الطب البديل. أمر مؤسف أن يعود وباء خطير ظن العالم أنه تخلص منه للأبد ووفر الحماية للملايين من الأطفال بسبب انتشار معلومات غير دقيقة ومضللة على مواقع التواصل الاجتماعي. ولكن مما يدعو للأسف بصورة أكبر هو سقوط المواطن العادى فريسة لضياع الحقيقة فى عالمنا المعاصر وسيطرة النزعة الربحية على كل الأطراف. بمعنى أنه تراجعت الثقة بصورة كبيرة فى الطب التقليدى وأدويته الكيميائية الباهظة الثمن التى قد تضر أكثر مما تنفع.وتجبرت مافيا شركات الأدوية التى قد لا يستحى بعضها من اخفاء ما توصلت إليه الأبحاث من علاج رادع لبعض الأمراض المزمنة فى سبيل زيادة سقف ارباحها من الأدوية التى سبق ان انتجتها. وعلى الجانب الآخر وجد بعض ممارسى الطب البديل أنه يجب استغلال دجاجة المستحضرات الطبيعية التى تبيض ذهبا مادامت الفرصة سانحة، وأنه لا مانع من بيع هواء الوهم فى زجاجات. وبالتالى فى المرة المقبلة حاول أن تتحقق من الدواء الذى ستأخذه سواء كان تابعا للطب التقليدى أو الطب البديل. لمزيد من مقالات هناء دكرورى