وسط كل المشاكل والتعقيدات التى تحيط بقضايا الإرهاب الدولى وملفاته، كانت «عرائس داعش»، أو بمعنى أحرى عرائس فلول إرهابيي«الباغوز»، وجها جديدا للإرهاب، ارتبط اسمه بالتنظيم،على نحو بات يمثل قنبلة موقوتة تنذر باحتمالية لم التنظيم الإرهابى شتاته فى أى وقت، وإعادة ترتيب أوراقه مرة أخرى، لتوجيه ضربات موجعة للعالم وخاصة الدول الغربية موطن هؤلاء الداعشيات. فالتنظيم الإرهابى اتبع نهجا برجماتيا للغاية فى تعامله مع ملف «عرائسه» منذ اللحظة الأولى ، إذ كان ينظر لهن دوما على أنهن مع أطفالهن سوف يكن سبيل نجاته وقت الخطر، ونواة لتأسيس جيل جديد من الإرهابيين فى المستقبل. ودور الداعشيات لم يكن قاصرا على مجرد كونهن زوجات إرهابيين، أو على إنجاب الأطفال وتربيتهم على أفكار التنظيم وأيديولوجياته، بل كانت أيضا شرطية فى صفوف التنظيم، وعميلة مخابرات تحمل السلاح ، وعقل يخطط للإرهاب، وانتحارية عند اللزوم. وكل الصور والفيديوهات التى تم نقلها مؤخرا من الباغوز، آخر معاقل التنظيم فى سوريا، كانت تظهر السيدات يقاتلن بضراوة جنبا إلى جنب مع العناصر الذكورية فى مواجهة قوات سوريا الديمقراطية. ولكن الآن وبعد سقوط الباغوز ثار الجدل حول كيفية التعامل اللائق مع هؤلاء الراغبات فى العودة لبلادهن الأصلية مع أطفالهن، بحثا عن رعاية صحية أفضل لصغارهن، وإن كن سيتعرضن للمحاكمة. الحكومات، من جهتها، تؤمن بمبدأ إبقائهن قدر المستطاع خارج حدودها الوطنية ، خوفا من سعى هؤلاء بعد العودة لبث أفكارمسمومة ، وتشكيل خلايا نائمة لا تنتظر سوى تلقى المعلومات حول متى وكيف للتحرك فورا ضد مجتمعاتهم، بل وردت على مطالبات الكثيرات بالعودة ونداءاتهن عبر وسائل الإعلام العالمى ، بإسقاط الجنسية عنهن فى المقابل. السلطات الرسمية تعلل توجهها بأن حقوق المواطنين فى بلادهم ترتبط فى المقام الأول بمسئولياتهم تجاهها، وتلك المسئولية سقطت فى حالة فتيات داعش اللاتى أطلقن دعوات تحريضية لقتل وطعن مواطنيهم بشكل صريح وواضح، عبروسائل التواصل الاجتماعى. أما وجهة النظر المعارضة، فتعتبر فى المقابل، أنه مثلما يتحمل المواطنون مسئولية تجاه أوطانهم ، فإن الحكومات لديها التزام تجاه أبنائها، يحتم عليها محاسبة المجرمين والمخالفين على يد القضاء، لإرساء العدالة، والتأكيد على سيادتها وشرعيتها، وعلى أنها وحدها من يحتكر حق استخدام القوة، وجميعها مبادئ ضرورية لإرساء الأمن والسلام العالميين. الدول أيضا لديها مسئولية تجاه المجتمع الدولى، فداعش التى بلغ قوام عناصرها نحو40 ألف إرهابي، من كل دول العالم، وهو ما يؤكد أن أزمة التنظيم الإرهابى عالمية ، ولذا فعلى كل دولة تحمل مسئوليتها، وليس ترك الأمر برمته لسوريا والعراق، لتنتهى أزمة الدولة مع مواطنيها بمجرد إسقاط الجنسية عنهم. المحاكمات رغم صعوبتها، وكل الأخطار والمخاوف المتعلقة باستقبال هؤلاء مرة أخرى لن تضاهى فى النهاية مخاطر تركهم فى سوريا أوالعراق على نحو يسمح لهم بالتوحد مرة أخرى. وعلى قادة العالم أن يعوا جيدا حقيقة أن الخيارات تكون دوما فى مجال الأمن القومى بين السيئ وما هو أسوأ.