* يسرى الجمل: النظام الجديد سيقضى على ال «بعبع» وعلينا الصبر وفتح حوار حول العملية التعليمية * الدكتور مجدى حمزة: المشكلات ستنتهى عندما لا يكون المجموع هو الأساس * أشرف الفضالي: إشراك المجتمع فى المنظومة هو السلاح الذى سيقضى على الدروس الخصوصية
ساعات قليلة ويبدأ ماراثون الثانوية العامة ، السنة الفاصلة فى حياة أى طالب ، 12 شهرا من الضغط النفسى والمادى على الطلبة وأولياء الأمور ، فمنذ سنوات طويلة ونحن نشهد كل عام كيف تمتلئ الدنيا ضجيجًا بسبب امتحانات الثانوية العامة.. هذه المرحلة يزداد فيها القلق والتوتر مع الترقب لشكل الامتحانات وحتى ظهور النتائج والتنسيق. فهل سيختلف الامر خلال الفترة المقبلة؟ وهل ينتهى صداع الثانوية العامة مع تطبيق النظام الجديد؟ وهل خطفت أولى ثانوى الأضواء من الثانوية العامة .. تحقيقات الأهرام ناقشت عددا من الخبراء؟ والى الاجابة والتفاصيل ...
بداية كنا نود أن نسمع ردودا على أسئلة كثيرة من جانب المسئولين بوزارة التربية والتعليم، فقد تواصلنا مع الكثيرين وبرغم تعاملهم الودود، فإن الجميع أكدوا أنهم غير مسموح لهم بالرد، وان المسألة تقتصر على المؤتمرات الصحفية للوزير طارق شوقي، لكن خبراء آخرين وأولياء أمور، أكدوا أن العد التنازلى للثانوية قد بدأ فعليا ..وكما يقول أيمن على «ولى أمر طالب» بالثانوية العامة: أظن أن القلق بلغ منتهاه، فالبيت فى حالة تأهب لاستقبال أوقات عصيبة أتمنى أنها تمر بسلام ، كانت أولى ثانوى حديث المدينة هذا العام، لكننى أتوقع انتهاء هذا الصداع مستقبلا، ولا ننكر أن اولى ثانوى سحبت بساط القلق من الثانوية العامة، ولكن الضغط النفسى والعصبى والمادى لم يتوقف فقد تأثر ابنى وأصيب بالاحباط، وحاليًا كل تركيزى مع ابنى فى هذه السنة، ونأمل أن يقضى النظام الحديث على الدروس الخصوصية، فلدى أولاد لم يلتحقوا بعد بالمرحلة الثانوية أتمنى أن يفيدهم هذا النظام. اما هدى عبد المنعم أم لاثنين من الطلاب، الأول فى الصف الأول الثانوي، والأخرى فى الثالث الثانوي، فتقول: كانت سنة عصيبة ومن أكثر السنوات توترا، فأنا أرملة ودخلى بالكامل وجهته لتغطية ثمن الدروس الخصوصية، ولولا مساعدة والدى ما كنت أدرى كيف سأتصرف، ناهيك عن جشع المدرسين والتخبط وعدم فهم ما يحدث لأولى ثانوي، والخوف المستمر من «ثالثة » ثانوي، مضيفة: لا أستطيع التفكير عن ماذا سيحدث فى السنتين القادمتين إذا استمر الحال بهذا الشكل، فابنى يقول لى نريد أن نحجز لدروس ثانية ثانوى من الآن، ونحن لم نكد نفيق من صدمة أولى ثانوى .. حقيقة المعاناة كبيرة ولانه كان وزيرا ومسئولا عن التربية والتعليم، فقد سألنا الدكتور يسرى الجمل وزير التعليم اسبق، حول صداع الثانوية العامة ومتى ينتهى للابد ؟، فأجاب.. أتوقع أن يتلاشى الضغط والتوتر بمرور الوقت ، فبدءًا من العام المقبل ستكون السنة محسوبة لطلاب الصف الثانى الثانوي، وسيجتاز فيها الطلاب عددًا من الاختبارات، وسيؤخذ بالاختبار الذى حصل فيه الطالب على أعلى الدرجات، أى سيجتاز الطالب 8 اختبارات، وستصل إلى 12 اختبارًا، وعندما تكتمل المنظومة سيؤخذ بأفضلها، فدائمًا هناك فرصة أخري، لافتًا أن برغم زيادة عدد السنوات للثانوية العامة لتصبح 3 سنوات، لكنه يرى أن حدة التوتر والقلق ستتراجع لولى الأمر والطالب، لأن النظام الجديد يعتمد على الفهم وليس الحفظ والتكرار الموجودين فى النظام الحالي، والذى يستدعى اللهاث وراء الدروس الخصوصية، ليتدرب الطلاب على شكل ونوع اسئلة لكى يحفظها ويطبق مثلها فى امتحان، أما المنظومة الجديدة، فالطالب عليه أن يفهم ويفكر ويتعرض لنوع وشكل جديد من لأسئلة، فهو من يتعامل مع بنك المعرفة، ويستطيع أن يبحث ويحصل على المعلومة بنفسه، وبالتالى سيقضى هذا النظام على الدروس الخصوصية، والتى تسبب ضغوطا اقتصادية للأسرة المصرية، مضيفًا : علينا فقط الصبر وفتح حوار مجتمعى وإتاحة الفرصة لكل أطراف العملية التعليمية، من أولياء أمور ومعلمين وإدارات تعليمية، لفهم المنظومة والتعرف على فوائدها، مع اخذ فى الاعتبار الدروس المستفادة من السنة التجريبية، واستفادة من الملاحظات، والتى رغم وجودها فإننى أرى أن مردودها إيجابى وستتحسن الامور بشكل كبير، وسيتم ضبط السيستم والشبكات فى السنوات المقبلة. نجاح المنظومة أما أشرف الفضالى خبير شئون التعليم، فقد تنبأ بنجاح المنظومة الحديثة للثانوية العامة، والتى أكد أنها ستقضى تمامًا على البعبع الرابض فى كل بيت مصرى به ثانوية عامة، ولكن سيحدث هذا إن اشركت الوزارة، خبراء التعليم وأولياء امور والمجتمع المدني، بخططها وهدفها من هذه المنظومة، والعمل على تثقيفهم وزيادة وعيهم، وإقناعهم بها، فهم السلاح الأقوى الذى سيواجه مافيا الدروس الخصوصية من المدرسين وأصحاب المراكز، والذين أصبحوا يسيطرون على المشهد بشكل كامل ويتحكمون فى الطالب، والذى بدوره يسيطر على أسرته، ويضطر الجميع لأخذ دروس خصوصية، وهذه المافيا ستعمل بكل قوتها على إفشال المنظومة، فهم يشعرون أن مصالحهم فى خطر، وإن تركنا لهم الفرصة سيعملون بالفعل على إفشالها، ونحن ليس لدينا رفاهية الوقت ولا المال للفشل، وإستطرد أن المشكلة هذا العام كانت واضحة نظرًا لتطبيق تجربة جديدة، وأطراف العملية التعليمية بالكامل لم يكونوا على كامل استيعاب بها، وبالطبع أى تجربة جديدة ستواجه تحديات ونقاط ضعف، والتى تعمل الوزارة باستمرار على إصلاحها ، مشيرًا إلى أن الشفافية والوضوح هى أقصر الطرق للحل، فالمجهودات الفردية لن تفلح وحدها للنظام الحديث، وهذه المنظومة هى مخطط شامل للدولة، ولابد من إشراك كل اطراف فيها، فالعملية التعليمية ليست فقط مدراء إدارات تعليمية ووكلاء وزارة فقط ، بل تشمل أولياء أمور وخبراء التعليم، وهم من أهم أطراف العملية التعليمية، لذا فإشراكهم واجب، واعتبر الفضالى أن أولى ثانوى نجحت، ومن عمل على تشويه إنجازها هم «مدرسو السبوبة » على حد تعبيره، ودعا الجميع إلى تضافر الجهود مع الوزير حتى لو كنا مختلفين معه، ولابد من تأييده على جرأته لخوضه تجربة التغيير، فالنظام الحالى لا يتناسب مع إتجاه الدولة فى التطور والتقدم ، ويطمئن الناس التى لديها تخوفات من تطبيق نظام الثلاث سنوات، قائلا: رغم طول المدة فإنها سيقل فيها التوتر، لأن التعليم سيكون نموذجيًا لا يعتمد على الحفظ والتلقين . سحبت الأضواء اما الدكتور مجدى حمزة الخبير التربوي، فقد رأى أن تطبيق المنظومة الجديدة على أولى ثانوى سحب اضواء من الثانوية العامة هذا العام، بسبب كثرة الحديث وحالة التخبط التى حدثت للطلبة والمدرسين وأولياء امور لتطبيق تجربة جديدة، مما ساعد على إنتقال البعبع من الثانوية العامة ليطول الصف اول الثانوي، خاصة البيوت التى صادف وجود السنتين الدراسيتين فيها، فشعر اولياء امور بزيادة التوتر والقلق ، وقال إن النظام الجديد والتكنولوجيا والتطور الحديث الذى حدث فى التعليم خطوة مهمة جدًا، لكن أسوأ ما فيه إمتداد الثانوية العامة، لتشمل العام المقبل سنتين ثم 3 سنوات عند إكتمال المنظومة، أى أن الضغط العصبى والنفسى والمادى سيزداد لثلاث سنوات، متسائلا لماذا لا يتم تطبيق هذه المنظومة لتكون سنة واحدة فقط ، فمن جانب يحدث تطوير للتعليم، ومن جانب آخر لا أثقل على الطالب وولى الأمر 3 سنوات، ومن يعتقد أن المنظومة الجديدة ستقضى على الدروس الخصوصية فهذا كلام غير صحيح، لأن طلاب الصف الثانى الثانوى بدأوا يهرولون من الان وراء اسماء اللامعة فى سماء التدريس، للحجز لديهم للعام الجديد، كما أن مافيا الدروس الخصوصية تستعد للموسم الجديد بكل قوتها، فأين القضاء على الدروس!!، فإن لم يحقق النظام الجديد المرجو منه والذى من ضمن أهدافه القضاء على الدروس الخصوصية، ستتحول الثانوية العامة إلى جحيم وليس بعبعًا فقط، ويقول حمزة: نعلم جيدًا أن الوزارة تحاول تلافى أى سلبيات حدثت هذا العام، ولكن تطبيق التجربة على هذا السن المتمرد صعبًا للغاية ، وقد سألت الوزير لماذا هذه المرحلة تحديدًا، فأجاب أنه يريد اختصار الوقت ، فالوزير فعلا لديه خطة تطوير ويريد تطبيقها، لكن كنت اتمنى ان يبدأ تطبيق هذا النظام على المراحل المبكرة من التعليم، عندها كانت امور ستسير بشكل بسيط ومتسلسل حتى الوصول إلى الثانوية العامة، وكنا سنتعامل مع المشكلات، وستكون الحلول بسيطة، وسيعطى ذلك فرصة لجميع أطراف العملية التعليمية لفهم النظام، وخاصة المدرس الذى لم يستوعب النظام جيدًا، لكى ينقله إلى الطالب، ويرى أن القلق والتوتر سيتلاشى بالفعل لو لم تكن نتيجة إختبارات الثانوية العامة هى اساس فى دخول الكليات، أى أن المجموع الذى سيحصل عليه الطالب ربما لا يؤهله إلى إلتحاقه بالكلية التى يريدها وتناسب قدراته، بل التى تناسب مجموعه، فى هذه الحالة ممكن أن نعطى له فرصة أخرى وإخضاعه لاختبار قدرات يعتمد على أساليب نفسية وتربوية إن اجتازها، بجانب مجموعه الذى حصل عليه يتيح له دخوله للكلية التى يريدها، وبهذا سنعطى فرصة كبيرة لعدد كبير من الطلاب لكى يحصلوا على المجموع المناسب لقدراتهم، وستصبح الثانوية العامة سنة عادية خالية من أى ضغوط. ويرى الدكتور محمد عبد العزيز الأستاذ بكلية التربية بجامعة عين شمس، أن بعبع الثانوية العامة لم ينته حتى بالتطبيق الشامل للمنظومة الحديثة، متسائلا كيف سينتهى والثانوية العامة ستصبح ثلاث سنوات بعد أن كانت سنة واحدة!!، وأضاف أن هذا العام والعام القادم سيكونان نهاية التوتر المعتاد فى اى منزل به ثانوية عامة، والذى أعتقد أنه سيصل مداه بعد ذلك عند اكتمال المنظومة الحديثة، فطالب الثانوية العامة الذى يستعد لدخول الإمتحانات هذه الأيام، يدرك نظامها جيدًا، وكل الأمور واضحة أمامه، بداية من شكل الامتحان والاسئلة وطريقة التصحيح وبعدها التنسيق، حتى التحاقه بالجامعة، أما نحن الان فأمام نظام به كثير من الغموض وعدم الوضوح، ولو استمر الحال بهذا الشكل ستتعقد الأمور أكثر، فالتطور التكنولوجى مطلوب، وفى الدول العربية التى يوجد بها تقدم تكنولوجى هناك مشكلات . ومنذ أيام عقد الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم مؤتمرًا صحفيًا، تحدث فيه عن إستعدادات الوزارة للتطبيق الكامل للنظام، حيث قال إن الوزارة إستطاعت بناء نظام تعليمى جديد لا يعتمد على الحفظ والتلقين وتحصيل الدرجات، ولا يجعل الامتحانات غاية ليتناسب مع مواصفات محددة تفرز لنا خريجًا جامعيًا مؤهلًا، ولفت الوزير إلى أنه يوجد اتجاه لنوع أسئلة جديد وتقييم مختلف تمامًا فى المنظومة الحديثة، وكل هذا لا يروق لأصحاب المصالح، كما أن النظام القديم ليس من مصلحة الطالب، والذى كان يعتمد على نظام الحفظ، وهو ما أفسد سوق العمل، وقال إن تقليل المجاميع فى الثانوية العامة لن يؤثر على الطلاب فى دخول الجامعات، لأنها نسبة وتناسب، مشيرًا إلى أن مقولة "أنا قفلت الامتحان ستنتهى تمامًا".