أعتقد ان واشنطن استبقت التوقيت الذى سبق أن حدده جاريد كوشنر المستشار الخاص للرئيس ترامب، لإعلان تفاصيل ما يوصف بصفقة القرن عقب شهر رمضان، حيث يمثل إسراع الإدارة الأمريكية بتسخين الأجواء فى المنطقة وإرسال حشودها العسكرية تدشينا مبكرا للصفقة التى تزعم واشنطن أنها تفرض المصالحة بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس الحرية والكرامة والأمن والازدهار الاقتصادي. روجت الإدارات الأمريكية المتعاقبة دوما أن إيران هى العقبة الأخيرة أمام تطبيع العلاقات الإسرائيلية العربية، لهذا تسعى واشنطن هذه المرة لتغيير استراتيجى فى المشهد بالمنطقة، وتضع إدارة ترامب نصب أعينها نيل شرف فرض المقايضة الكبرى بتوفير الأمن والدعم للجبهة العربية التى تتصدى للأطماع الإيرانية مقابل ثمن سياسى ومادى كبير. حالة التسخين العسكرى والسياسى التى تقودها أمريكا فى الخليج سواء أفضت إلى مواجهة واسعة أو محدودة أو لم تطلق فيها رصاصة على إيران وهو الاحتمال الأرجح،لا يمكن تفسيرها بعيدا عن فكرة التدشين المبدئى لصفقة القرن ولا يمكن استبعاد تعمد واشنطن إلقاء المزيد من الزيت على النار لإقناع العواصم التى تلمست إدارة ترامب تحفظها على الصفقة إبان جولة كوشنر الأخيرة، بأن إيران هى العقبة الكبرى أمام السلام بالمنطقة متجاهلة مخاوف عربية أكبر إزاء الصفقة المزعومة تتعلق بوضع القدس واللاجئين وغيرها. ترامب كغيره من القيادات الجمهورية السابقة حدد العدو وأطلق نحوه سيلا من الاتهامات المسبقة التى لا يوجد دليل دامغ على صحة معظمها، تماما كما حدث مع صدام حسين وثبت لاحقا عدم صحة معظم تلك الاتهامات ولكن بعد خراب العراق. وهذه المرة إيران متهمة بأنها تحمل نوايا سيئة نحو أمريكا وأنها تمثل تهديدا إرهابيا لمصالحها، بل وتحدث الإعلام الأمريكى عن اشتباه فى صلات بين إيران وتنظيم القاعدة على غرار نفس الاتهام الذى دفع صقور الإدارة الأمريكية إبان عهد جورج بوش الابن لاتخاذ قرار لا عودة فيه بضرب العراق، لكن هذه المرة ربما لن تبادر واشنطن بالضربة انتظارا لتحرش عسكرى إيراني!. [email protected] لمزيد من مقالات شريف عابدين