يخطئ من يعتقد أن حربا محتملة ستندلع بين الولاياتالمتحدةوإيران في القريب العاجل، فبغض النظر عن الحشود الأمريكية التي توجهت لمنطقة الخليج، فهي لم ولن ترهب الإيرانيين، وكذلك لم تكترث الإدارة الأمريكية بالتهديدات الإيرانية المتوالية بالقضاء علي الشيطان الأكبر أو الأصغر، فكلها لعبة يجب علي جميع شعوب المنطقة أن تدركها. ويكفي أن الطرفين وعلي لسان أعلي سلطة بهما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمرشد الأعلي الإيراني علي خامنئي، استبعدا تماما فكرة اندلاع حرب شاملة أو حتي مواجهات عسكرية محدودة في منطقة الخليج، في حين اضطربت أحوال الخليجيين وتناثرت تعليقاتهم علي السوشيال ميديا ما بين متخوف من مواجهة محتملة خاصة بشأن نتائجها الاقتصادية الوخيمة، أو ما يعتقد بأنه مؤيد لها علي أمل القضاء علي إيران وتهديداتها المتتالية بإغلاق مضيق هرمز أهم ممر مائي ناقل للطاقة في العالم. فترامب وخامنئي نفيا في وقت متزامن تقريبا فكرة نشوب الحرب، وإن كان الأخير يعتقد أن الصراع الدائر بين طهران وواشنطن هو صراع إرادة وليس حربا، وربما يكون هذا صحيحا، والفائز هو من سيحقق الانتصار في النهاية بالضربة القاضية علي الآخر. والاحتمال الأغلب أن كلا الطرفين لن يصل الي هذه النتيجة التي تريدها كل شعوب المنطقة، فلن تستطيع القوة الإيرانية العسكرية وإن تضمنت قدرات نووية القضاء علي النظام الأمريكي الذي يحكم العالم تقريبا. وأيضا لن تستطيع القدرات العسكرية الأمريكية تغيير النظام الإيراني من الداخل كما يصرح ترامب ومستشاروه، فنظام قائم منذ 40 عاما تقريبا أصبح قويا حتي وإن رأي البعض أنه يتهاوي ويتصدع من الداخل بفعل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة واعتراض الشباب علي طريقة حكم ملالي قم لبلادهم التي كانت حضارة كبيرة يوما ما ولم تعد الآن. ولم تبلغ الأزمات الطاحنة داخل إيران بعد حافة الهاوية لتعلن انهيارها، رغم أن تجدد العقوبات والحصار الاقتصادي الذي بدأ أمريكيا ثم تمدد عالميا قد ظهرت بعض ملامحه علي الاقتصاد الإيراني، أو هكذا قال الإيرانيون علي مضض. فالإيرانيون لن يعلنوا صراحة حجم تضررهم من الحصار الاقتصادي وتصفير صادراتهم البترولية حتي لا ينخرطون في لعبة عض الأصابع مع الأمريكيين، فتهريب صادراتهم عملية سهلة للغاية عن طريق الوكلاء وما أكثرهم. لمزيد من مقالات محمد أمين المصرى