لا يمكن للمار بعطفة الحجازى بالجمالية أن يتخطى المكان دون أن يتوقف أمامه، ولاتدرى أيهما الأكثر جذبا للانتباه؟ .. الدكان الصغير بمعروضاته المتنوعة بين بدلة من الزى الليبى التراثى..وعبايات مطرزة ومشغولة بأنامل متمكنة.. وأشكال مختلفة من الملابس المتجاورة المثبتة على كل الجدران.. أمام و داخل «الاتيليه» الكثير المحتوى ؟ .. أم أن سر توقفك أمام المكان هو صاحبه ذو الطلة والهيئة والابتسامة المميزة؟ أجواء ومزاج خاص خصب لاثراء خيال أى مبدع لوصف مشهد يبدو كأنه من قلب التراث. ويقودنا الفضول للولوج إلى دكان عم محمد، الذى يستقبلك بنظارته وابتسامته وشاربه الكثيف و«صديرى» ليبى أخضر. يعمل بمهنة الخياطة منذ 50 عاما، بعد أن أتى إلى قاهرة المعز فارا من الالتزام بمواعيد المدرسة فى الشرقية، ليتلقفه أولاد الحلال ويوفروا له المأوى والملاذ والمهنة ايضا. وتمر الأيام وتمكنه مهارته وشغفه بالخياطة للنجاح والشهرة، يعمل فى تصميم فساتين فاتن حمامة وآمال فريد ونعيمة وصفى، وغيرهن من النجمات. ويتميز فى تفصيل وتطريز البدلة الليبى (سروال وصديرى وبدعية وجاكيت) التى كان الاقبال عليها كبيرا، وكذلك الملابس والعبايات المطرزة يدويا والتى يهواها زوار مصر و يشتريها منه أصحاب بازارات خان الخليلى بالجملة. وبالرغم من تقلبات الأيام وتغير الأزمان والأحوال، يبدو عم محمد واثقا يعرف قدر نفسه وراضيا حامدا ربه. وعند سؤاله عن اسم عائلته، يفاجئك بابتسامة كبيرة تزين ثغره ولمعة تكاد تقفز من بين عينيه قائلا: ده موضوع كبير.. اسمى «عزرائيل».. مؤكدا بقناعة وثقة انه اسمه الحقيقى فى البطاقة وكل الأوراق الرسمية.. اعمل ايه.. "نصيبى كده".. لكن اسمه لم يكن عائقا يحول دون نجاحه وتمسكه بتلابيب الحياة.. بل وعشقها.. ويقول مزهوا: «أعطيتها واعطتنى الكثير.. وأهم عطاء ثلاثة أبناء خريجى جامعة ومحبين للمهنة.. و لسه بشتغل والدنيا ماشية.. على قدها.. مش زى زمان.. بس ماشية.. الحمد لله».