بشرى سارة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال رسميًا    أمريكا تستعد للإعلان عن عقود أسلحة بقيمة 6 مليارات دولار لأوكرانيا    تشكيل ريال مدريد المتوقع أمام ريال سوسيداد في الدوري الاسباني    عاجل.. رمضان صبحي يفجر مفاجأة عن عودته إلى منتخب مصر    رضا عبدالعال: إخفاء الكرات بمباراة القمة كان في صالح الأهلي    إصابة 8 أشخاص في تصادم 3 سيارات فوق كوبري المندرة بأسيوط    تطبيق "تيك توك" يعلق مكافآت المستخدمين لهذا السبب    انطلاق حفل افتتاح مهرجان الفيلم القصير في الإسكندرية    تشرفت بالمشاركة .. كريم فهمي يروج لفيلم السرب    أبرزها الاغتسال والتطيب.. سنن مستحبة يوم الجمعة (تعرف عليها)    البنك الدولي يشيد بالاستراتيجية المصرية في الطاقة المتجددة    رمضان صبحي يحسم الجدل بشأن تقديم اعتذار ل الأهلي    "أكسيوس": مباحثات سرية بين مصر والاحتلال لمناقشة خطة غزو رفح    يونيو المقبل.. 21364 دارسًا يؤدون اختبارات نهاية المستوى برواق العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر    نقابة محاميين شمال أسيوط تدين مقتل اثنين من أبنائها    الزراعة: منافذ الوزارة تطرح السلع بأسعار أقل من السوق 30%    «زي النهارده».. استقالة الشيخ محمد الأحمدي الظواهري من مشيخة الأزهر 26 أبريل 1935    ليلى زاهر: جالي تهديدات بسبب دوري في «أعلى نسبة مشاهدة» (فيديو)    نجم الأهلي يعلق على طلب زيزو لجماهير الزمالك في مباراة دريمز    أحمد أبو مسلم: مباراة مازيمبي صعبة.. وكولر تفكيره غريب    الزمالك: هناك مكافآت للاعبين حال الفوز على دريمز.. ومجلس الإدارة يستطيع حل أزمة القيد    فلسطين.. المدفعية الإسرائيلية تقصف الشجاعية والزيتون شرقي غزة    عيار 21 يسجل هذا الرقم.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 26 أبريل بالصاغة بعد آخر انخفاض    عاجل - بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024 فعليًا.. انتبه هذه المواعيد يطرأ عليها التغيير    «عودة قوية للشتاء» .. بيان مهم بشأن الطقس اليوم الجمعة وخريطة سقوط الأمطار    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    مواقيت الصلاة بالتوقيت الصيفي .. في القاهرة والإسكندرية وباقي محافظات مصر    ذكري تحرير سيناء..برلماني : بطولات سطرها شهدائنا وإعمار بإرادة المصريين    "حزب الله" يعلن ضرب قافلة إسرائيلية في كمين مركب    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميا    عاجل - محمد موسى يهاجم "الموسيقيين" بسبب بيكا وشاكوش (فيديو)    بالصور.. مصطفى عسل يتأهل إلى نهائي بطولة الجونة الدولية للاسكواش    حركة "غير ملتزم" تنضم إلى المحتجين على حرب غزة في جامعة ميشيجان    القومي للأجور: قرار الحد الأدنى سيطبق على 95% من المنشآت في مصر    هل المقاطعة هي الحل؟ رئيس شعبة الأسماك في بورسعيد يرد    برج العذراء.. حظك اليوم الجمعة 26 أبريل 2024 : روتين جديد    أنغام تبدأ حفل عيد تحرير سيناء بأغنية «بلدي التاريخ»    كل سنة وكل مصري بخير.. حمدي رزق يهنئ المصريين بمناسبة عيد تحرير سيناء    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    حكايات..«جوناثان» أقدم سلحفاة في العالم وسر فقدانها حاستي الشم والنظر    السعودية توجه نداء عاجلا للراغبين في أداء فريضة الحج.. ماذا قالت؟    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    عاجل - "التنمية المحلية" تعلن موعد البت في طلبات التصالح على مخالفات البناء    رئيس الشيوخ العربية: السيسي نجح في تغيير جذري لسيناء بالتنمية الشاملة وانتهاء العزلة    فيديو جراف| 42 عامًا على تحرير سيناء.. ملحمة العبور والتنمية على أرض الفيروز    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    المحكمة العليا الأمريكية قد تمدد تعليق محاكمة ترامب    لوحة مفقودة منذ 100 عام تباع ب 30 مليون يورو في مزاد بفيينا    سرقة أعضاء Live مقابل 5 ملايين جنيه.. تفاصيل مرعبة في جريمة قتل «طفل شبرا الخيمة»    استشاري: رش المخدرات بالكتامين يتلف خلايا المخ والأعصاب    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    طريقة عمل الكبسة السعودي بالدجاج.. طريقة سهلة واقتصادية    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    قبل تطبيق التوقيت الصيفي، وزارة الصحة تنصح بتجنب شرب المنبهات    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثلاثية حسن طلب (1)

أكتب اليوم من جديد عن حسن طلب. لأن حسن طلب اليوم شاعر جديد أو مختلف بالقياس إلى الشاعر الذى كتبت عنه منذ نحو ثلاثين سنة.
حسن طلب القديم أو السابق كان يحاور اللغة ويغازلها ويتغنى بها ويتباهى بما استطاع أن يمتلكه فيها. أما حسن طلب الجديد فيجعل اللغة سبيلا للاتصال بالعالم ومعرفته ومساءلته والتحاور مع أشيائه الصغيرة وقضاياه الكبري. ولو أنكم كنتم قرأتم قصيدته التى رثى فيها أمل دنقل لوجدتم أن الحوار الذى أداره فى القصيدة مع الشاعر الراحل يصلح الآن ليكون حوارا مع نفسه. حسن طلب القديم يحاور حسن طلب الجديد.
الشعر عند حسن طلب الأول حال تشبه الحال التى تعترى المتصوف حين يهزه الوجد ويطير به إلى السموات العلى حيث يرى «فيوض الجلال ومطلق آياته، وغموض الجمال إذا شف عن ذاته». أو أنه بعبارة أبسط ابداع خالص وخلق جديد وتشكيل لا يراعى فيه الشاعر إلا الأصالة، ولا يطلب الا الجمال.
الشعر عنده غاية وليس وسيلة لغاية أخري. وبقدر ما يخلص الشاعر للشعر ويكتفى به ويمنحه كل نفسه بقدر ما يستطيع أن ينهل من معينه دون أن يستنفده او ينقص منه شيئا. بل هو يضيف إليه ويزيده كلما أخذ منه ويرد إليه ما أخذ أضعافا مضاعفة. ومن هنا ثراء الشعر وعمقه واتساع مداه، وبالتالى كثافته وغموضه وجاذبيته.
أما عند أمل دنقل فالشعر تعبير عن العالم والإنسان أو عن موقف أو تجربة حية. لأن الشعر لغة. وإذن فهو وسيلة نتواصل فيها مع أنفسنا ونتصل بالآخرين ونتغير ونغير العالم. والشعر إذن قول وفعل أو كما يقول أمل دنقل فى قصيدة حسن طلب «القريض اعتراض» أى رفض للفساد والقبح والشر والطغيان. وهى «حديث من القلب يجنح للشعب» وينحاز له.
ونحن ننظر الآن فى شعر حسن طلب الجديد فنراه حافلا بالتعبير عما نعرفه ونعيشه. وحسن طلب فى هذا الشعر يحاور الواقع كما نحاوره جميعا فنقبل منه ونرفض، ونتفق ونختلف، ليس بما نقول فقط، بل بما نقول ونفعل كما حدث فى ثورة يناير التى شاركنا فيها جميعا بصور مختلفة، وشارك فيها حسن طلب ونظم فيها ثلاثية شعرية صدرت خلال السنوات الأخيرة فى ثلاثة أجزاء بعنوان مشترك هو «إنجيل الثورة وقرآنها» وهو عنوان يجمع بين الثوار مسلمين ومسيحيين فى ساحة واحدة يتطهرون فيها من الفساد والطغيان ويقدسون الوطن والحرية والعدالة. وقد استخدم حسن طلب فى هذه الثلاثية لغة جديدة ابتعد فيها عن لغته الأولى التى نظم بها أعماله السابقة «سيرة البنفسج»، و«آية جيم» و«أزل النار فى أبد النور» وغيرها.
فى هذه الأعمال السابقة كان حسن طلب يتحاور مع اللغة كما قلت. كان يولد الكلمة من الكلمة أو يشتقها، وكان يولد الصورة من الصورة، والإيقاع من الإيقاع. أما فى أعماله الجديدة التى نظمها فى ثورة يناير فلغته تعبير مباشر عن واقع الثورة كما عرفه. وكما عرفناه. فهى حافلة بالأخبار والتقارير والتعليقات وأسماء الناس والأشياء والأماكن. وهى تتسع للتهكم والسخرية كما تتسع للأمثال والعبارات الشعبية، للغزل والغناء إذا أراد الشاعر، وللفخر والهجاء حين يشاء.
يا أيها الفطاحل الأفذاذ من ذوى العقول اللوذعية.
كفوا عن الأذية!
لاتكثروا من فضلكم من جهلكم!
فواقع الثورة فى الميدان ماكان كما بان لكم أسطورة
أسطورة الثورة فى الميدان واقعية
ساحتها ميداننا
أبطالها أبناؤنا
وقد رووها بالدماء الحرة الزكية
ورفرفت إيزيس فى فنائها
فباركت ثوارها
واصطحبت إلى الخلود شهداءها
من أجل هذا كانت الثورة مصرية
......................
مصرية تظل فى الصميم
منذ انتشرت كالنار فى الهشيم
من ميدانها الكبير فى القاهرة الكبري
إلى السويس والإسكندرية
ثم أشع نورها عبر الضفاف المتوسطية
ترددت أصداؤها من مشرق الأرض إلى مغربها
أطربت الأحرار فى مختلف الأقطار
غنتها الطيور الصادحات باللغات الأجنبية.
اللغة فى هذه القصيدة لغة تقريرية تصف ما يحدث فى الواقع كما نراه جميعا وتسمى الأشياء والأعمال والأماكن بأسمائها الحقيقية دون أن تفقد شاعريتها أو تتحول إلى نثر، فهى حافلة بالمفارقات الكاشفة والإيقاعات الراقصة والايحاءات الذكية والزخرفة الرصينة التى يستدعى بها الشاعر التراث ويؤلف بينه وبين العبارات التقريرية والمفردات المألوفة فيخرج بلغة فيها من الشعر جماله وفيها من النثر وضوحه وصراحته. وبهذه اللغة يتحدث عن الثورة ويرد على أعدائها وخصومها الذين استهانوا بها خاصة فى بدايتها وأعلنوا أنها عبث لا طائل وراءه واتهموا الشباب الذين رفعوا رايتها بالعمالة وإثارة الفوضي. وفى مواجهة هؤلاء كان لابد للشاعر من استخدام هذه اللغة الصريحة يرد بها على التهم الباطلة ويكشف جهل الجهلاء وأوهام الواهمين.
الثورة ليست أسطورة كما ظن الذين لم يصدقوا أنها ستقوم. فإذا كانت الثورة قد قامت وتحول الحلم إلى حقيقة فقد تحققت الأسطورة إذن وأصبحت الثورة واقعية. الثورة واقعية، لأن النظام الذى ثار ضده الشباب واقع ماثل. ظلم بين، وطغيان مزمن، واستبداد شامل.
غير أن واقعية الثورة لم تمنعها من أن تكون مادة للشعر. لأن الشعر لايكون بموضوعه وإنما يكون بلغته التى تكشف عن المادة الشعرية فى أى موضوع. هكذا كان التوق للعدل والحرية والكرامة دافعا للثورة، وكانت الثورة تجربة إنسانية عنيفة ضحى فيها الثوار بأرواحهم التى رفرفت حولها إيزيس أم حورس وأم المصريين وصحبتها إلى الخلود. ومن أجل هذا كانت الثورة مصرية، إذ كانت تجسيدا لحلم المصريين. هكذا رأينا حسن طلب يتحدث فى إحدى قصائده عن الجمعية الوطنية للتغيير التى تألفت من مختلف الألوان السياسية لتغير النظام وتحل محله نظاما جديدا يقوم على ديمقراطية حقيقية وينتمى فيه المصريون لوطنهم قبل أن ينتموا لأى شيء آخر. وقد أصدرت هذه الجمعية أول بيان لها فى الثانى من مارس عام ألفين وعشرة وعليه مليون توقيع. ثم لم تمض إلا عدة شهور ليتحقق الحلم وتقوم الثورة فى يناير من العام التالي.الحلم تحقق وأصبح واقعا يعد بحلم جديد. فليست الغاية سقوط النظام الفاسد فقط، وإنما الغاية سقوط هذا النظام ليقوم على أنقاضه نظام جديد. مدينة فاضلة يحدثنا عنها الشاعر فى أكثر من قصيدة.
لمزيد من مقالات بقلم . أحمد عبدالمعطى حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.