* بنك الطعام: ننشر الميزانية السنوية على موقعنا الإلكترونى.. وحساب «حصيلة رمضان» صعب عمليا * رسالة : ليس هناك ما يلزمنا بنشر حصيلة التبرعات ..وميزانيتنا حوالى 200 مليون جنيه * القانون رقم 70 لسنة 2017 يلزم المؤسسات الأهلية بنشر ميزانيتها السنوية وأنشطتها على الموقع الإلكترونى للوزارة وموقعها الخاص * مصر الخير: إذا كان المتبرع يثق فى الجهة التى يتبرع لها فلن يطلب معرفة قيمة التبرعات وإنما ما تم بتبرعه * نواب: اقترحنا منذ عام إنشاء صندوق موحد لتبرعات المستشفيات لضمان عدالة التوزيع ..وسنجدد الطلب بعد عيد الفطر
مع كل رمضان ؛ حيث موسم تكثيف إعلانات «التبرعات»، تتجدد الحيرة ، وتعود لتلح على الأذهان أسئلة بلا إجابات شافية حتى الآن ، يتصدرها سؤال رئيسى : لماذا لا تقدم تلك الجمعيات والمستشفيات كشف حساب للجمهور يتضمن حصيلة تبرعاتها وخطة إنفاقها، على الأقل ما وصلها خلال الشهر الكريم ، نوعاً من العرفان بالجميل للمتبرعين الذين لبوا النداء من ناحية، وحرصا على مبدأ النزاهة والشفافية من ناحية أخري؟! متى يطمئن المتبرع أن جنيهاته التى استقطعها من دخله المتواضع أملا فى إنقاذ حياة مريض، أو سد جوع طفل فقير، لم تضل طريقها لتصب فى أرباح وكالات الإعلان ؟! وما الذى يضير تلك المؤسسات «الخيرية» فى أن تعلن عن أوجه صرف ما يصلها من تبرعات، ليتبين حجم ما ينفق على نشاطها الخيرى مقارنة بما تنفقه على الأجور والمرتبات والإعلانات، ليقرر بعدها المتبرع الجهة التى سيوجه لها تبرعاته؟ فى مايو الماضي، كان اللواء ممدوح شعبان- مدير عام جمعية الاورمان- قد أعلن أن تبرعات المصريين ورجال الأعمال خلال الفترة الأخيرة ارتفعت بنسبة 300%، مشيرا إلى أن ميزانية جمعية الأورمان قاربت على المليار جنيه فى الفترة الأخيرة، أما د. غادة والي- وزيرة التضامن الاجتماعي- فقد كشفت فى إحدى جلسات منتدى الشباب عام 2017 أن هناك 12 ألف جمعية نشطة فى مصر تنفق نحو 10 مليارات جنيه سنويا، وأن أكثر من 98% من حجم التمويل للجمعيات يأتى من تبرعات المصريين.. منذ نحو عام؛ كان النائبان شريف الوردانى وإيناس عبد الحليم قد تقدما بطلب إحاطة واقتراح برغبة على الترتيب ، تضمنا إنشاء صندوق موحد يتلقى التبرعات الخاصة بالمستشفيات تحديدا، يكون تابعا لرئيس مجلس الوزراء،. عندما تواصلنا مع النائب شريف الوردانى، كشف عن أنه سيجدد طلبه هذا العام عقب عيد الفطر، وأوضح أن فكرة الصندوق الموحد هى أن تصب كل التبرعات الموجهة للمستشفيات وأماكن العلاج فى مكان واحد، بحيث يتم بعدها توزيع الحصيلة بما يتناسب واحتياجات كل جهة، بعكس ما يحدث الآن، وهو احتكار المستشفيات الكبرى القادرة على الإعلان عن نفسها لمعظم التبرعات . اتفقت معه النائبة إيناس عبد الحليم التى تستنكر تجاهل ما يحدث بشأن إهدار ملايين الجنيهات على الإعلانات التليفزيونية ذات التكلفة الباهظة، وشركات الاتصالات التى تحصل على نسبة من التبرعات التى تتم من خلال أرقام تليفونية تخصصها لهذا الغرض، وتحقق أرباحا كبيرة من وراء ذلك، بينما لا تستطيع المستشفيات الحكومية والجامعية أن تعلن عن نفسها، وتعانى بشدة من أجل تقديم خدمة طبية جيدة. باقات إعلانية مخفضة عندما استطلعنا آراء عدد من القائمين على المؤسسات الخيرية الكبرى بشأن إمكانية تحقيق رغبة « الجمهور» فى معرفة حصيلة التبرعات وكيفية إنفاقها، تباينت ردود أفعالهم، فلم تر ريهام سالم- المتحدث الرسمى لجمعية رسالة أن هناك ما يلزمهم قانونا بنشر أو بث إعلان عن حصيلة التبرعات الواردة إليهم ، وأنهم ملزمون فقط بتقديم ميزانيتهم السنوية لوزارة التضامن لمراجعتها، واعتمادها يعد دليلا كافيا على أن الجمعية ملتزمة، وتحسن إدارة الأموال الواردة إليها بلا أى مخالفات. ومع ذلك فهى تؤكد أن المتبرعين المسجلين فى قاعدة بيانات الجمعية يصلهم تقرير شهرى عن طريق البريد يتضمن قائمة بمصروفات وإيرادات الجمعية. سألناها: ماذا عن باقى الجمهور الذى ربما تجذبه «شفافية المؤسسة» إن هى أعلنت عن دخلها ، للتبرع لها، فأوضحت أن رئيس الجمعية أعلن من قبل فى مؤتمر صحفى فى يناير 2017 أن ميزانيتها السنوية تصل لنحو 200 مليون جنيه ، وهذا متاح على موقع الجمعية، لكن لا أحد يتابع أو يبحث عن المعلومة، مشيرة إلى أن الميزانية فى الوقت الحالى تدور حول نفس الرقم نقصانا أو زيادة. وتدحض ريهام الفكرة السائدة بأن التبرعات تزيد فى رمضان قائلة: صحيح أن الإعلانات تبث بكثافة فى رمضان وهذا يعود لأسباب تتعلق بمنح المعلنين عروضا وباقات اقتصادية بأسعار أقل عن باقى شهور العام، وبالتالى تسعى المؤسسات للاستفادة منها، إلا أنه فى النهاية؛ ليس شرطا أن تزيد التبرعات ، فهناك من يثبت المبلغ الذى يتبرع به شهريا للجمعية. د.رضا سكر- المدير التنفيذى لبنك الطعام المصري،وصاحب خبرة 15 عاما فى العمل الخيرى أكد فى بداية حديثه أن مؤسسة بنك الطعام تتيح بالفعل ميزانيتها السنوية على موقعها على الانترنت (بالفعل تحققنا من ذلك وكانت آخر ميزانية منشورة لعام 2017، وكان فائض الإيرادات نحو 183 مليون جنيه) وأكد سكر أنه بمجرد اعتماد الوزارة لميزانية 2018 ، سيتم تحميلها على الموقع.. أما عن فكرة إعلان الجمعيات لحصيلة تبرعات «رمضان» تحديدا، فهى غير عملية وفقا له فهم يحصلون على ترخيص سنوى بجمع التبرعات وليس لشهر رمضان فقط، وعندما يتم حساب الميزانية من ايرادات ومصروفات ،فإنه لا يتم استقطاع شهر رمضان . سألناه عن تفسيره لاشمئزاز المشاهدين من تلك الإعلانات المكثفة بالتبرع خلال الشهر الكريم وبالتالى تلقى رد فعل عكسيا، فكان رده أن الناس لا تستفز سوى من مضامين الاعلانات، وخاصة المتاجرة بآلام الناس وأوجاعهم ومرضهم وفقرهم، مشيرا إلى أن من يظهر فى إعلانات بنك الطعام ممثلون « وكومبارس» وليسوا «حالات» حقيقية. اما عن سبب تكثيف الاعلان فى رمضان، فهو بدافع اقتصادى بحت، فهو موسم معروف بكثافة المشاهدة، ولابد أن تضمن الجهة المعلنة أن ما ستدفعه فى الإعلان سيجلب لها عشرة أضعاف ما أنفقته عليه، وأنها لم تهدر أموالها ، وهذا ما تأكدوا منه عندما أعلنوا فى أيام عادية خلال العام، مشيرا إلى أن القانون يتيح لهم إنفاق نسبة 20% من ميزانيتهم على المصروفات الإدارية، والتى يدخل ضمنها الإعلانات والأجور والمرتبات. وبخلاف ما قالته متحدثة جمعية رسالة، فإن سكر يؤكد أن 70 % من التبرعات السنوية التى ترد إلى بنك الطعام تكون فى رمضان. ويعترف سكر بأن هناك من يستغل العمل «الخيري» فى التربح أو الوجاهة الاجتماعية، وهناك جمعيات تدخلها أموال من الخارج غير مثبتة فى أى دفاتر، وبالتالى لا رقابة عليها، لكن هذا لا يمنع أن مثلث التنمية فى أى مجتمع لن يقوم إلا بضلع المجتمع المدنى إلى جانب ضلعى الحكومة والقطاع الخاص، والحل هو الرقابة الجيدة. فوزارة التضامن ترسل مفتشيها بشكل دورى إلى الجمعيات وتراجع كشوفات الإيرادات والتبرعات، ويتم فحص الأساليب المتبعة فى تشكيل اللجان الفنية وجميع المسائل الإدارية ، واذا ما وجدت أى شبهات لتعيين أقارب أو أصدقاء، أو ترسية مشروعات على جهات بعينها دون معايير، لا تحصل الجمعية على تجديد لترخيص جمع التبرعات. مع ذلك يطالب سكر بأن تكون هناك جهات أخرى للرقابة على المؤسسات الخيرية كالرقابة الإدارية ، فموظفو مديريات وزارة التضامن فى المحافظات عددهم غير كاف وفقا لكلامه، وبالتالى قد لا يؤدون مهمتهم على الوجه الأكمل. ويتساءل: «لماذا رفض أصحاب الجمعيات الأهلية القانون70 لسنة 2017، وهو الذى ينص على إضافة جهات رقابية جديدة إضافة الى وزارة التضامن، ومنها الجهاز المركزى للمحاسبات والرقابة الإدارية وغيرها من الجهات؟! أعتقد أن من يعمل عملا خيريا «نظيفا» فلن يخشى من الرقابة». لا مانع محمد عبد الرحمن نائب العضو المنتدب لمؤسسة مصر الخير- كان تعليقه المبدئى هو أن المؤسسة تحاسب نفسها داخليا قبل المحاسبة الرسمية ولديها اثنان من أكبر المراجعين لمراجعة الميزانية قبل تقديمها لوزارة التضامن، لكنه لم يرفض الفكرة : «حتى الان لم تتخذ المؤسسة قرارا بكيفية نشر ميزانيتها سواء على الموقع الالكترونى أو بعض الصحف مستقبلا، رغم أن القانون لا يلزمنا بفعل ذلك، وإنما هو أمر يخص الجهات الرقابية على مؤسسات المجتمع المدني، وإذا كان المتبرع يثق فى الجهة التى يتبرع لها فلن يطلب معرفة قيمة التبرعات وإنما ما تم بقيمة تبرعه ، ولكن لا مانع من إعلان ذلك بدافع الشفافية خاصة فيما يتعلق بأموال الزكاة التى يتم صرفها فورا خلال رمضان فى المصارف التى حددها المتبرع بعكس الصدقات التى توزع على مدى العام. من جهة أخري؛ فإن التبرعات فى العمل التنموى لا تقاس بأنها ضخمة أو ضئيلة، وإنما بكونها تفى بالأهداف المطلوب تحقيقها أم لا بغض النظر عن حجم المبالغ التى تم الحصول عليها من المتبرعين». مراجعة دورية لم يرفض أيمن عبد الموجود- رئيس الإدارة المركزية للجمعيات والاتحادات بوزارة التضامن- فكرة إنشاء صندوق موحد للتبرعات، فالوزارة على استعداد لمناقشة أى مقترحات ودراستها من جميع الجوانب ومدى إمكانية التنفيذ بما يحقق المصلحة العامة ، لكن ينبغى الاشارة إلى أن المتبرعين يقومون عادة بتوجيه تبرعاتهم الى أغراض محددة بعينها». سألناه: كيف يطمئن المتبرع بأنه يوجه أمواله لجهة تستحق تبرعه، فكان رده، بأنه يمكنه التحقق من مدى تبعية الجهة للوزارة وحصولها على ترخيص بجمع المال من عدمه، وذلك عن طريق الاتصال بالوزارة ومديرياتها بالمحافظات للاستفسار عن أى معلومات، من جهة أخرى فإنه يتم الإشراف على أعمال الجمعيات والمؤسسات الأهلية المسجلة فى الوزارة (50 ألفا و854 جمعية)، من خلال المراجعة الدورية ، بواسطة الإدارة المركزية فى الوزارة للجمعيات المقيدة مركزياً، أما الجمعيات المقيدة على مستوى المحافظات فيتم مراجعتها من خلال مديريات التضامن الاجتماعي، ومن يرغب منها فى الحصول على ترخيص لجمع التبرعات ، فلابد أولا من التأكد من سلامة موقفها المالى والإداري، وأن تكون نتيجة التفتيش عليها مرضية. فيما يخص تراخيص جمع المال الصادرة للجمعيات الأهلية، يتابع عبد الموجود: »تتم تصفية هذه التراخيص والتأكد من حصيلة الجمع فى نهاية مدة الترخيص مع متابعة صرف الأموال فى الغرض المخصصة له». نشير فى النهاية، إلى أن القانون رقم 70 لسنة 2017 المعنى بتنظيم عمل الجمعيات الأهلية الذى صدق عليه الرئيس عبد الفتاح السيسى فى مايو 2017 ، يلزم الجمعيات والمؤسسات الأهلية، بأن تعلن عن مصادر تمويلها وأسماء أعضائها ، وميزانيتها السنوية ، وأنشطتها ، ونشر ذلك على الموقع الإلكترونى للوزارة وداخل مقار الجمعية وعلى موقعها الرسمي. ورغم عدم صدور اللائحة التنفيذية للقانون واعتراضات الحقوقيين عليه، والتى أسفرت عن طرحه من جديد للنقاش والتعديل، فإنه يظل ساريا لحين إقرار القانون الجديد.