أخفين هواجسهن وبدأن البحث عن التعويذة التى يمكن أن تشد من أزرهن وتستنهض قواهن للمواجهة، فلم يكن أمامهن إلا استحضار الروح المتمردة.. وأعلن بصوت واحد قبول التحدى واستطاعت روح التمرد أن تثبت نفسها وتمكنت من أن تدفعهن إلى الأمام ليصنعن مجدا لأنفسهن بعدما نجحن فى كسر قيود فرضها عليهن المجتمع الصعيدى بما يحمله من عادات وتقاليد متوارثة، الخروج عنها يكلف صاحبتها حياتها، على سبيل المثال كان تفكير الفتاة الصعيدية فى ممارسة الرياضة يعد نوعا من «العيب» والخروج عن النص غير المسموح به فما بالك باحتراف بنات فى قلب الصعيد لعبة كرة القدم، وجدن فيها غايتهن وحققن من خلالها ذاتهن ضاربات عرض الحائط كل الموروث الذى يعوق الاستمرار فى الجرى خلف أحلامهن، حيث كسرن التابوهات وخرجن عن المألوف وحققن نجاحات فى مجالات كانت حكرا على الرجال، وإذا لم تكن مصدقا عليك أن تقرأ فى السطور القادمة حكايات صعيديات تألقن مع الساحرة المستديرة.. فإلى التفاصيل .. البداية كانت مع هاجر حجاج بنت المنيا 22 سنة، هدافة فريق سوهاج لكرة القدم النسائية، حيث قالت: منذ صغرى كنت أحب لعب كرة القدم مع صديقاتى فى فريق المدرسة وشاركت فى دورى المدارس ثم انضممت لفريق الكرة فى مركز شباب المنيا. وشاهدنى أحد سماسرة الكرة وأنا أتدرب، فطلب منى الانضمام لنادى سوهاج, والذى لعبت معه 6 مواسم بعدها انتقلت لنادى قنا موسم 2012 و2013، واشتركت معه فى بطولة الجمهورية، وحصلت على لقب هدافه الجمهورية، لكن التجربة لم تكتمل وعدت فى الموسم التالى لسوهاج مرة ثانية لألعب بنادى أخميم، ثم انتقلت لنادى صيد المحلة بالمحلة الكبرى موسم 2015 و2016، ولكن عقب رسوبى فى الثانوية العامة اضطررت لترك الكرة لما تتطلبه من انتقال بين المحافظات والتفرغ لدراستي، وعقب نجاحى التحقت بكلية التربية الرياضية، وشاركت الشهر الماضى فى الدورة الرمضانية الأولى للسفارة الأمريكية فى مصر، وذلك لاستعادة لياقتى البدنية حتى أعود مرة أخرى للملاعب. وعن كيفية تقبل أسرتها لفكرة لعبها الكرة، تقول «والدى كان متفهما جدا لرغبتى فلم يرفض التحاقى بفريق كرة القدم بل كان يشجعنى ويحفزنى دائما، ولكن كان الرفض من أشقائي، فهم أكبر منى وكانوا رافضين تماما فكرة ممارسة كرة قدم وأنها للرجال فقط ولكنهم رضخوا أمام إصراري، والآن هم من يلعبون معى وأتفوق عليهم». نشوى.. أول مدربة فرق رجال أما نشوى جابر، 30 عاما، ابنة المنيا القوية، فقد قالت : بدأت ممارسة كرة القدم وعمرى 7 سنوات، وفى البداية لعبت فى مركز «حارسة المرمي» بعدها لعبت فى فريق كرة القدم النسائية بنادى بالمنيا، وبدأت مهاراتى فى الكرة تظهر خاصة فى مركز الوسط المدافع، واشتركت مع النادى فى بطولة الجمهورية للناشئين، وبعد المستوى الذى ظهرت به مع المنيا، انتقلت للعب بنادى سوهاج وكنت هدافة الفريق، وبدأت أندية القمة مثل وادى دجلة والطيران والداخلية تعمل لنا ألف حساب، وكانوا مندهشين من مستوى بنات الصعيد. وكان نادى قنا المحطة الأخيرة فى مسيرتى فى الملاعب، وانضممت لمنتخب مصر للكرة النسائية فى تصفيات بطولة إفريقيا للسيدات، لكنى أصبت إصابة كبيرة أبعدتنى عن الملاعب لأقرر بعدها اعتزال الكرة. وحول موقف أسرتها تقول نشوي: كنت يوميا أتعرض لمضايقات وأسمع كلاما سلبيا وإحباطات من المجتمع الذى كان يهاجمنى بشدة. لكن أسرتى دعمتنى بشكل كبير، ورغم كل هذه المتاعب التى واجهتها، إلا أن عشقى للساحرة المستديرة جعلنى أتمسك بالاستمرار فى الملاعب. و بعد اعتزالى الكرة قررت الحصول علي دورات للتعرف على الجديد فى عالم التدريب، حيث حصلت على دورة من المركز الثقافى البريطانى ودورة الاتحاد النرويجى فى التدريب. وحول تدريبها فريقا من الرجال، تقول كابتن نشوي: بعد حصولى على بعض الدورات فى تدريب كرة القدم، جاءنى عرض من إحدى الأكاديميات الرياضية الخاصة لتدريب فريق مواليد 97 و98 ووافقت فورا، لكن المشكلة كانت كيف أقنع لاعبى الفريق بأن تتولى تدريبهم فتاة، فطلبت من إدارة الأكاديمية عدم إخبارهم بأن فتاة ستدربهم، وعرفت أن هذا الفريق لديه مباراة ودية وطلبت أن أكون موجودة فى هذه المباراة، وأشارك فى افتتاحها، وصوبت ضربة البداية وسط دهشة لاعبى فريق الشباب الذين سأتولى تدريبهم، وبعد هذه المباراة تم إخبارهم بأننى سوف أقودهم تدريبيا داخل الملعب. ومع مرور الوقت استوعبوا فكرى التدريبي. سهى حسين.. لاعبة ومدربة معتمدة تقول سهى حسين: عشقت كرة القدم منذ طفولتي، حيث كنت متابعة لمباريات كرة القدم ونجومها، وعندما وصلت للمرحلة الابتدائية كنت العب مع شقيقى وأصدقائى فى الشارع، وحينما سعيت لاتخاذ أولى خطواتى نحو تحقيق حلمى باحتراف كرة القدم أعترض والدى فى البداية خوفا على وكان يرى أنها لعبة لا تليق للبنات ولكنه استجاب لرغبتى بعدما عرف مدى حبى لكرة القدم بل ودعمنى وشجعنى . وبدأت احتراف اللعب وأنا فى الصف الأول الإعدادى فى مركز شباب المدينة، وكنت أصغر لاعبة فى الفريق، حتى طلب منى مدرب نادى ساقلتة فى سوهاج الانضمام إلى الفريق وجاء إلى والدى وأقنعه بذلك، ثم لعبت فى نادى البحر بقنا، كما شاركت مع منتخب الجامعة لكرة القدم النسائية فى العديد من البطولات. بعدها اصبت إصابة كبيرة ابعدتنى عن الملاعب . ولكن فى عام 2012 فتح الله لى بابا جديدا لم أكن أتوقعه حيث نظم المجلس الثقافى البريطانى دورة على مستوى الجمهورية «premier skills»، وكان عدد المشاركين بها 100 مشارك، 50 منهم من الصعيد و50 من المحافظات الأخري، نظمت على 4 مراحل على مدى 3 سنوات منذ 2012 وحتى 2015 ونجحت فى الوصول للمرحلة النهائية مع 10 آخرين، وكنت أنا الصعيدية الوحيدة الفائزة، وتم تكريمنا واعتمادنا كمدربين من الإتحاد الإنجليزي». أكاديمية كرة نسائية فى الوادي رغم صعوبة تنفيذ الفكرة لما بها من مجازفة كبيرة، يقول أيمن السنوسى الذى أسس أكاديمية لكرة القدم النسائية ب محافظة الوادى الجديد. : «منذ الإعلان عن تأسيس الأكاديمية منذ 5 أشهر، تقدم للاشتراك بفريقها 20 لاعبة، تتراوح أعمارهن بين 18 و21 عاما. وأضاف: عرضت الفكرة على أعضاء مجلس إدارة مركز شباب الخارجة وتحمسوا للفكرة وتم تنفيذها، حيث قاموا بتوفير الملعب وأدوات التدريب، ورغم ضعف الأجر المادي، إلا أن عدد من المدربات المتخصصات فى الكرة النسائية يساعدننى .. فهدفنا من الأكاديمية إظهار مواهب اللاعبات وتكوين فريق ينافس بشكل كبير فى المستقبل». وعن أبرز المعوقات التى تواجهه فى ضم اللاعبات يقول كابتن أيمن: الأمر لم يكن سهلا مطلقا على ولا على البنات، فللأسف لا تزال التقاليد والعادات والخوف من رد فعل الأهل ونظرة الأقارب والجيران تعوق تطور أدائهن وتطور الفريق، فبعض الفتيات يأتين دون معرفة أسرهن خوفا من ردود أفعالهم مما يصعب عليهن الالتزام فى التدريبات بالشكل المطلوب رغم أنه من بينهن فتيات يمتلكن مهارات عالية تمكنهن من الاحتراف الخارجي». مشيرا إلى أنه مستمر فى التحدى وأنه يرفض النظرة البدائية للمرأة وأنه لابد من منح هؤلاء الفتيات فرصهن للتعبير عن أنفسهن بشكل كامل.