منذ أيام قضت محكمة إسرائيلية في رفح برفض الدعوة المقدمة من والدي الناشطة الحقوقية الأمريكية راشيل كوري التي دهستها الجرافة الإسرائيلية منذ تسعة أعوام في رفح ضد حكم سابق بتبرئة الجيش الإسرائيلي.. راشيل التي حاولت الدفاع عن هدم أحد المنازل الفلسطينية من خلال الوقوف أمام الجرافة ولم يرحمها سائقها واختار أن يدهسها مرتين تحت عجلاته. برأت المحكمة الاسرائيلية قاتلها مؤكدة في حيثيات الحكم أنه لم يرها, وأدانت راشيل لأنها من وقفت أمامه رغم محاولات السائق وقوات الاحتلال إبعادها بكل الطرق ولكنها أصرت علي الوقوف بل وتوجهت بنفسها صوب الجرافة. القاضي الإسرائيلي لم يكتف بتحميل الناشطة الأمريكية مسئولية مقتلها بل وجه تهمة تعطيل عملية عسكرية للجيش لراشيل وأعضاء جمعية(ism) حيث وصف مكان الحادث الذي يقع في منطقة محورصلاح الدين فيلادلفيا في قطاع غزة, بالقرب من رفح بأنه( منطقة حرب يومية) بين الجيش الاسرائيلي ومن أسماهم بالعناصرالإرهابية تشهد إطلاق نار يومي من القناصة, وإطلاق صواريخ وقذائف ومتفجرات ضد قوات الجيش الاسرائيلي. كما أكد القاضي أن هذه المنطقة قناة لتهريب السلاح من وإلي قطاع غزة.لذلك صدرت اوامر بهدم المنازل هناك حتي لاتصبح أماكن لإيواء العناصر الفلسطينية المقاومة. الجديد وما كشفته قضية راشيل هو أكذوبة القضاء الإسرائيلي المستقل الذي تتفاخر بحريته الدولة في كل مكان, فها هو يغض الطرف عن جريمة شنعاء ارتكبها الجيش الإسرائيلي في حق إنسان كل جريمته أنه أحس بقضية أصحاب الارض. فتعمد طمس الحقائق ولم يلتفت الي شهادة شهود الواقعة الذين أكدوا أن السائق تعمد دهس راشيل, ومن المستحيل ألا يراها لأنها كانت تقف أعلي تبة أرضية من الرمال وترتدي قميصا برتقالي اللون ممسكة بميكروفون تنادي فيه علي السائق وتطالبه بوقف الجرافة. الأمر الآخر الذي تعمدت المحكمة عدم النظر إليه هو تدمير دليل الإثبات الوحيد في القضية وهو شريط الفيديو المصور للواقعة والذي يثبت تورط الجيش الإسرائيلي في عملية الدهس, بالإضافة إلي اختلاق ظروف محيطة تبرر الواقعة كتلك التي ادعتها المحكمة والتي تتمثل في وصفها لمكان الحادث بأنه منطقة حرب. كما أن الحكم الأخير يعد مخالفة صريحة للقانون الدولي وكافة المواثيق والإعلانات العالمية. لا سيما اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949حيث نصت صراحة علي عدم جواز المساس بالمدنيين وقت الحرب. وهو ما يعكس عدم نزاهة المحاكم الإسرائيلية, فما من جهة في إسرائيل تستطيع إدانة الجيش أو حتي توجيه تهمة له لأنه باختصار( الحامي والمنقذ والملاذ) من أي اعتداء, وبالتالي حمايته وتبجيله والدفاع عنه أمر واجب ومرسخ في الدولة اليهودية. الأمر الذي يستحق التوقف أمامه هو موقف الولاياتالمتحدةالامريكية, إذ أن راشيل مواطنة يهودية أمريكية, وعلي الرغم من أن الولاياتالمتحدة هي من طالب ببدء التحقيق إلا أنها لم تتابع القضية ولم تظهر أي ردة فعل علي قرار المحكمة الظالم. فلم تشجب ولم تندد ولم تدن كعادتها مع قرارات المحاكم العربية, بل وافقت ضمنيا علي الحكم الظالم بصمتها وعدم تصعيد الأمر للمحكمة الدولية.