من الكمالات التى امتاز بها الحبيب صلى الله عليه وسلم الجانب الإنسانى فى علاقته بمن حوله، لاسيما صحابته.. فقد كان – صلى الله عليه وسم - يحب أصحابه ويبدأهم بالسلام ويكنيهم ويدعوهم بأحب الأسماء إليهم، بل كان يقف لخدمتهم ويجهد نفسه لراحتهم، يقول أنس بن مالك: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسقى أصحابه، فقالوا: يا رسول الله: لو شربت؟ قال: ساقى القوم آخرهم شربا». وكان صلى الله عليه وسلم كما يقول الدكتور عبد الغفار عبدالستار رئيس قسم الحديث بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر يكسر الهيبة والخوف الذى يحدث لأصحابه عند دخولهم على الملوك مثل كسرى وقيصر، ويخبرهم أنه إنسان مثلهم؛ فعَنْ أَبِى مَسْعُودٍ، قَالَ «أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ رَجُلٌ، فَكَلَّمَهُ، فَجَعَلَ تُرْعَدُ فَرَائِصُهُ، فَقَالَ لَهُ: هَوِّنْ عَلَيْكَ، فَإِنِّى لَسْتُ بِمَلِكٍ، إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ». وكان يسأل عن أخبار أصحابه ويتفقد أحوالهم، ويدعو لغائبهم، ويزور مريضهم ويشيع جنائزهم، ويصلى عليهم، وقد بلغ حبه لهم وشفقته عليهم أنه يرق لحالهم فيحزن قلبه وتدمع عينه وتتفطر نفسه؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: « اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ شَكْوَى لَهُ، فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ وَجَدَهُ فِى غَشْيَةٍ، فَقَالَ: أَقَدْ قَضَى؟ فَقَالُوا: لا يَا رَسُولَ اللَّهِ, فَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ بُكَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَكَوْا فَقَالَ: أَلا تَسْمَعُونَ أَنَّ اللَّهَ لا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ وَلا بِحُزْنِ الْقَلْبِ وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ أَوْ يَرْحَمُ». وكان – صلى الله عليه وسلم – يداعب أصحابه ويمازحهم ويسرى عنهم؛ فَعَن أنسٍ أَنَّ رَجُلًا اسْتَحْمَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِنِّى حَامِلُكَ عَلَى وَلَدِ نَاقَةٍ؟» فَقَالَ: مَا أَصْنَعُ بِوَلَدِ النَّاقَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَهَلْ تَلِدُ الْإِبِلُ إِلَّا النُّوقُ؟» . (أبو داود والترمذى وصححه). فكان قوله صلى الله عليه وسلم مداعبة للرجل ومزاحاً معه، وهو حق لا باطل فيه.