وردت حرفة النجارة فى القرآن الكريم ضمنيا فى سورة المؤمنون فى قوله تعالى: (أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا) والأمر هنا لنبى الله نوح. لقد صنع نبى الله نوح من الأخشاب سفينة، والكل يتعجب منه ويسخر منه ويصف ربنا تبارك وتعالى ذلك فى كتابه فيقول فى سورة هود «وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ». أين سيذهب بهذه السفينة فى هذه الصحراء؟ ولكن العجب يزول لما نقرأ قول الله تبارك وتعالى فى سورة القمر «فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّى مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِى بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ».. هنا علمنا السبب إنها وسيلة النجاة من هذا الطوفان المدمر. وروى أن بعض قوم نوح قالوا له: أتحولت نجارا بعد أن كنت نبيا، وليس ذلك بالغريب منهم، فإنه ما من أحد يسبق أهل عصره بما فوق عقولهم من قول أو فعل إلا سخروا منه قبل أن يكتب له النجاح.. فبفضل من الله أولا ثم بمهارة هذا النبى فى حرفة النجارة نجا ونجا من معه من المؤمنين ويدل على مهارة صنعته فى حرفة النجارة قوله تعالى فى سورة هود (وَهِيَ تَجْرِى بِهِمْ فِى مَوْجٍ كَالْجِبَالِ) (هود:42). ثم تصمت السماء عن المطر وتبتلع الأرض ماءها ليستقر هذا النبى النجار الماهر ومن معه فوق جبل الجودى كما قال تعالى:(وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِى مَاءَكِ ويَا سَمَاءُ أَقْلِعِى وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44)) (هود:44) هذا النبى فخر لكل نجار يعمل بالنجارة أو لكل من يحاول تعلم النجارة ولولا أهمية هذه الحرفة وفائدتها للمجتمع ما تكلم القرآن عنها، فلولا النجار ما كانت هناك حضارة فى المجتمع. ومن الأنبياء الذين احترفوا حرفة النجارة نبى الله زكريا وذلك فيما رواه الإمام مسلم فى صحيحه بسنده عن أبى هريرة - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كان زكريا -عليه السلام – نجارًا».