حينما يفقد الإنسان ثقته فى نفسه ويتسرب بداخله الإحساس بأنه مجرد رقم لن يقدم أو يؤخر فى مسيرة الحياة، فإنه يكون قد ارتكب جريمة ليس فى حق نفسه فقط بل فى حق المجتمع ككل.. وفى هذه الحالة علينا أن نقول على الدنيا السلام. وبينما كنت افكر فى هذا الأمر تذكرت حكاية قديمة تقول إنه فى أحد العصور الماضية حدثت مجاعة فى قرية.. فاستدعى الحاكم القادرين من أهل القرية وأخبرهم بأنه سوف يواجه خطر هذا القحط والجوع بوضع وعاء كبير فى وسط القرية وطلب من كل منهم أن يسكب فى هذا الوعاء كوبا واحدا من اللبن ليتم توزيعه على الفقراء واشترط عليهم أن يذهب كل منهم بمفرده حتى لا يشاهده أحد وهو يقوم بعمل الخير. وبالفعل استجاب الجميع وكل منهم تخفى بالليل وذهب للقيام بأداء هذا الواجب المقدس .. وفى الصباح فتح الحاكم الوعاء وفوجئ بأنه مملوء عن آخره بالماء ولم يجد حتى كوبا واحدا من اللبن. وببحث الأمر اكتشف أن الجميع قد وضعوا الماء بدلا من اللبن لأنه ببساطة شديدة كل واحد منهم قال بينه وبين نفسه أن كوبا واحدا من الماء لن يؤثر على كمية اللبن الكبيرة التى سوف يضعها بقية أهل القرية.. واعتمد كل منهم على الآخر وفكر بالطريقة نفسها وظن أنه هو الوحيد الذى سيضع الماء بدلا من اللبن فكانت النتيجة كما رأينا أن الوعاء امتلأ بالماء بدلا من اللبن، وبالتالى تفشت المجاعة ومات فقراء القرية لأنهم لم يجدوا اللبن الذى وعدهم به الحاكم. هذه الحكاية جعلتنى على قناعة تامة بأننا جميعاً نقع فى الخطأ نفسه ونملأ الأكواب بالماء فى أشد الأوقات التى تتطلب منا القليل من اللبن.. فحينما لا نتقن عملنا بحجة أنه لن يظهر وسط الأعمال العظيمة الكثيرة التى سيقوم بها غيرنا من الناس.. فإننا فى هذه الحالة نكون نملأ الأكواب بالماء. لمزيد من مقالات أشرف مفيد