قبل ان يحال مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 19/2020 بعد موافقة مجلس الوزراء إلى لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب. هناك العديد من النقاط نراها تمثل أهمية خاصة ونحن مازلنا فى مرحلة الإصلاح الاقتصادى، ومازلنا ننتظر نتائج هذا الاصلاح. فى البداية لعله من المفيد أن «نقترح» استحداث نص قانونى يتضمن مادة تنص على «اعطاء مجلس النواب الحق فى ايقاف انفاق المزيد من المصروفات حال تجاوز النسبة المتوقعة لعجز الموازنة» وهذا الذى نقترحه معمول به فى العديد من الدول. من حقنا أن نتساءل: ماهى مصادر تمويل الاستثمارات الحكومية، والمقدر لها ان تصل إلى 13% من اجمالى المصروفات مقابل 8% فى العام 15/2016؟ حيث اعتمدت الحكومة على تمويل جانب من الاستثمارات من خلال القروض لترتفع نسبة الفوائد من اجمالى المصروفات الحكومية فى مشروع الموازنة إلى 36٪ مقابل 30% عام 15/2016 وهو أمر صعب ان يستمر. هناك ايضا علامات استفهام حول قدرة الحكومة على تحقيق مزيد من الخفض فى عجز الموازنة فى المستقبل، خاصة، ان الخفض الذى تحقق كان على حساب مخصصات الدعم والمنح بالاساس، هذا بالاضافة إلى عدم تنويع مصادر الايرادات الضريبية على نحو كبير ورفض فكرة الضرائب التصاعدية دون مبرر. وهو ما يؤكد ضرورة المضى قدماً بخطى متسارعة فى الإصلاحات المؤسسية سواء على مستوى الحكومة المركزية أو على مستوى الهيئات الاقتصادية لزيادة كفاءة عملياتها وتخفيض نفقاتها دون المساس بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين. أيضا نتساءل: هل زيادة الاجور والمرتبات هو الاجراء الانسب لمواجهة التضخم، اخذا فى الاعتبارا انه حتى بعد الزيادات فى الاجور والمرتبات، مازال هناك «انخفاض فى الدخل الحقيقى للفرد» ينعكس ويظهر فى «القوة الشرائية»، علاوة على ان زيادة الاجور والمرتبات، تطبق فقط على الموظفين الحكوميين، فماذا عن الموظفين فى القطاع الخاص والمهن الحرة؟ والحكومة مطالبة بأن تفصح عن الإجراءات المتخذة لمساعدة جميع المواطنين على مواجهة التضخم فى ظل ضعف الرقابة على الاسواق! وضعف منظومة التجارة الداخلية وهى أحد أسباب التضخم. الحكومة مطالبة ايضا بأن تفصح عن الإجراءات التى ستتبع للتقليل من الاثر السلبى لبرنامج الاصلاح الاقتصادى على شرائح الدخل المتوسط والتى أشارت الدراسات إلى أنها أكثر الشرائح الاجتماعية تضررا. وأخيرا، وليس آخراً ماهى مصادر نمو الناتج المحلى الإجمالى والمستهدف ان يصل إلى 6% فمن الأهمية أن يتحقق هذا النمو من خلال تنمية القطاعات الانتاجية وعدم الاعتماد على المصادر الريعية وذلك لضمان استدامة معدلات النمو المرتفعة وإيجاد فرص عمل جديدة. وشخصيا لا أعترف بمعدل النمو، لأنه فى الأغلب معيار خادع، لذا يلزم معرفة المصادر التى أدت إلى هذا النمو والأهم لمن يذهب عائد هذا النمو، لذا فاننى أفضل أن ينصب حديثنا عن التنمية. هنا لابد أن نشير إلى أن معدل التضخم فى مصر يعانى خلال السنوات الأخيرة تقلبات مستمرة، تخلق حالة من عدم اليقين، وتحد من قدرة الأفراد على الدخول فى التزامات ادخارية طويلة الأجل، وهو ما يؤثر على معدلات الادخار الكلية، ومن ثم الاستثمار والنمو. الجدير بالذكر أن ارتفاع معدل التضخم يؤدى إلى تركيز الاستثمارات فى أنشطة غير انتاجية بسبب ارتفاع التكاليف، كما أنه يؤثر سلبياً على تنافسية الصادرات المصرية. لذا يلزم دعم الصناعة والتصدير. لمزيد من مقالات معتصم راشد