كان النبى صلى الله عليه وسلم، يرغب أصحابه فى قيام ليل رمضان، قال صلى الله عليه وسلم «فرض الله صيام رمضان وسننت لكم قيامه»، وقد أكد علماء الدين أن صلاة التراويح فى شهر رمضان تكون بعد صلاة العشاء مباشرة، مثنى مثني، على اختلاف بين الفقهاء فى عدد ركعاتها، واتفق الفقهاء على سنية صلاة التراويح للرجال والنساء، ودعا العلماء الى استثمار ليالى الشهر الكريم فى التقرب الى الله تعالي، باعتبارها فرصة لمغفرة الذنوب ورفع الدرجات، وذلك من خلال إحياء تلك الليالى المباركة بالقيام وتلاوة القرآن والإكثار من ذكر الله تعالي، وأكدوا أن تأدية صلاة التراويح فى جماعة أفضل. ويقول الدكتور علوى أمين خليل أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، إن جمهور الفقهاء من الحنفية والحنابلة وبعض المالكية ذهبوا إلى أن صلاة التراويح هى سنة، كما أن النبي، صلى الله عليه وسلم قد رغب فى صلاتها، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى فرض صيام رمضان عليكم، وسننت لكم قيامه) ، كما قال صلى الله عليه وسلم (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)، وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أداها بضع ليال جماعة ثم لم يقم بالصحابة- رضى الله عنهم بقية الشهر، وواظب الخلفاء الراشدون من عهد عمر رضى الله عنه- على صلاتها جماعة فى الشهر كله، وهو الذى جمع الناس فيها على إمام واحد، موضحا أن الأئمة قد اختلفوا فى عدد ركعاتها، فمنهم من قال: عشرون ركعة، ومنهم من قال: إحدى عشرة ركعة، ومنهم من قال: ثلاث وعشرون ركعة، ومنهم من قال: ست وثلاثون ركعة، كما أنها تؤدى مثنى مثنى بعد صلاة العشاء، فرادى وجماعة، والجماعة أفضل، وثوابها غفران الذنوب. وعن القراءة فى صلاة التراويح، يقول الدكتور علوى: إن النبى صلى الله عليه وسلم لم يحُد فيها حدا لا يتعداه بزيادة أو نقص، بل كانت قراءته فيها تختلف قصراً وطولاً، فكان تارة يقرأ فى كل ركعة قدر (يا أيها المزمل) وهى عشرون آية، وتارة قدر خمسين آية، وكان يقول: «من صلى فى ليلة بمائة آية لم يكتب من الغافلين»، وفى حديث آخر: «.. بمائتى آية فإنه يُكتب من القانتين المخلصين»، وعلى ذلك فإن صلى القائم لنفسه فليطوّل ما شاء، وكذلك إذا كان معه من يوافقه، وكلما أطال فهو أفضل، إلا أنه لا يبالغ فى الإطالة، اتباعاً للنبى صلى الله عليه وسلم القائل: «وخير الهدى هدى محمد»، وأما إذا صلى إماماً، فعليه ألا يطيل بما لا يشق على من ورائه لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا قام أحدكم للناس فليخفف الصلاة، فإن فيهم الصغير والكبير وفيهم الضعيف، والمريض، وذا الحاجة، وإذا قام وحده فليُطل صلاته ما شاء»، ووقت صلاة الليل من بعد صلاة العشاء إلى الفجر، وله أن يقنت بالدعاء الذى علمه النبى صلى الله عليه وسلم سبطه الحسن بن على رضى الله عنهما وهو: «اللهم اهدنى فيمن هديت وعافنى فيمن عافيت وتولنى فيمن توليت، وبارك لى فيما أعطيت، وقنى شر ما قضيت، فإنك تقضى ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، لا منجا منك إلا إليك» ويصلى على النبى صلى الله عليه وسلم أحياناً، لما يأتى بعده، ولا بأس أن يزيد عليه من الدعاء المشروع والطيّب الصحيح، ولا بأس من جعل القنوت بعد الركوع. صلاة التراويح وفى سياق متصل، يوضح الدكتور عطية مصطفى أستاذ الثقافة والدعوة ووكيل كلية الدعوة بالمنوفية، أن هناك إحاديث كثيرة دلت على استحباب قيام ليل رمضان واحتساب الأجر على الله تعالي، من هذه الأدلة، انه جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من قضاعة، فقال: يا رسول الله، أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك محمد رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وصمت الشهر، وقمت رمضان، وآتيت الزكاة؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم «من مات على هذا كان من الصديقين والشهداء»، موضحا أن الجماعة فى قيام رمضان، هى أفضل من الانفراد، مشيرا إلى أن السبب فى عدم استمرار النبى صلى الله عليه وسلم بالجماعة فى قيام ليل رمضان، هو خشيته صلى الله عليه وسلم، من أن تُفرض عليهم صلاة الليل فى رمضان، فيعجزوا عنها. وأوضح أنه يشرع للنساء حضورها ، ويجوز أن يجعل لهن إمام خاص بهن، غير إمام الرجال، فقد ثبت أن عمر رضى الله عنه لما جمع الناس على القيام، جعل على الرجال أبيّ بن كعب، وعلى النساء سليمان بن أبى حثمة، فعن عرفجة الثقفى قال: «كان على بن أبى طالب رضى الله عنه يأمر الناس بقيام شهر رمضان ويجعل للرجال إماماً وللنساء إماماً، قال: فكنت أنا إمام النساء» قلت: وهذا محله عندى إذا كان المسجد واسعاً، لئلا يشوش أحدهما على الآخر.