إذا كان الله سبحانه وتعالى قد جعل صيام نهار رمضان فريضة فقد جعل قيام ليله تطوعا، وقد أكد النبي، صلى الله عليه وسلم ذلك فى قوله: (فرض الله صيام رمضان وسننت لكم قيامه) ولهذا كان صلى الله عليه وسلم، يرغب أصحابه فى قيام ليل رمضان، وأكد العلماء أن صلاة التراويح تكون فى قيام شهر رمضان بعد صلاة العشاء مباشرة، مثنى مثني، على اختلاف بين الفقهاء فى عدد ركعاتها، واتفق الفقهاء على سنية صلاة التراويح للرجال والنساء. ودعا العلماء الى استثمار ليالى الشهر الكريم فى التقرب الى الله تعالي، باعتبارها فرصة لمغفرة الذنوب ورفع الدرجات، وذلك من خلال إحياء تلك الليالى المباركة بالقيام وتلاوة القرآن والاكثار من ذكر الله تعالي، وأكدوا أن صلاة القيام سنة، وأن تأديتها فى جماعة أفضل. ويقول الدكتور احمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء، ان هناك احاديث كثيرة دلت على استحباب قيام ليل رمضان واحتساب الاجر على الله تعالي، من هذه الادلة، انه جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من قضاعة فقال: يا رسول الله، أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك محمد رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وصمت الشهر، وقمت رمضان، وآتيت الزكاة؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم «من مات على هذا كان من الصديقين والشهداء» موضحا أن الجماعة فى قيام رمضان، هى أفضل من الانفراد، مشيرا الى ان السبب فى عدم استمرار النبى صلى الله عليه وسلم بالجماعة فى قيام ليل رمضان،هو خشيته صلى الله عليه وسلم، من أن تُفرض عليهم صلاة الليل فى رمضان، فيعجزوا عنها. حضور النساء ويشرع للنساء حضورها ، ويجوز أن يُجعل لهن إمام خاص بهن، غير إمام الرجال، فقد ثبت أن عمر رضى الله عنه لما جمع الناس على القيام، جعل على الرجال أبيّ بن كعب، وعلى النساء سليمان بن أبى حثمة، فعن عرفجة الثقفى قال: «كان على بن أبى طالب رضى الله عنه يأمر الناس بقيام شهر رمضان ويجعل للرجال إماماً وللنساء إماماً، قال: فكنت أنا إمام النساء» قلت: وهذا محله عندى إذا كان المسجد واسعاً، لئلا يشوش أحدهما على الآخر. واكد ان عدد ركعات قيام الليل هو إحدى عشرة ركعة، ونختار الا يزيد عليها اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يزد عليها حتى فارق الدنيا، فقد سئلت عائشة رضى الله عنها عن صلاته فى رمضان؟ فقالت: «ما كان رسول الله يزيد فى رمضان ولا فى غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلى أربعاً فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلى أربعاُ فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلى ثلاثاً، وله أن ينقص منها، حتى لو اقتصر على ركعة الوتر فقط، بدليل فعله صلى الله عليه وسلم وقوله، أما الفعل، فقد سئلت عائشة رضى الله عنها: بكم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر؟ قالت: «كان يوتر بأربع وثلاث، وست وثلاث، وعشر وثلاث، ولم يكن يوتر بأنقص من سبع، ولا بأكثر من ثلاث عشرة» وأما قوله صلى الله عليه وسلم فهو: «الوتر حق، فمن شاء فليوتر بخمس، ومن شاء فليوتر بثلاث، ومن شاء فليوتر بواحدة». القراءة وعن القراءة فى صلاة الليل فى قيام رمضان، يقول الدكتور سيف رجب قزامل العميد السابق كلية الشريعة بطنطا، إن النبى صلى الله عليه وسلم لم يحُد فيها حدا لا يتعداه بزيادة أو نقص، بل كانت قراءته فيها تختلف قصراً وطولاً، فكان تارة يقرأ فى كل ركعة قدر (يا أيها المزمل) وهى عشرون آية، وتارة قدر خمسين آية، وكان يقول: «من صلى فى ليلة بمائة آية لم يكتب من الغافلين»، وفى حديث آخر: «.. بمائتى آية فإنه يُكتب من القانتين المخلصين» وعلى ذلك فإن صلى القائم لنفسه فليطوّل ما شاء، وكذلك إذا كان معه من يوافقه، وكلما أطال فهو أفضل، إلا أنه لا يبالغ فى الإطالة حتى يحيى الليل كله إلا نادراً، اتباعاً للنبى صلى الله عليه وسلم القائل: «وخير الهدى هدى محمد»، وأما إذا صلى إماماً، فعليه ألا يطيل بما لا يشق على من ورائه لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا قام أحدكم للناس فليخفف الصلاة، فإن فيهم الصغير والكبير وفيهم الضعيف، والمريض، «وذا الحاجة، وإذا قام وحده فليُطل صلاته ما شاء». ووقت صلاة الليل من بعد صلاة العشاء إلى الفجر، وله ان يقنت بالدعاء الذى علمه النبى صلى الله عليه وسلم سبطه الحسن بن على رضى الله عنهما وهو: «اللهم اهدنى فيمن هديت وعافنى فيمن عافيت وتولنى فيمن توليت، وبارك لى فيما أعطيت، وقنى شر ما قضيت، فإنك تقضى ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، لا منجا منك إلا إليك» ويصلى على النبى صلى الله عليه وسلم أحياناً، لما يأتى بعده، ولا بأس أن يزيد عليه من الدعاء المشروع والطيّب الصحيح، ولا بأس من جعل القنوت بعد الركوع. ويقول الدكتور السعيد محمد على من علماء وزارة الأوقاف وإمام مسجد الحسين سابقا، ذهب الجمهور من الحنفية والحنابلة وبعض المالكية إلى أن صلاة التراويح هى (سنة مؤكدة)، كما أن النبي، صلى الله عليه وسلم قد رغب فى صلاتها، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى فرض صيام رمضان عليكم، وسننت لكم قيامه) سنن النسائي، كما قال صلى الله عليه وسلم (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)، أخرجه البخارى ومسلم، وروى أن النبي، صلى الله عليه وسلم قد أداها بضع ليال جماعة ثم لم يقم بالصحابة- رضى الله عنهم بقية الشهر- سنن أبى داود والترمذي- وواظب الخلفاء الراشدون من عهد عمر رضى الله عنه- على صلاتها جماعة فى الشهر كله، وهو الذى جمع الناس فيها على إمام واحد- أخرجه البخاري، ويضيف، إن الأئمة قد اختلفوا فى عدد ركعاتها، فمنهم من قال: عشرون ركعة، ومنهم من قال: إحدى عشرة ركعة، ومنهم من قال: ثلاث وعشرون ركعة، كما أنها تؤدى مثنى مثنى بعد صلاة العشاء، فرادى وجماعة، والجماعة أفضل، وثوابها غفران الذنوب.