فى قوله تعالى «إنى وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شئ ولها عرش عظيم وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون « سورة النمل الآية 22 -42، يشير الله سبحانه وتعالى فى الآية إلى امرأة أوتيت من كل شئ ومن أسباب القوة والملك، وهى ملكة سبأ اسمها بلقيس بنت شراحيل بن مالك بن الريان، تمكنت من المُلك بعد مقتل عمرو ذى الأذعار، فبايعها قومها وولوها الحكم، فأدارت شئون البلاد بحكمة وشيدت قصرها، وازدهرت على يديها التجارة والزراعة، وزادت البلاد واستقرت أحوالها، كان شعب سبأ يعبدون الشمس من دون الله، فى الوقت الذى كان سليمان عليه السلام وجنوده يسجدون لله رب العالمين، عرف الهدهد بفطرته أن السجود لا يكون إلا لله سبحانه وتعالى، كتب سليمان عليه السلام رسالة وأمر الهدهد بالذهاب إلى ملكة سبأ بلقيس فقال له «اذهب بكتابى هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون»، جمعت بلقيس وزراءها وقادتها تستشيرهم فى هذا الأمر، لكنها تعلم قوة سليمان ، فأرادت أن تصرف قومها عن الحرب، وسوف ترسل هدية لسليمان فانطلقت الرسل بالهدايا وقرر أن يرسل لهم إنذارا يقول فيه لرسولها «ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون»، وعندما عادوا إليها أخبروها بما حدث فأرسلت إلى سليمان تخبره أنها سوف تأتى إليه ومعها كبار قومها، وأمرت الجنود والحراس بحراسة عرشها . يقول الدكتور السعيد محمد على من علماء الأوقاف، إن هذه المرأة كانت لها مكانتها فى التاريخ وكانت مؤهلة لذلك ولها سلطان وهيمنة وصلت إليها بذكائها ورجاحة عقلها الرشيد وبعد ذلك تعاملت مع سيدنا سليمان بحدة ذكاء وهداها عقلها إلى الإيمان بسليمان نبى الله ولما اقتنعت بهذا أسلمت له ولربه واعترفت أنها كانت ظالمة لنفسها ولقومها بعبادتها للشمس من دون الله، وأدركت أنها أمام عجائب تعجز عنها البشر و أن القادر على هذا كله هو الله وحده، فرجعت إليه وناجته معترفة بظلمها فيما سلف من عبادة الشمس ، معلنة إسلامها لسليمان ولرب العالمين، كانت بلقيس ملكة سبأ ذات فراسة وحكمة ، فلم تستبد برأيها فى الأمور، وقد أكرمها الله تعالى بالهداية والإيمان لله تعالى، وآمن قومها برسالة نبى الله سليمان عليه السلام.