لا أحد يستطيع أن يبرئ السلوك الإيرانى فى المنطقة من التطرف والتهور والرغبة فى التمدد الإقليمى على حساب أمن واستقرار الشرق الأوسط بأكمله، وفى المقابل لا يستطيع أحد أن ينفى عن الإدارة الأمريكية الحالية سعيها الملحوظ لشطب كل التزامات إدارة أوباما السابقة سواء بالنسبة للاتفاق النووى مع إيران أو الالتزام الأمريكى بحل الدولتين لإنهاء الصراع العربى الإسرائيلى.. وفى هذا الإطار يمكن فهم مقدمات الزلزال المحتمل حدوثه على ضوء التصعيد المتبادل بين واشنطنوطهران وعدم التفاتهما للنداءات الدولية من مختلف العواصم الكبرى والتى تشير إلى أن العالم فى حاجة إلى حوار وتفاهم وسلام وليس إلى أعواد ثقاب لإشعال المزيد من نيران الحروب المدمرة!. وصحيح أن أغلب دول العالم وفى مقدمتها الدول الأوروبية الشريك الأساسى مع واشنطن فى الاتفاق النووى أبدت عدم رضاها عن قرار انسحاب واشنطن من الاتفاق إلا أن اتجاه طهران للرد على الانسحاب الأمريكى بالتهديد بانسحاب مماثل دفع الرئيس الروسى بوتين إلى تحذير إيران من مخاطر ما تنتوى القيام به قائلا: «لو فعلت طهران ذلك فإن الرأى العام العالمى سينسى أن أمريكا هى التى ارتكبت خطأ الانسحاب».. وفى رأيى أن بوتين قدّم قراءة مستقبلية للأحداث بعقلية سياسية عميقة تتفق مع خبرته وتجربته الطويلة كرئيس لواحد من أهم أجهزة الاستخبارات فى العالم «كى جى بى» لكن الذى لم يفصح عنه بوتين صراحة أنه كان يحذر إيران من خطورة مجاراة أمريكا فى خطواتها التصعيدية التى تخلو من قواعد السياسة المتعارف عليها وأنها أقرب ما تكون إلى نوع من «البارانويا» التى يختلط فيها جنون الارتباك مع جنون العظمة بينما لا تملك إيران سوى نوع واحد من البارانويا وهو خليط من جنون الارتباك وجنون الاضطهاد وبالتالى ترجح كفة «البارانويا» الأمريكية. ولو سألنى أحد عن احتمالات الغد وهل سيقع زلزال الحرب فإن جوابي: إن كل الاحتمالات واردة لأننا نعيش مناخا يشابه مناخ ما قبل ذهاب أمريكا لغزو العراق عام 2003 فأحاديث البيت الأبيض تعكس الرؤية القائلة بأن خريطة الشرق الأوسط هى خريطة التهديدات للأمن الأمريكى وأن امتلاك إيران لسلاح نووى خط أحمر لأمن أمريكا وأمن إسرائيل، ويبدو أن هناك فى البيت الأبيض تلاميذ لديك تشينى مهندس غزو العراق صاحب المقولة الشهيرة «إن كل الحضارات يجب أن تكون فى خدمة الحضارة الأمريكية وخاضعة لها». وإذا كانت كل الحسابات الاستراتيجية تحتم على إيران عدم اللعب بالنار فإن ذات الحسابات تحتم على أمريكا أن تدرك أن إيران تختلف عن العراق تماما.. مجرد نصيحة لتجنب الجحيم المنتظر!. خير الكلام: الويل لمن يرى الحقيقة ويتعامى عنها!. [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله